-
℃ 11 تركيا
-
1 مارس 2025
هآرتس: الحل في غزة.. إدارة مصر للقطاع مؤقتا في مقابل شطب دينها الكبير
هآرتس: الحل في غزة.. إدارة مصر للقطاع مؤقتا في مقابل شطب دينها الكبير
-
28 فبراير 2025, 11:52:29 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: رئيس المعارضة يائير لبيد
بعد عام ونصف العام تقريباً، ما زال العالم مصدوماً لأن "حماس" لا تزال تسيطر على غزة. لقد نجحت الحركة في تجنيد عدد كبير من المقاتلين الجدد، بينهم أولاد (متوسط أعمارهم 16 عاماً ونصف العام)، وهي تسيطر على المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء القطاع. وخلال تسليم المخطوفين، تقيم "حماس" احتفالات "مريضة"، فهي لم تتغير، ولا تزال تنظيماً "إرهابياً"، مثلما كانت دائماً.
لا شك في النجاح العسكري التي حققته إسرائيل. ولا أحد في العالم، باستثناء بعض الراديكاليين في الجامعات، يشكك في بطولة وشجاعة الجنود الإسرائيليين، وفي أن هذه الحرب هي "حرب عادلة" ضد "إرهابيين" ارتكبوا "فظائع" لا يمكن تصوُّرها. ولا أحد يمكنه أن ينكر الحاجة إلى عملية عسكرية صارمة، بعد "الفظائع" التي ارتُكبت في 7 أكتوبر.
لكن استخدام القوة يشكل أداةً، وليس هدفاً. إن ما ينقص حربنا العادلة الهدف. لقد فشلت حكومة إسرائيل في تقديم بديل واقعي من "حماس"، أو سلطة يمكنها أن تضمن للشعب الإسرائيلي ألّا تشكل "حماس" تهديداً له بعد الآن، وتضمن لسكان غزة ألّا تحكمهم "حماس" بعد اليوم. لقد أهملت حكومة نتنياهو مبدأً أساسياً للخروج من الحرب: لا يمكن خوض معركة من دون صورة واضحة لـ "اليوم التالي"، ومن دون هدف سياسي نهائي وواضح.
الهدف السياسي هو إيجاد حلّ لقطاع غزة. لا تستطيع إسرائيل قبول بقاء "حماس" في الحكم، والسلطة الفلسطينية غير مستعدة، أو مؤهلة، لإدارة غزة في المستقبل القريب. والاحتلال الإسرائيلي للقطاع غير ممكن، وغير مرغوب فيه، كما أن وضع الفوضى المستمرة يشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل وكارثة إنسانية على غزة.
هناك حلّ لقطاع غزة يقدم البديل الذي نبحث عنه والاستقرار الذي نحتاج إليه. هذا الحل هو أن تتسلم مصر المسؤولية عن إدارة القطاع مدة 8 أعوام، مع إمكان التمديد حتى 15 عاماً. تكون غزة خلالها تحت حُكم مصري موقت. خلال هذه الفترة، يُصار إلى إعادة إعمار غزة، وخلق شروط بعيدة المدى لنشوء حُكم ذاتي. وقبل أن تقوم السلطة الفلسطينية بلعب دور مهم في إدارة غزة، يتعين عليها تنفيذ إصلاحات كبيرة في منظومة التعليم، لمنع التحريض، ومحاربة الفساد، وتحسين فعاليتها بصورة كبيرة ككيان حاكم.
خلال الأعوام الثمانية، تعمل مصر على تدمير البنى التحتية "للإرهاب" التي بقيت في القطاع، بينها الأنفاق ومنشآت تصنيع السلاح، ويقام جهاز أمني مصري - إسرائيلي - أميركي مشترك، يضمن تطبيق الاتفاق، ويمنع "حماس" من العودة إلى إعادة بناء قوتها العسكرية. وسيكون نزع السلاح من غزة شرطاً أساسياً للبدء بإعادة إعمار القطاع وإنهاء الحرب. بعد اليوم، لن نقبل واقعاً يسيطر فيه على غزة تنظيم "إرهابي" يشبه حزب الله في لبنان.
تُعتبر مصر شريكة استراتيجية يمكن الاعتماد عليها. وهي تلعب دوراً قيادياً في العالم العربي، والرئيس عبد الفتاح السيسي هو زعيم براغماتي يعارض التطرف الإسلامي و"الإرهاب" بوضوح. وهناك علاقة تاريخية بين مصر والقطاع ومصلحة عميقة في تحقيق الاستقرار في المنطقة. في الماضي، سيطرت مصر على غزة طوال 18 عاماً (من سنة 1948 وحتى سنة 1967). وشهدت هذه السنوات هدوءاً نسبياً.
يجب أن تُستخدم السيطرة على غزة كرافعة لمساعدة مصر على مواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. إن الوضع في مصر غير بسيط، وهناك حاجة إلى إطعام نحو 120 مليون إنسان، مع زيادة سكانية 2% تقريباً سنوياً. يبلغ الدين الخارجي لمصر 155 مليار دولار، الأمر الذي يُلحق الضرر بقدرتها على التعافي من الأزمة الاقتصادية، ويؤثر في قدرتها على الحصول على قروض. إن وباء الكورونا وحرب غزة ألحقا ضرراً كبيراً بالصناعة والسياحة، كذلك، أضرّ "إرهاب" الحوثيين بشدة بالمداخيل من قناة السويس.
إن عدم الاستقرار في مصر هو خبر سيئ للشرق الأوسط برمته. والبديل من الزعامة القوية والمعتدلة والبراغماتية للرئيس السيسي هو صعود الإخوان المسلمين، أو ما هو أسوأ من ذلك. وتشكل مصر القوية والمستقرة والمزدهرة مصلحة إقليمية، وضعفها يمكن أن يخلق تأثير ظاهرة دومينو خطِرة في المنطقة كلها.
في مقابل قبول مصر المسؤولية الموقتة عن قطاع غزة، يمكن للمجتمع الدولي وحلفائها الإقليميين تغطية دينها الخارجي على مدى عدة سنوات. وتقوم مصر بقيادة عملية إعادة إعمار غزة مع الأميركيين (حسبما اقترح الرئيس ترامب)، وبدعم وتأييد إقليميَّين، وبموافقة مجلس الأمن في الأمم المتحدة.
إن مشروع إعادة إعمار غزة سيكون أحد أكبر المشاريع الاقتصادية في الشرق الأوسط (إلى جانب إعادة إعمار سورية). وإدارته ستؤدي إلى نمو الاقتصاد المصري وازدهاره، بعد فترة عصيبة.
هذه الخطة التي قدمتها في الأسبوع الماضي تقدم حلاً لمشكلتين مركزيتين لم نتوصل حتى الآن إلى حلهما، ولهذه الخطة ميزة أُخرى، هي أنها بسيطة، ويمكن تطبيقها. لقد جرى هذا في الماضي، ويمكن أن يبدأ غداً.
المصدر: هآرتس








