تكبير الخط تصغير الخط

يُحكى أنّ:  أجدادنا المصريين ذهبوا إلى فرعون في عالمه الافتراضي  يستعتبونه  بشأن حادثة الغرق إيّاها ويُسئلونه عن حقيقة ما كان يدّعيه في تصريحاته من مثل "أنا ربكم الأعلى".

وهل كنت تعي حقاً ما تقول: ردّ فرعون: نعم كنت أعي وأعني ما أقول! ثم استدرك قائلاً:  ولكني لم أكن أُجِيْدُ العَوم!.

هكذا هو ترامب اليوم، وما أشبهه بالفرعون. حالة من قصور الرؤية للعالم من حوله، حالة يجد فيها الحاكم نفسه مضطراً لخلق واقع خيالي حسب الصورة الذهنية التي يرى عليها العالم! صورة  يرى فيها نفسه الحاكم الأوحد، وكل مَن هم دونه في المرتبة محض تنفيذيين ليس لهم من دور سوى تحقيق رؤيته المريضة، وتحويلها من حالتها الهلامية الهيستيرية إلى حالة واقعية مُدرَكة وملموسة، فإن عجزوا في مهمتهم تلك، فالذنب حتماً ذنبهم، أو لعلّهم لا يُجيدون العَوم!.

ترامب حاكم أكبر دولة في العالم وقطبه الأوحد اليوم يعجز عن تصوُّر الأرض الفلسطينية على حقيقتها. وإنما يراها حسب الصورة الذهنية لديه لا تعدو كونها رأس قلم رصاص على حدّ تعبيره، ومن ثم يرى أن الكيان الاسرائيلي و مِن أجل أن يكون له دولة تملأ العيون فلابد أن تتسع رقعته الجغرافية حتى يتحقق تمام الانطباق بين الصورة الذهنية التي يتخيلها لدولة الاحتلال و الحقيقة الواقعية للأرض!.

إنه وبسياحة بسيطة في دماغ هذا الرجل فلن تجد فيها أي صورة حالية أو مستقبلية لأهل البلاد الأصليين ولا لأي أرض يمكن أن تقوم لهم عليها دولة. بل ويمكنك أن ترى دولة الاحتلال ممتدة في كل الأنحاء، وقد ضمت إليها المزيد من أراضي الدول العربية المحيطة حتى تتحول صورة رأس القلم المثلثة إلى أيّ صورة أُخرى مربعة أو مستديرة أو أي شكل آخر يتفق مع صورة ترامب المتخيّلة  لدولة الاحتلال المِسخ!.

وهنا يمكنني أن أُسائل الرجل ذا الدماغ المُنْتفِخة: هل أنت بكل تلك الصور المريضة في عقلك تكون قد حققت للكيان المحتل صورة حقيقية للدولة؟ وهل الدولة حقاً هي محض أرض مهما اتسعت تلك الأرض ؟

أراك حقاً وأنت زعيم أكبر دولة؛ يقصر علمُك عن معرفة شروط قيام أيّ دولة!.

 أليس لأيّ دولة حتى تقوم – أن يكون لها دستور؟ فأين هو دستور دولة الاحتلال المزعومة؟!

أليس من شروط الدولة أيضاً حتى تقوم – أن يكون لها حدود؟ فأين هي حدود دولة اسرائيل؟ هل هي حدود رأس القلم أم يليق بها حدود شبه المنحرف؟ أم تمتد وتمتد حتى تشمل حدود دائرة الأرض؟!

ثم أليس من شروط قيام دولة أن يكون لديها تعريف واضح لشخصية الفرد الذي يسكن تلك الدولة؟ فهل لديك حقاً هذا التعريف؟!

اعقل يا رجل و عُدْ إلى رشدك. أو عُد إلى ما يلائم تلافيف عقلك كتاجر عقار شاطر يجيد فنون المراوغة والمداورة والمساومة والبذار، ولا عليك من  أصول وقواعد إدارة وسياسة البلاد والشعوب، أراك بعيداً كل البعد عن صفات وسمات رجالات الحكم والحكمة. بل أنت المثال الأقرب للصورة المقلوبة لصفات أهل الإدارة و السياسة والحكم والحكمة.