كاتب إسرائيلي: على الأقل انظروا الى القتل والتدمير في غزة وسترون ما الذي فعلناه

profile
  • clock 22 مارس 2025, 5:19:04 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
كاتب إسرائيلي: على الأقل انظروا الى القتل والتدمير في غزة وسترون ما الذي فعلناه

يجب علينا الآن إضافة الى كل الجرائم، اكثر من أي وقت مضى، جرائم الأغلبية الساحقة لوسائل الاعلام. إسرائيل تقوم بخرق اتفاق دولي تم التوقيع عليه بشكل متعمد وخبيث، وتنطلق الى هجوم وحشي منفلت العقال في قطاع غزة. في الضربة الأولى قتلت اكثر من 400 شخص، بينهم 174 طفل. 

إسرائيل نفسها اعترفت أن الهدف في هذه المرة لم يكن المخربين، بل المدنيين، وهذه جريمة حرب واضحة. القتل من اجل القتل، من اجل استئناف الحرب، من اجل الإبقاء على الحكومة، بعد انتهاء الانتقام والعقاب على 7 أكتوبر منذ فترة طويلة.

أي شيء من كل ذلك لن نجده في الأغلبية الساحقة لوسائل الاعلام الإسرائيلية: جثث ممزقة يتم حملها على العربات التي تجرها البهائم، وفي سيارات النقل أو السيارات الخاصة، أو يتم حملها بالأيدي، شباب ينبشون بالمطارق والأيدي العارية بين انقاض بيوتهم في ظل عدم توفر المعدات الهندسية لإنقاذ ناجين وإخراج بقايا اموات؛ المصابون ينزفون على الأرضية القذرة، في ما كان ذات يوم يسمى مستشفى؛ أطفال بملابس بالية يبحثون عن آبائهم، الآباء يحملون جثث الأبناء وهم بملابس بالية.

عشرات آلاف الأشخاص مرة أخرى ينطلقون الى رحلة حياتهم، اسراب من بني البشر يحملون على اكتافهم ما بقي لهم من عالمهم، ويهربون الى أي مكان. سيارات متعثرة وعربات تنهار من عدد النازحين الكبير عليها وأغراضهم، عشرات آلاف اللاجئين، للمرة الثانية والثالثة، يضطرون مرة أخرى للهرب من اجل النجاة بحياتهم، ولا يوجد مكان ليهربوا اليه. مبتورو الأرجل على الكراسي المتحركة يشقون الطريق في الرمال، الشيوخ مرميون على غطاء محركات السيارات، بقايا عائلات، التي فقدت اعزاءها في الجولة الأولى، تفقد الآن من بقي منهم؛ رغب القصف والخوف من الموت يلف الجميع.

أي شيء من ذلك لا نشاهده في معظم وسائل الاعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، فقط المخطوفين والاخطار التي تحدق بهم في القطاع. الخوف على حياتهم مفهوم ومبرر، لكن في قطاع غزة يعيش أيضا أناس غيرهم. اكثر من 2 مليون انسان للدقة. ماذا بالنسبة لهم؟ هل مصيرهم ضائع فقط لأنهم ليسوا إسرائيليين؟ لأنهم جميعهم مخربون، بما في ذلك الأجنة في بطون الحوامل اللواتي يهربن للنجاة بأنفسهن؟ هل لا يوجد واجب الإبلاغ عن كارثتهم؟ ولا يجب أن نعرف عن مصيرهم؟.

خيانة أمانة المهنة وهذه الحيانة المجرمة للاغلبية الساحقة لوسائل الاعلام، لم يعد بالإمكان غفرانها. يمكن أن يكون ذلك بعد 7 أكتوبر عندما كانت الدماء تغلي، رغم أن الصحافة الحقيقية كانت ملتزمة بتغطية كل الحقيقة حتى في حينه. ولكن الآن؟ عندما تتم تعبئة معظم وسائل الاعلام للنضال ضد الحكومة ومن اجل المخطوفين، وحتى المعلقين التابعين للمؤسسة والمحافظين يعترفون أن استئناف الحرب يشكل خسارة. ألا يوجد في فم وسائل الاعلام الإسرائيلية أي تهمة تسمى جرائم حرب؟ هل يجب القضاء على قطاع غزة الآن أيضا؟ اخفاءه؟ انكاره وقمعه؟ كل ذلك فقط من اجل إرضاء المستهلكين وعدم اغضابهم لا سمح الله؟.  

لو أن معظم وسائل الاعلام الإسرائيلية قامت بدورها الأساسي وأظهرت غزة مثلما هي في الفترة الأخيرة، لكان يمكن الافتراض بأن السماء لن تسقط وأن لا أحد يمكن أن يغير رأيه. حتى الآن لم يولد الطفل الفلسطيني، اليتيم أو مبتور الأيدي الفلسطيني، الذي سينجح في تحريك مشاعر التيار العام في إسرائيل الذي دائما سيجد المبرر لتسويغ كل المظالم. الكثير من الإسرائيليين يستمرون في الاعتقاد بأن غزة تستحق كل ذلك، وأنه لا يوجد فيها أبرياء، وأن سكانها هم الذين يتحملون الذنب عن مصيرهم. هذا جيد، ولكن ترف عدم الرؤية، وبالاساس عدم الاظهار، لا يمكن قبوله.

قمتم بالقتل، الطرد والتدمير، على الأقل شاهدوا ذلك. من أين هذه الوقاحة كي لا تقوموا بالنشر، ومن أين هذه الوقاحة كي لا تريدون المشاهدة؟ احتفلوا إزاء كل غزي يتيم ومصاب، احتفلوا بكل بيت تم تدميره، اضحكوا على كل أب يقبل جثمان ابنه، افرحوا من كل معاق على كرسي متحرك، غنوا “حربو دربو”. ولكن على الأقل اعرضوا وشاهدوا ما الذي فعلناه، شاهدوا ما الذي فعلناه بهم.

المصادر

بقلم: جدعون ليفي
المصدر: هآرتس

التعليقات (0)