تكبير الخط تصغير الخط

في خطوة غير مسبوقة، قدمت منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة ، طلبا رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد أعضاء الإدارة السابقة لجو بايدن والرئيس السابق، لتورطهم في جرائم الحرب الإسرائيلية والجرائم ضد الإنسانية في غزة.

دعت منظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن (Dawn) إلى إجراء تحقيق رسمي في تصرفات بايدن، ووزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع السابق لويد أوستن، ومسؤولين أمريكيين آخرين.

تأسست “Dawn داون” على يد الصحفي السعودي جمال خاشقجي - الذي كتب لصحيفة ميدل إيست آي وصحيفة واشنطن بوست - وقُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا عام 2018. تدعم داون الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتعمل على إنهاء الدعم الأمريكي للحكومات المسيئة وغير الديمقراطية في المنطقة.

وقال ريد برودي، عضو مجلس إدارة صحيفة داون والمحامي المخضرم في جرائم الحرب: "هناك أسباب قوية للتحقيق مع جو بايدن وأنطوني بلينكين ولويد أوستن بتهمة التواطؤ في جرائم إسرائيل". وأضاف: "القنابل التي ألقيت على المستشفيات والمدارس والمنازل [الفلسطينية] هي قنابل أمريكية، وحملة القتل والاضطهاد نُفذت بدعم أمريكي. كان المسؤولون الأمريكيون على دراية بما تفعله إسرائيل بالضبط، ومع ذلك لم يتوقف دعمهم أبدًا".

والولايات المتحدة وإسرائيل ليستا من الدول الموقعة على نظام روما الذي أسست عليه المحكمة الجنائية الدولية .

إذن لماذا نقل القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

وقال رائد جرار، مدير الدعوة في صحيفة "داون"، لموقع "ميدل إيست آي": "لقد حاولنا كل السبل الممكنة في الولايات المتحدة لوقف تدفق الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل، والاتصال بالمسؤولين وممارسة الضغط عليهم، والعمل مع الكونجرس وتقديم دعوى قضائية".

"ولم تؤد أي من هذه الإجراءات التي اتخذها أي من شركائنا إلى اتخاذ أي إجراءات للمساءلة أو تعليق إرسال الأسلحة إلى إسرائيل. ولم يبق أمامنا سوى خيار اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وأضاف جرار أن "داون" استأجرت فريقاً قانونياً أوروبياً يتكون من محامين مسجلين لدى المحكمة الجنائية الدولية.

تفاصيل الدعوى

في تقريرها المكون من 172 صفحة، حثت منظمة داون المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق مع المسؤولين وملاحقتهم قضائيا بسبب أدوارهم في مساعدة وتحريض جرائم الحرب الإسرائيلية من خلال تقديم الدعم العسكري والسياسي والعام لإسرائيل، مع العلم أن الأسلحة والاستخبارات الأمريكية كانت تستخدم لارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف المدنيين والتهجير القسري والإبادة الجماعية.

ويشمل الدعم المادي ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار من نقل الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والمساعدة في الاستهداف، والحماية الدبلوماسية، والتأييد الرسمي للجرائم الإسرائيلية على الرغم من العلم بأن مثل هذا الدعم ساهم وسيساهم إلى حد كبير في تمكين ارتكاب انتهاكات جسيمة.

وتقول "داون" إنها قدمت اتصالها إلى المحكمة الجنائية الدولية ردًا على دعوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023  للأطراف لتقديم المعلومات ذات الصلة بالتحقيق الذي يجريه مكتبه.

وتقول المنظمة إن المساعدة والتحريض على مثل هذه الجرائم يعد جريمة جنائية دولية، وأن المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها المحكمة الجنائية الدولية الدائمة الوحيدة على مستوى العالم، هي المكان المناسب لمقاضاة مثل هذه الجرائم، خاصة وأنه لا يوجد خيار أمام هؤلاء المسؤولين لمواجهة الملاحقة القضائية على جرائمهم في الولايات المتحدة.

كما أوضحت منظمة داون في تقريرها كيف أن تصرفات أعضاء الإدارة الأمريكية السابقين تفي بالمعيار القانوني للمساعدة والتحريض بموجب المادة 25 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يجرم تسهيل ارتكاب الجرائم عن علم.

وجاء في بيان صحفي صادر عن “داون”: "يُظهر التقرير أن بايدن وبلينكن وأوستن كانوا على علم بكيفية استخدام مساعدتهم لارتكاب الجرائم".

وتقول المجموعة إن مسؤولي إدارة بايدن تدخلوا مرارًا وتكرارًا لعرقلة الجهود الرامية إلى الحد من المساعدات العسكرية الأمريكية على الرغم من علمهم بدورها في تسهيل جرائم الحرب الإسرائيلية.

"وفي الواقع، فقد عملوا على ضمان استمرار الدعم الأمريكي على الرغم من إدراكهم أن مثل هذا الدعم ينتهك القوانين الأمريكية التي تحظر تقديم المساعدة العسكرية لقوات الأمن المسيئة، وتجاهلوا الالتماسات من جانب المسؤولين والوكالات التابعة للأمم المتحدة، وتحدوا أوامر محكمة العدل الدولية بوقف بيع ونقل وتحويل الأسلحة إلى إسرائيل والتي يمكن استخدامها لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة"، بحسب صحيفة داون.

ومن بين المسؤولين الآخرين في الإدارة الذين حثت صحيفة داون المحكمة الجنائية الدولية على فحصهم في مذكرة قدمتها جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي آنذاك؛ وجينا رايموندو، وزيرة التجارة آنذاك؛ وبوني جينكينز، وكيلة وزارة الحد من الأسلحة والأمن الدولي آنذاك؛ وستانلي إل براون، القائم بأعمال مساعد وزير الشؤون السياسية والعسكرية؛ وأماندا دوري، القائمة بأعمال وكيل وزير الدفاع للسياسة؛ ومايك ميلر، القائم بأعمال مدير وكالة التعاون الأمني ​​الدفاعي.

وقال عضو مجلس الإدارة برودي خلال مؤتمر صحفي عقد يوم الاثنين إنه لا يعرف المدة التي ستستغرقها المحكمة الجنائية الدولية لمعالجة قضيتهم.

قدمت منظمة "داون" وثيقتها إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 19 يناير، نحو نهاية ولاية الإدارة الأخيرة، لكنها لم تعلن عنها، على أمل تجنب فترة انتقال الحكومة الأمريكية الأولية من إدارة بايدن إلى إدارة دونالد ترامب.

وقد فرضت إدارة ترامب بالفعل عقوبات على خان ومسؤولين آخرين في المحكمة الجنائية الدولية، لكن صحيفة داون تأمل أن يكون الإجراء القانوني بمثابة تذكير للإدارة الحالية.

وقال جرار لموقع ميدل إيست آي: "نحن لا نعمل في فراغ. ورغم أن هذا يركز على إدارة بايدن، فإننا نأمل أن تقرأه إدارة ترامب وتأخذه كدعوة للاستيقاظ؛ وإلا، فسوف يتحملون المسؤولية الجنائية أيضًا".