بيسان عدوان : اغتيال المناضل نزار بنات مسمار في نعش سلطة أوسلوا

profile
بيسان عدوان كاتبة فلسطينية
  • clock 25 يونيو 2021, 9:08:16 م
  • eye 1355
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

جاء قتل الناشط الفلسطيني نزار بنات على أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية ليضع المسمار الأخير في نعش السلطة الفلسطينية التي تحولت وفقا لكل الاتفاقيات التي أبرمن مع العدو الصهيوني منذ أسلوا حتى اتفاقية دايتون إلي سلطة فاسدة وذات طبيعة استبدادية وقمعية للكل الفلسطيني من جهة وأجهزة حماية للدولة الصهيونية بعنصريها الجيش وقطعان المستوطنين. 

وتحولت كل مؤسسات السلطة ورجالتها إلي مجرد سماسرة وكمبرادور جل عملهم اليومي هو نهب البلاد والعباد وتحويل مليارات الدولارات إلي شركاتهم وخزائنهم الشخصية من بيع الدم الفلسطيني والتنازل عن الثوابت الوطنية في تحرير الكل الفلسطيني إلي مجرد تنسيقات أمنية ومشروعات اقتصادية لا تخدم غير مصالحهم الخاصة بدء من بيع تصاريح التنسيقات الأمنية للمرضى والعمال والتجار الفلسطينيين  وفقا للبرتوكولات المعمول بها بين السلطة والدولة العبرية في الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني وصولا لمشاريع الاعمار والتطوير مع كبري الشركات العربية الخليجية الإسرائيلية في منطقة القدس ورام الله والخليل وبيت لحم واريحا. 

لم يكن الانقسام الفلسطيني منذ عام ٢٠٠٦ إلى خطوة نحو التقاسم الوظيفي بين الحركتين الأكثر شعبية وتأثيرا على الأرض ليتحول الصراع الي الاقتسام الوظيفي علي الدعم والموارد القادم الي الفلسطينيين من اقطار شقيقة تحت دعاوي دعم قطاع غزة المحاصر ودعم المقاومة. تلك المقاومة الفلسطينية التي وضعت في مأزق رئيسي بعد أحداث سيف القدس في مايو – يونيو ٢٠٢١ هل المقاومة الفلسطينية الباسلة مع مشروع تحرر الكل الفلسطيني أما مع مشروع حل الدولتين ومقاومة من أجل التقاسم الوظيفي؟ 

لنعود مرة أخري للشهيد نزار بنات ذلك الناشط المستقل الذي يعمل نجارا بعد أن كان يعمل معلم مدرسة واستقال، ذلك الرجل الذي نختلف أو نتفق مع آرائه السياسية لكن يجمعنا به أن بوصلته تحرير كل فلسطين. مثل نموذجا للمواطن الفلسطيني الذي لم تستوعبه ألة التدجين الفلسطينية لا من سلطتها ولا من فصائلها ولا من كتل النافذين من سماسرة وقيادات سياسية او عسكرية. فكان حرا ويحاول بكل ما آوت من قوة كشف الفساد الفلسطيني الذي استشري في البلاد وفي مواجهة التنسيق الأمني الذي وضعنا جميعا تحت وطأة الاحتلال بأيدي فلسطينية وفي مواجهة عصابات القيادات الفلسطينية التي تقتل وتعتقل وتنهب وتشارك في بيع الأراضي الفلسطينية والعقارات في القدس ومدن الضفة الغربية لعرب ثم تقوم الأخيرة لبيعها للجمعيات الاستيطانية، وفي مواجهة التهجير القسري وقرارات الهدم البيوت في القدس والضفة الغربية. 

لا نختلف مع نزار بنات في ذلك فالكل الفلسطيني يعلم ذلك ويتحدث ليل نهار عن فساد السلطة الفلسطينية، لكن نزار اقترب كثيرا من عش الدبابير حين فجر صفقة اللقاح الفاسدة ومن ورائها فكان الحل الأمثل كاتم الصوت. 

جريمة اغتيال الشهيد نزار بنات لن تمر مرور الكرام خاصة مع تصاعد المقاومة الفلسطينية المدنية في كل عموم فلسطين، ربما سبقها اغتيالات أخري في سجون السلطة الفلسطينية في رام الله أو سجون حركة حماس في غزة للمعارضين والمخالفين لهم ومرت بعد شجب وادانات وفتح تحقيقات عبثية تنتهي تحت شعار " قيدت ضد مجهول" أو نتيجة "الإهمال الطبي"، لكن تلك القضايا لم تأخذ هذا السيل العارم من الغضب والاحتجاجات التي رفعت  شعارتها في مظاهرات عمت مدن الضفة الغربية خاصة الخليل ورام الله ونابلس " الشعب يريد اسقاط النظام" ذلك الشعار الدي رفع في عواصم عربية منذ عشر سنوات لا يزال يعبر عن شعب ينتفض ضد الظلم والاستبداد. تخيل هذا الشعب الرازح تحت الاحتلال الذي رفع شعارات منذ احداث الشيخ جراح وعم كل مدن فلسطين المحتلة " لا للفصل العنصري" لا للاحتلال " يرفع بالتوازي " حل السلطة الفلسطينية" حفاظا علي نضالاته ودماء أبنائه وحرية رجاله ونسائه في السجون الاحتلال، وضد دمار غزة ويقف عاري الضهر ويقول لا طفح الكيل.

منذ اغتيال نزار بنات رفعت شعارات من المتظاهرين بإسقاط النظام، بينما تم الترويج عبر قيادات فلسطينية وشخصيات عامة ونشطاء سياسيين بمطالب كاستقالة السلطة، أو إقالة السلطة، وفي الحقيقة هذا شعار مطاط ولا يؤسس إلا لامتصاص الغضب الشعبي وتدجينه، أقصي ما ستفعله السلطة بعد تخوين وحملة اعتقالات وتفريق متظاهرين بالقنابل المسيلة والرصاص المطاطي " إقالة الحكومة" وتغيير الوزراء وتنصيب وزراء جدد يمكن أن يتولى تكنوقراط قريبين من حركة فتح ورجالات السلطة نفسها الـأمر. لكن هل هذا يعني انتهاء المشكلة وعدم تكرار جريمة الاغتيالات التي لم تؤت ثمارها في كتم الصوت الفلسطيني أو للمقاومة الفلسطينية الشعبية التي تعم كل أرجاء الضفة الغربية اذا ما طالبت حكومة الاحتلال بالقضاء عليها وفقا لتفاهمات عملية السلام ووفقا لاتفاقيات دايتون للأمن. 

ما قبل هبة القدس أو انتفاضة القدس في منتصف مايو/أيار الماضي ليس كما بعدها، أنها أسست لمرحلة جديدة في المشروع التحرر الوطني الفلسطيني، وما قبل اغتيال نزار بنات ليس كما بعده ذلك، ففي العقل الجمعي الفلسطيني الذي دجن عبر أكثر من ربع قرن في الضفة الغربية وغزة، وفي وعي فلسطيني الداخل الذي مورس في حقه كل أشكال التهويد والأسرلة عبر أكثر من سبعين عاما شيء ما تغيير أنها المقاومة بكل أشكالها، أنها الرفض لكل المشاريع الصهيونية بكل أدواتها وكياناتها وصفقاتها، أنه تحرير كل فلسطين من البحر إلي النهر، أنه رفض كل أشكال الاستبداد والاستعمار والاستيطان. 

هل يستقيم وجود سلطة فلسطينية تقوم على تجزئة وتنازل عن الحق الفلسطيني في بعض من الأرض بدعوي أن القوي الإقليمية والدولية تري أن ذلك حلا للصراع وتدعمه بكل قوة. هل يقبل مشروع التسوية ووجود دولة فلسطينية على أقل من ١٨٪ من مساحة أراضي ال٦٧. هل يقبل بدولة الكانتونات والجيتوهات والجيوب الأمنية داخلها، هل يقبل بجدار فصل يقسم مساحة الدولة الي جزئيين، هل يقبل بمصادرة الأراضي وهدم البيوت وتهجير السكان من تلك الدولة بحجج صهيونية واهية. 

بيتا والشيخ جراج وحي سلوان وبطن الهوي كل تلك المقاومة وكل تلك الاحتجاجات في مواجهة الاحتلال لن يصمد طويلا طالما أن هناك سلطة تقوم علي حماية الاحتلال الصهيوني، وتخدم مصالح القوي الإقليمية والدولية وتقوم بدورها الشرطي الوظيفي التي تأسست عليه منذ تسعينات القرن الماضي هو حماية أمن إسرائيل حماية أمن المستوطنين. 

ما الحل؟ أين الباب الذي يمكن آن يفتح من أجل تحرير فلسطين، الكلمة السحرية للخروج من شرنقة التبعية الأمنية للاحتلال هو "كل فلسطين يعني كلن "، ولا تستقيم المقاومة الفلسطينية ومشروعها التحرري مع برنامج ومنهجية وعقلية تؤسس للتنازل عن كل الحق أو بعض الحق الفلسطيني، ومن يري أنه يمكن الجمع بين الاثنين واهم ويعمل علي تحييد النضال الفلسطيني ضد الفصل العنصري الابارتهايد الإسرائيلي، بل يعمل علي تعطيل المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها بل علي العكس يعطي الاحتلال قبلة الحياة مرة أخري. 

كيف يمكن لنا اسقاط سلطة الحكم الذاتي، وما البديل، أليس اصلاح السلطة حل للخروج من مأزق الدم الفلسطيني، أليست الانتخابات حل لبث الروح الوطنية في الجسد السلطة الفلسطينية. 

سيمطرونك بوابل من الأفكار ويبثون في داخلك الخوف حول وماذا بعد، لكن أخبرك أن الحياد في حضرة الوطن خيانة.

التعليقات (0)