اكتر شئ يضايقني الصفحات المملة التي تكثر الحديث عن حكم التاريخ..تجاربه ..عظمة الاسلاف الصالحين ..ليس لعدم احترامي  لهؤلاء الأوائل المحترمين جدا جدا ..لكن لاعتقادي بأن هذه النظرة تنطوي علي قدر كبير من عدم القدرة علي رؤية الواقع المعاش بمافية من جمال وقبح وصمود وتردي وتحدي يصل لمرحلة الشهادة والفدائية..

عندما يترك احدهم قصره المنيف ..منصبه..راتبه المحسود..يترك كل هذا ليدخل السجن بقدميه ثمنا لكلمته الحرة النزيهة.. 

ملايين الآباء والأمهات من يقاتلون من أجل لقمة العيش الكريمة لابنائهم..  يحرموا أنفسهم جرعة الدواء ليوفروها خبزا للاخرين..

اري منذ لحظات في الشارع امرأة عجوز بطبق كبير تبيع جبن بلدي بقروش قليلة..وسط حرارة الجو 

مطاردة موظفي المجلس البلدي المرتشين . .إنها انبل من كل نساء التاريخ الحديث والقديم العظيمات التي يروي لنا امجادهن كتاب التاريخ وخطباء المساجد..

الموظف او العامل الشقيان.. المغترب من أجلنا اكثر بطولة من جيفارا وجمال عبدالناصر وكل الفاتحين العرب والعجم !! 

كما ان كثرة الكلام المثالي الديني والتاريخي يجعلنا نورانيين منفصلين عن الدنيا والواقع  نتوهم  ان البطولات لا تحدث حولنا وان مكانها صفحات التاريخ  والكتب السماوية والايدولوجيات السياسية..اضافة لان طلب العلم في تاريخ القدماء فقط لاغير يحولنا لشيع وقبائل ..هذا ناصري وهذا شيوعي.. ديني..لاديني..سني..شيعي.. مسلم..مسيحي وخلافة..وهذا سر تخلفنا !!

البطولة الحقيقية ..هي رؤية الواقع ..معايشته بكل ايجابياته وسلبياته ..لا اطلب منكم عدم قراءة التاريخ وحكمه لكن التاريخ جزء من الواقع وليس كل الواقع..يعني نقول مثلا 20 % تاريخ وآل 80 % واقع حي معاش..

مطلوب اعادة قراءة الناس..الشارع 

..التاريخ..البشر..نحبهم ..نتحملهم..يتحملونا ..طولت عليكم..سلام !!