- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
بسام البدارين يكتب: عاصمة الأردن: الجزء الناقص في المشهد الإداري؟
بسام البدارين يكتب: عاصمة الأردن: الجزء الناقص في المشهد الإداري؟
- 21 يونيو 2023, 4:40:20 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ما هو الجزء الناقص في مشهد الوضع البلدي والإداري للعاصمة عمان؟
حسنا لا يريد كبار المسؤولين التحدث بالموضوع لأنه «حساس» أو يخلخل واقعا أو لأن «القصة ليس وقتها الآن».
كلما ألمح أحد أبناء العاصمة التي يسكنها نحو نصف عدد سكان المملكة إلى أحقية المواطنين باعتبارهم من يدفع الضرائب بانتخاب عمدة المدينة ورئيس بلديتها أسوة بالمدن التي خلقها الله عز وجل، وبناها الإنسان دخلت على الخط في الإجابة تلك الهمسات. من حق المواطن المقيم في عمان أن يختار رئيسا لبلديته ثم يقرر أن خياره أخطأ بعد أربع سنوات ويعيد الكرة ويسقطه.
فقط سكان العاصمة عمان محرومون من تمثيل حقيقي لهم في رئاسة بلديتهم حتى خلافا للأردنيين في كل المدن الأخرى، فانتخابات البلديات أفقية وكل مجتمع مدينة أردنية يقرر إلا عمان العاصمة.
أي إشارة لهذا الموضوع يمكنها أن تؤدي بقائلها إلى مواجهة المعلبات المختلة القديمة والتي تبدأ من عند زاوية « إثارة قضايا حساسة» وتنتهي عند «شبهات التوطين» وتعبر من تلك النظرية التي تقول إن طبيعة تركيبة المجتمع في عمان لا تليق به الديمقراطية.
باعتباري مولودا في عمان وأقيم فيها وأعشقها، أطالب بوقف تلك المفارقة الدستورية التي تميز بين المواطنين بتمكيني من اختيار أو انتخاب عمدة مدينتي حتى أستطيع محاسبته عبر ورقة الاقتراع لاحقا.
طبعا كل الأسباب التي تقال لنا سرا وعلنا عن صعوبة وصول حرية الانتخاب إلى قلب بلدية كبرى مثل العاصمة هي المشبوهة أو تثير الشبهات وتوحي أن سطرا ما لا يزال أو يراد له أن يبقى مخفيا.
المشبوه الحقيقي ليس أن يرى أهل عمان أنفسهم ممثلين ومسؤولين عن خياراتهم بل السماح باستمرار المعادلة الحالية في القرن الحادي والعشرين، وفي ظل المئوية الثانية للدولة، وفي عهد الوثائق والرؤى المرجعية التي تتحدث عن التطوير. فقط أهل العاصمة لا يستطيعون انتخاب عمدتهم الذي يخضع تعيينه من جهة الحكومة لاعتبارات غير ديمقراطية.
عمان مدينة جبلية جميلة ويأتيها الزوار من كل جانب، وتمثل تاريخا في الاجتماع السياسي ومن غير المعقول أن تبقى حتى الآن بدون «عمدة منتخب»
والواقع أن العمدة كوظيفة محببة وتهواها القلوب، لكن أراهن شخصيا بأن كل من يتزاحمون لوراثة مقعد رئيس البلدية عندنا لا يستطيعون الحصول عليه بالاقتراع الحر المباشر، ورغم أن الانتخاب ممكن لأعضاء مجلس البلدية إلا أنه مجلس لا صلاحيات عميقة له، وأغلب الأعضاء كما يعلم القريب والبعيد منتخبون بـ«التعيين» على نحو أو آخر.
عمان اليوم مدينة كوزموبولتيكية ونحن فخورون بها وبمن عمل من أجلها منذ أكثر من 60 عاما.
وعمان مدينة جبلية جميلة ويأتيها الزوار من كل جانب، وتمثل تاريخا في الاجتماع السياسي ومن غير المعقول أن تبقى حتى الآن بدون»عمدة منتخب» فيما تتطور فيها وبكفاءة استثنائية ليس البنية التحتية بل نظريات الجباية والتوسع في أسعار الخدمات خلافا للغلاء الفاحش.
قفزت قصة عمان وانتخاب مجلسها البلدي وعمدتها إلى ذهني بمجرد قراءة الخبر الموزون عن تعديلات على قانون السير أقرها مجلس الوزراء تضاعف وترفع من كلفة مخالفات وغرامات السير بطريقة غير مسبوقة والسبب أن بلدية العاصمة التي لا يمكنها الإدعاء بأنها منتخبة بالاقتراع الحر المباشر، وفيها نظام خليط هجين نادر «رشمت» كل الأزقة والشوارع بغابة من الكاميرات التي تهدف للسيطرة على مخالفات وحوادث السير.
لقد وعدنا موظفو البلدية أن لا نتنفس بعد الآن من كثر الكاميرات التي سترصدك أخي المواطن، إذا خالفت القانون وبأي لحظة، وبالمقابل توسعت الغرامات تجاوبا مع مطالب البلدية طبعا بموجب تعديلات مجلس الوزراء.
حسنا لا أحد عاقل وراشد يمكنه الاعتراض على أي إجراء وفي أي وقت يحد من مخالفات السير والحوادث.
لا أحد يمكنه الدفاع عن منطق يفترض بأن المواطن يمكنه أن يخالف ويفلت من العقوبة. وحتى رفع الغرامات المالية خطوة نقبلها لأن من أمن العقوبة أساء الأدب وشخصيا تعجبني قدرات البلدية ومؤسساتها الاستثنائية على «تطبيق القوانين» وحصريا في مجالات الرقابة الإلكترونية والسماوية والأرضية.
المواطن الذي يقيم في عمان «يمول البلدية» بل يدفع رواتب موظفيها وموظفي البلديات المجاورة أحيانا، وبالمقابل بعض الخدمات الأساسية لا يحصل عليها، فالازدحام مؤلم والمخالفات انتقائية والموقع الإلكتروني للبلدية بتاع «جماعة أون لاين» يحيلك إلى غابة من الإشكالات، وموظفو الرقابة البلدية مزاجيون لأنهم لا يقومون بواجبهم حسب الأصول. حتى في اجتماعات كبيرة تم الإقرار أن «الفساد» موجود وبصلابة.
لا نعترض على تطوير بنية الرقابة ولا رفع الغرامات وبإمكان بلديتنا الموقرة التي لا تعمل الكثير مما ينبغي أحيانا أن تحيطنا بالكاميرات في كل بيت وزنقة وحارة وشارع.
لا ضير من ذلك، لكن أقله تشغيل الموقع الإلكتروني بكفاءة أكثر وتسهيل حياة المستثمرين والتوقف عن تحويلها إلى جحيم. أقله أن أشعر بأني وحدة فاعلة من بلديتي وأن يتوفر لي جهاز بلدي رشيق يحصل فيه كل من يعمل فقط على»راتب من الخزينة» التي يمولها دافع الضريبة المواطن.
أثروا كاميراتكم أينما شئتم وارفعوا الغرامات…فقط نريد «انتخاب عمدتنا».