- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
القوات الأمريكية في سوريا.. حرب منخفضة المستوى لمواجهة إيران وروسيا
القوات الأمريكية في سوريا.. حرب منخفضة المستوى لمواجهة إيران وروسيا
- 18 يونيو 2023, 11:23:05 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مع عودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الحاضنة الإقليمية، تحول الوجود العسكري الأمريكي في الشمال السوري إلى حرب منخفضة المستوى، خاصة في ظل ترسيخ إيران وروسيا خصوم الولايات المتحدة، أنفسهم في سوريا.
وصلت القوات الأمريكية إلى شمال شرق سوريا في عام 2015 كجزء من عملية "العزم الصلب"، من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية، فقد تصدوا لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بعد أن اجتاح مساحات شاسعة من سوريا والعراق المجاور.
ونجحت هذه القوات ضمن تحالف دولي موسع، في إنهاء ما عرف بـ"خلافة الدولة الإسلامية"، في 2019، قبل أن تواصل جهودها للقضاء على ما تبقى من مسلحيه.
وخلال رمضان الماضي، نفذ فلول التنظيم 19 هجومًا فقط في سوريا، بانخفاض 37% عن نفس الفترة من العام الماضي، وأقل بنسبة 70% مقارنة بعام 2020، وفقًا للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ولا تزال الولايات المتحدة تعمل بشكل أساسي مع حلفائها الأكراد لاستهداف ما تبقى من عناصر التنظيم من خلال تقديم المشورة والمساعدة.
كما أنهم يساعدون في حراسة حوالي 10 آلاف مقاتل مسجون وعشرات الآلاف من أفراد أسرهم (معظمهم من النساء والأطفال) الذين يقيمون في مخيمات اللاجئين.
وبعد 8 سنوات من وصول القوات الأمريكية إلى شمال شرق سوريا، يقول المنتقدون إن واشنطن بعيدة عن المغادرة مما كانت عليه عندما كان تنظيم "داعش" في ذروته.
وينقل تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، ترجمه "الخليج الجديد"، عن السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد، القول: "شمال شرق سوريا هو تعريف للحرب الأبدية".
ويضيف: "لا توجد خسائر في صفوف القوات الأمريكية، ولأنها ليست عملية مكلفة، الولايات المتحدة ستبقى هناك لسنوات".
التبرير الرسمي للوجود الأمريكي هو تصاريح استخدام القوة العسكرية لعامي 2001 و2002 التي أقرها الكونغرس بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
بينما يقول الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أندرو تابلر: "تسعمائة جندي في سوريا هو وسيلة منخفضة التكلفة جدًا بالنسبة لنا لقتل أفراد تنظيم داعش، ومنع روسيا وإيران ودمشق من تعزيز سيطرتهم على البلاد".
ويتفق معه الدبلوماسي في مجلس سوريا الديمقراطية الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية بسام إسحق، ويقول: "السبب الوحيد الذي يجعل الولايات المتحدة تستطيع الاحتفاظ بالوجود العسكري في سوريا هو القول إنها تحارب الإرهاب.. لكن الهدف الرئيسي الآن هو استنزاف إيران وروسيا".
ويسيطر الأسد على نحو ثلثي الأراضي السورية بدعم من موسكو وطهران، ومع انتهاء الحرب الأهلية في بلاده، حوّل الأسد انتباهه إلى العودة إلى الحاضنة الإقليمية.
وأتاح الزلزال المدمر في سوريا في فبراير/شباط فرصة للأسد لكسب جيرانه مثل الأردن ومصر.
وبلغت هذه الجهود ذروتها في زيارة تاريخية إلى السعودية في مايو/أيار، حيث تمت دعوة سوريا للعودة إلى جامعة الدول العربية.
ويعتقد المحللون أن أحد أهداف الأسد على المدى الطويل، هو استعادة شمال شرق سوريا، وهي منطقة خصبة تاريخيًا تضم أيضًا بعض حقول النفط في سوريا، وأن دمشق وحلفاءها صعدوا من إجراءاتهم ضد الولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف.
ويفيد مسؤولون أمريكيون بزيادة هذا الربيع في عدد التحليقات الجوية الروسية على القواعد الأمريكية، مضيفين: "باتت واشنطن على أهبة الاستعداد من وكلاء إيران".
وشنت إيران ووكلائها نحو 78 هجومًا على قواعد أمريكية في سوريا، منذ يناير/كانون الثاني 2021، وفق بيانات أمريكية.
يقول الخبير في شؤون الجماعات المسلحة مايكل نايتس: "كل المؤشرات تشير إلى أن الميليشيات الإيرانية تستعد لنمط أكثر عدوانية للهجوم ضد الولايات المتحدة.. إنهم يرون فرصة لطرد الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا".
في مارس/آذار، هاجمت طائرة بدون طيار من طراز "كاميكازي" قاعدة أمريكية في الحسكة السورية، مما أسفر عن مقتل مقاول دفاعي أمريكي، وإصابة 6 من أفراد الخدمة.
ويضيف نايتس، أن غارة الطائرة بدون طيار، التي تزامنت مع الوقت الذي تم فيه خفض رادار المنشأة للصيانة، كانت "متقدمة بشكل خاص".
ويشير إلى أن المهاجمين لديهم "استخبارات محلية أو دعم روسي علوي".
ويتابع أنه في يونيو/حزيران، بدأت كل من إيران وسوريا وروسيا بتعزيز التنسيق لطرد الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا من خلال استهداف خطوط الاتصال الأرضية بقنابل متطورة، ما يزيد المخاوف من أن القوات الأمريكية في خطر أكبر.
ويزيد نايتس: "إنهم يفكرون حقًا في التفاصيل التكتيكية حول كيفية مهاجمة المركبات الأمريكية.. وروسيا تدخل في لعبة الوكيل".
لكن فورد، السفير الأمريكي السابق، يقول إن الولايات المتحدة غالبًا ما تبالغ في أهمية شمال شرق سوريا بالنسبة لدمشق وداعميها، وهو عامل يعتقد أنه ساهم في انجراف الولايات المتحدة في المنطقة دون نهاية واضحة للعبة.
ويضيف: "يستمر الناس في واشنطن في التفكير في أن الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا هو ورقة مساومة كبيرة.. ربما يريدها الأسد والإيرانيون، لكنهم ليسوا بحاجة إليها".
لكن تابلر، يقول إن الوجود الأمريكي اكتسب أهمية فقط بالنسبة لواشنطن مع الحرب في أوكرانيا، وسط مؤشرات على زيادة التعاون بين طهران وموسكو.
ويتابع: "أحيانًا يكون الحرمان من الموارد هو أفضل ما يمكنك فعله.. إذا كنت مهتمًا بإحباط التحالف الروسي الإيراني الجديد، فإن الوجود الأمريكي مهم".
ولا يتوقع معظم الخبراء مغادرة الولايات المتحدة في أي وقت قريب، وفق "ميدل إيست آي".
فقد سبق أن مهد الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب، في عام 2019، الطريق لتوغل تركي أثار انتقادات لتخلي الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد.
كما أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "حساسة تجاه رؤية انسحاب عسكري أمريكي آخر من المنطقة، بعد الانسحاب الفوضوي للقوات الأمريكية من أفغانستان".
وأمام ذلك، يقول الخبير في الشؤون السورية في معهد القرن ببيروت سام هيلر: "لا توجد لعبة نهائية أمريكية في سوريا، ولكن هناك رأي عام بأن الانسحاب سيكون بمثابة فوضى تامة".
ويضيف: "لكن الوجود الأمريكي يمكن أن يتقلص بطرق أخرى".
ويجري حلفاء أكراد لواشنطن محادثات مع دمشق بشأن اتفاق سياسي محتمل، لكن لا توجد مؤشرات تذكر على إحراز تقدم.
ويشكك المحللون فيما إذا كان الأسد، الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية في سوريا، سيحقق فائدة كبيرة أو سيكون قادرًا على السيطرة في منطقة يغلب عليها الأكراد والمسلمون العرب السنة.
ولذلك يقول هيلر: "بالنسبة لدمشق، فإن الجائزة الأكبر هي إبرام صفقة مع الأتراك.. هناك حدود لما يمكن أن تقدمه قوات سوريا الديمقراطية لسوريا".