- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
الطاف موتي يكتب: ما مصير مجموعة “فاغنر” بعد مصرع بريغوجين؟
الطاف موتي يكتب: ما مصير مجموعة “فاغنر” بعد مصرع بريغوجين؟
- 4 سبتمبر 2023, 4:58:50 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تواجه مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية خاصة سيئة السمعة شاركت في صراعات وخلافات حول العالم، مستقبلاً غامضاً بعد وفاة مؤسسها وزعيمها يفغيني بريغوجين في حادث تحطم طائرة بالقرب من موسكو. وكان يُنظر إلى بريغوجين، والمشهور بطباخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أنه العقل المدبر وراء عمليات فاغنر التي خدمت مصالح الكرملين في أماكن مثل أوكرانيا وسوريا وليبيا وفنزويلا والعديد من البلدان الأفريقية.
إلى جانب بريغوجين، كان هناك أيضاً شخصيتان رئيسيتان أخريان من فاغنر على متن الرحلة المنكوبة: ديمتري أوتكين، القائد الميداني الذي أعطى المجموعة اسمها، وفيتالي تشيكالوف، رئيس الخدمات اللوجستية الذي أشرف على توريد الأسلحة والمعدات لمقاتلي فاغنر.
إن فقدان هؤلاء الرجال الثلاثة يترك فراغاً كبيراً في فاغنر على مستوى القيادة، وخصوصاً أن مقتل الثلاثة أتى بعد محاولة بريغوجين الفاشلة للقيام بانقلاب ضد بوتين في يونيو/حزيران الماضي. حيث كانت مغامرة خطيرة من من قبل بريغوجين لتحدي سلطة بوتين وتأكيد نفوذه في روسيا والخارج.
لكن لم تأتِ أكلها بل ارتدت هذه الخطوة بنتائج عكسية عليه وعلى المجموعة كلها، حيث واجهوا عواقب وخيمة بسبب تمردهم، فتم تقليص دور فاغنر في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بشكل كبير، ووضعت أصولها وعقودها في أفريقيا تحت التدقيق والضغط من قبل الكرملين. بينما حاول بريغوجين يائساً إنقاذ سمعته وأعماله من خلال نشر مقاطع فيديو وبيانات من أفريقيا، حيث ادعى أنه يقوم بتجنيد مقاتلين ومستثمرين جدد لفاغنر. ولكن جهوده كانت قليلة جداً ومتأخرة جداً.
أما عن السؤال الأهم اليوم، ما بعد رحیل بريغوجين، ماذا سيحدث لفاغنر؟ وهل ستصمد بدونه؟ هل ستجد قائداً جديداً أم راعياً جديدًا؟ هل ستتفكك أم سيتم استيعابها من قبل مجموعات أخرى؟ هذه بعض الأسئلة التي يطرحها المحللون والمراقبون في أعقاب تحطم الطائرة. ولا توجد إجابات واضحة بعد، ولكن يمكن تصور بعض السيناريوهات المحتملة.
أحد السيناريوهات هو أن فاغنر سينهار بدون بريغوجين، إذ لم يكن بريغوجين هو الممول والاستراتيجي لشركة فاغنر فحسب، بل كان أيضاً القائد الذي يحظى بالولاء والاحترام من رجاله، حيث كان يتمتع بأسلوب قيادة كاريزمي وسلطوي يناسب طبيعة مجموعة مرتزقة تعمل خارج القانون وتحت الرادار.
وبدونه، ربما قد تفقد فاغنر تماسكها واتجاهها وقد ينشق مقاتلوها أو يهربون إلى مجموعات أو دول أخرى. وهذا السيناريو أكثر ترجيحاً إذا لم يكن هناك خليفة واضح أو وريث واضح لتولي دوره.
سيناريو آخر هو أن فاغنر ستبقى على قيد الحياة بدون بريغوجين، ولكن مع قائد مختلف أو راعٍ مختلف. ويفترض هذا السيناريو أن هناك شخصاً داخل فاغنر أو خارجه يمكنه أن يحل محل بريغوجين ويتولى مسؤولية المجموعة. قد يكون هذا شخصاً من الدائرة الداخلية لبريغوجين مثل ابنه أو نائبه أو شخص من فصيل آخر داخل فاغنر. بدلاً من ذلك، يمكن أن يكون هذا شخصاً من خارج فاغنر يمكنه توفير الحماية والدعم للمجموعة، مثل أوليغارشية أخرى.
السيناريو الثالث هو أن يتم استيعاب فاغنر من قبل مجموعة أخرى أو من قبل الدولة الروسية. ويعني هذا السيناريو أن فاغنر ستفقد استقلاليتها النسبية التي كانت تتمتع بها وهويتها كشركة عسكرية خاصة، وستصبح جزءاً من كيان أكبر يمكنه التحكم في أنشطتها ومواردها. قد تكون هذه شركة عسكرية خاصة أخرى يمكنها الاندماج مع فاغنر أو الاستحواذ عليها، مثل ريدوت، وهي مجموعة منافسة تسيطر عليها المخابرات الروسية، ويُنظر إليها على أنها خليفة محتمل لفاغنر بعد وفاة بريغوجين.
قد تكون هذه هي الدولة الروسية نفسها، التي يمكنها دمج فاغنر في هياكلها العسكرية الرسمية أو وحدات العمليات السرية. هذا السيناريو أكثر احتمالاً إذا قرر الكرملين الاستيلاء على فاغنر وتطويعها داخل مؤسساته بشكل رسمي. ففي حديث أجراه الرئيس فلاديمير بوتين لاحقاً مع مراسل جريدة "كوميرسانت" Kommersant الروسية الحكومية، كشف أنه قدم خيارات متعددة لقوات فاغنر، من بينها الاستمرار في أنشطتهم بقيادة أندريه تروشيف، وهو قائد متقاعد من الجيش الروسي برتبة عقيد ولا يزال من القياديين في مجموعة فاغنر، وكان أندريه تروشيف ممن رفضوا التمرد على الكرملين، ورفض الاصطفاف وراء بريغوجين، ويعرف بلقب "الأشيب" وبالروسية Sedoy.
وبما أن السلطات الروسية أكدت وفاة بريغوجين، فمن الواضح أنه لم يعين زعيماً جديداً لفاغنر قبل وفاته. ومع ذلك، وفقاً لبعض المصادر، فالمرشح لقيادة المجموعة هو أنطون يليزاروف، وهو أيضاً أحد قياديي فاغنر، وجندي سابق في الجيش الروسي. وهو قائد لا يرحم شارك في بعض من أعنف المعارك في أوكرانيا وسوريا.
وترددت شائعات في الأيام الأخيرة عن أن يليزاروف يتولى مسؤولية فاغنر بعد حادث الطائرة الذي أودى بحياة بريغوجين وتسعة آخرين. ويحمل يليزاروف داخل فاغنر الاسم الحركي "لوتس"، وحسب معلومات غير مؤكدة، التحق بالمجموعة عام 2016، وقاتل ضمن صفوفها في سوريا وليبيا وأفريقيا الوسطى، ثم انتقل للقتال مع فاغنر في أوكرانيا في سبتمبر/أيلول 2022. ويقال إن إيليزاروف الجديد كان مقرباً من بريغوجين ومخلصاً لرؤيته للمجموعة. ولذلك، ربما قد تستمر فاغنر في العمل معه كما كانت من قبل، كأمير حرب جديد للمجموعة.
بعد موت بريغوجين، يقف مستقبل فاغنر اليوم أمام 3 خيارات؛ هي إما الانحلال الكامل، أو الاندماج في صفوف الجيش النظامي الروسي، أو البحث عن قائد جديد للمجموعة.