- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
د. ناصر محمد معروف يكتب: مائدتي إليكم ..
د. ناصر محمد معروف يكتب: مائدتي إليكم ..
- 16 مارس 2023, 3:32:54 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سؤالان مهمان وصلا إليَّ من أخ فاضل حبيب أحببت أن أضع إجابتهما هنا للإفادة وهما:
السؤال الاول: لماذا قال: (سَبَّحَ) بصيغة الماضي في سُور الحديد والحشر والصف ، وقال: (يسبح) بصيغة المضارع في سُور الجمعة والتغابن؟
الجواب:
(1) بداية فإن التسبيح هو وصف لله سبحانه بالكمال وتنزيهه عن النقصان: والتسبيح ليس فقط ذكراً باللسان، إنما التسبيح هو أن يدور الإنسان مع (السنن) القوانين الكونية التي وضعها الله في الأرض لتكتمل حياة الإنسان، فمن تركها فسوف يغرق ويضيع، بالضبط مثل السباحة في المياه لها قوانين فمن لم يعمل بها يغرق.
وقد جاءت صيغ التسبيح في السور المبتدأة بالتسبيح في القرآن الكريم مرتبة في المصحف كما يلي:
اولاً: (سبحان) بصيغة المصدر:
قال سورة الإسراء: (سبحان)، ليدلل أن مصدر الكمال من عنده هو فقط فما اراد التحلي بالكمال فليطلبه من مصدره وهو الله.
ثانيا: (سَبَّح) بصيغة الماضي:
قال في سور الحديد والحشر والصف: (سَبَّح) ، ليدلل أن التنزيه والوصف بالكمال لم يطلب منكم فقط إنما كل من في الماضي كانوا ينزهون الله ويصفونه بالكمال.
ثالثا: (يسبح) بصيغة المضارع:
قال في سور الجمعة والتغابن (يسبح)، ليدلل أن تنزيه الله ووصفه بالكمال ،مستمر في الحاضر ايضا والمستقبل.
رابعا: (سَبِّح) بصيغة الأمر:
قال في سورة الاعلى: (سَبِّح)، ليقول من أراد الكمال وأن يبتعد عن النقصان فما عليه إلا أن يسبح، وأنتم مأمورون بالتسبيح لتسودوا وتقودوا فاحذروا من تركه.
وهذا يدل على أنه عرّفنا أولا بمصدر التسبيح حيث لا يكون إلا من عند الله، ثم ذكّرنا بأن التسبيح ليس مستحدثا لكم إنما هو من القدم حيث أن جميع المخلوقات في الماضي كانت تسبح، ثم جاء بصيغة المضارع ليدلل أنّ التسبيح في الحاضر والمستقبل مستمرٌ ، ولذلك وجب عليكم أن تسبحوا: فقال سبح بصيغة الأمر.
(2) القتال سنة كونية كان في أمم سبقت أمتكم ، وهو من التسبيح المكلفين به:
نجد أن الله سبحانه كلما ابتدأ سورة بذكر التسبيح بصيغة الماضي يذكر القتال، ويبين وجوبه علينا ، وانه من القوانين الكونية التي لا تكون الحياة إلا به، فهو سنة كونية لن يفلح من تركها، ولذلك أراد أن يخبرنا بأن هذا القتال كان واجباً أيضا على السابقين والماضين من الأمم قبلكم، فنجد أنه في السورة التي قال فيها: (سبح) بالماضي ، يذكر القتال ولا يذكره في يسبح بصيغة المضارع.
(3) التعاضد والتماسك وعدم الإفتتان في الدنيا واجب عليكم باستمرار:
نجد أن القرآن كلما ابتدا التسبيح بصيغة المضارع ، يبين في السورة انه يريد منا ان نتعاضد ونتماسك ولا نفتن بالدنيا ، وكأنه يريد ذلك منا باستمرار حتى نتغلب على الأعداء ، ففي سورة الجمعة حثنا ان لا نغتر في الدنيا ونسارع الى الجماعة في الجمعة ، ونترك البيع والشراء، ونجد أنه في سورة التغابن يطلب منا الطاعة ويحذرنا من فتنة الأولاد والأموال الخ، ولذلك جاء بصيغة المضارع (يسبح) لتظل صفات التماسك مستمرة بيننا.
السؤال الثاني: لماذا قال في سورة الحديد: (مافي السموات والأرض)، وقال في سورة الصف: (ما في السموات وما في الأرض)؟
الجواب:
(1) نلاحظ أنه في سورة الحديد: كان يتحدث عن القدرة الإلهية ، وهذه القدرة كاملة غير ناقصة، ومطلوب من جميع المخلوقات في السموات وكذلك في الأرض ان يُقِّرُوا بذلك وينزهوا الله عن كل نقص.
وهنا نجد أن الذي يُطْلَبُ من الملائكة سكان السماء هو نفسه الذي يُطْلَبُ من الإنسان سكان الأرض ، فكلاهما نفس التسبيح ، وهو الإعتراف بقدرة الله وعظمته، وتنزيهه عن النقص، ووصف الله بالكمال سبحانه، ولذلك قال: (سبح لله ما في السموات والأرض) ولم يذكر ما في الأرض لان التسبيح واحد.
(2) أما في سورة الصف: فنلاحظ أنه يتحدث عن القتال صفاً واحداً ، والقتال لا تُكَلَّف به الملائكة ، إنما المكلف به الإنسان فقط، والقتال نوع من انواع التسبيح الذي يختص به الإنسان دون الملائكة ، وهو عبادة خاصة بهم ، فذكر أن تسبيح الإنسان القتال ،وتسبيح أهل السموات من الملائكة هو الدعم للإنسان وخدمته ، ولذلك اقتضى أن يفرق بين تسبيح أهل السموات وتسبيح أهل ألأرض فجاء بالزيادة فقال: (سبح لله ما في السموات وما في الأرض).
اسأل الله لنا ولكم الهداية والرفعة يارب