- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
الردع في المنطقة الرمادية.. استراتيجية إيران لمواجهة الولايات المتحدة
الردع في المنطقة الرمادية.. استراتيجية إيران لمواجهة الولايات المتحدة
- 26 فبراير 2023, 6:53:07 ص
- 350
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي"، الضوء على ما اعتبره نجاحا لاستراتيجيات الردع التي تمارسها إيران، في إدارة المواجهات مع خصومها في "المنطقة الرمادية".
ويعني الردع في المنطقة الرمادية القدرة على العمل في المجالات غير الواضحة، من خلال التهديدات المختلطة والهجمات السيبرانية والحروب غير النظامية، وتعرف بأنها "المنطقة الواقعة بين الحرب والسلام".
ويبرز التحليل الذي كتبته الباحثة "صبرا وسيم"، حرص إيران على تطوير قدراتها في هذا الجانب، على خلفية طموحها المتجذر في أن الهيمنة على الشرق الأوسط، وردع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتعلمت إيران دروسًا من الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت 8 سنوات، حيث توفي ما يقرب من ربع مليون إيراني متأثرين بجروحهم، وهو ما دفع طهران لتنبي القدرات غير النظامية.
وتشير الباحثة إلى أن إيران نشرت قدرات عسكرية مختلطة في ساحة المعركة جنبًا إلى جنب مع القوات النظامية، ما مكنها من تجنب خوض مواجهات مباشرة غير متكافئة مع خصومها.
عمق استراتيجي
وبجانب ذلك، استغلت إيران كذلك عمقها الجغرافي الاستراتيجي قرب مضيق هرمز، من خلال نشر قوات بحرية قادرة على إلحاق الضرر بشحنات النفط في المنطقة.
وتستخدم إيران القوارب الصغيرة والألغام والغواصات الشبحية والطائرات بدون طيار والذخائر الموجهة بدقة لرد المجموعات البحرية الضاربة التي تقودها حاملات الطائرات الأمريكية العاملة في المنطقة.
ويذكر التحليل أنه على سبيل المثال، جرى في عام 1983، قصف ثكنة مشاة البحرية عبر حزب الله اللبناني الذي أجبر قوات حفظ السلام الأمريكية على الخروج من لبنان.
وبالمثل، في 2019، وجهت طهران عشرات الضربات بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز ضد البنية التحتية النفطية السعودية بدافع الاستفادة من تعطيل إنتاج النفط في المنطقة.
وفي بلدان عدة تعمل الميليشيات الإيرانية كقوات الحشد الشعبي في العراق، ويمنح الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن طهران ساحة معركة إضافية للمواجهة مع السعودية.
ويشير التحليل أنه على مستوى الصواريخ، أطلقت إيران في عامي 2017 و 2018 صواريخ على أهداف لتنظيم الدولة في سوريا وأهداف كردية في شمال العراق، وتعمل طهران الآن على تطوير قدراتها الصاروخية بشكل أكبر.
تردد أمريكي ورد إسرائيلي
وإزاء ذلك، تحايلت الولايات المتحدة بشكل عام للرد، لكنها في بعض الأحيان استعرضت قوتها العسكرية. ففي عام 2007، داهمت الولايات المتحدة في أربيل مكتب الاتصال الإيراني واحتجزت 5 دبلوماسيين إيرانيين.
واستخدمت الولايات المتحدة حلفاءها، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، الذين فرضوا حظراً على السفر على شركة الطيران العسكرية الإيرانية "ماهان إير".
وكانت الخلافات بين القيادة الأمريكية العليا واضحة عندما هدد الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" آنذاك بضرب المواقع الثقافية الإيرانية، بينما رفض وزير الدفاع ذلك على الفور.
وينوه التحليل إلى أن الرد الإسرائيلي في التعامل مع إيران كان أنجع من الرد الأمريكي وقدم دروسا قوية للولايات المتحدة في وضع حد لإيران.
ومع ذلك، ليس من الحقائق الخفية أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل بعض عملياتها. ففي ظل إدارة "ترامب"، وجهت إسرائيل بدعم من أمريكا ضربات ضد كبار مسؤولي الدفاع الإيرانيين، مثل كبير العلماء النوويين الإيرانيين، "محسن فخري زاده"، وقائد فيلق القدس "قاسم سليماني".
وقد وجدت طهران نفسها غير قادرة على الانتقام، كما نجحت الضربات في كشف الخلل الاستراتيجي لإيران وخوف النخب من تعرضها للاستهداف.
على جانب آخر، تشير الباحثة إلى أن إسرائيل نفذت ضرباتها على الساحات الرئيسية لطهران، وتحديداً في سوريا، بدعم من الولايات المتحدة. وقد مارست طهران الحذر في الرد هلى هذه الضربات، وشكك هذا في مدى فاعلية ردع طهران بين جماهيرها وقيادتها.
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، وتحديداً في أوائل عام 2017، نفذت إسرائيل أكثر من 200 غارة جوية داخل سوريا ضد أكثر من 1000 هدف مرتبط بإيران وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي.
ورغم التردد والتخبط الأمريكي، يشير التحليل إلى أن مخاوف طهران بشأن القفزات التكنولوجية الأمريكية مثل الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت والذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والقوة الجوية لا تزال حاضرة.
وعلى سبيل المثال أثار خروج الولايات المتحدة عام 2019 من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى القلق داخل طهران، خوفًا من أن تشن الولايات المتحدة هجومًا مفاجئًا ضدها.
وترى الباحثة أن طهران تمتلك ميزة على الولايات المتحدة لمتابعة مصالحها الوطنيةـ وأنه يجب أن تدرك الأخيرة العناصر الأساسية لاستراتيجية المنطقة الرمادية لإيران القائمة على المرونة التكتيكية، والحسابات الاستراتيجية، وعدم اليقين، وضبط النفس، والقدرة على الإنكار، وهي استراتيحية تحفزها مشاعر العزلة الإقليمية والمبادئ الإيرانية المناهضة للإمبريالية.
المصدر | صبرا وسيم/موديرن ديبلوماسي