- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
موازنة محلية وإقليمية.. هكذا تدير عمان دورها في الصراع اليمني
موازنة محلية وإقليمية.. هكذا تدير عمان دورها في الصراع اليمني
- 16 مارس 2023, 3:26:09 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلطت الزميلة غير المقيمة في المركز العربي بواشنطن، أفراح ناصر، الضوء على دور سلطنة عمان المتطور في تسوية الصراع اليمني، مشيرة إلى أن سياسة السلطنة تقوم على استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى نشر الدبلوماسية لحل النزاعات.
وأورد المركز أن دبلوماسية عمان تتحرك حاليا لتسهيل الحوار بين أطراف النزاع اليمني، وتستضيف محادثات مباشرة بين جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمملكة العربية السعودية.
وأضافت أن توقعات عالية بأن تكون السلطنة قادرة على وساطة لتسوية الأزمة، خاصة بعد أن استضافت مؤخرا محادثات بين السعودية وإيران، مهدت جزئيًا الطريق إلى صفقة أخيرة بين الخصمين الإقليميين.
وذكرت أفراح ناصر أن الأزمة الإنسانية في اليمن والمخاطر الأمنية على حدودها مع عمان جعلت تفاعل السلطنة مع كل من الأطراف اليمنية والأجنبية في الصراع الدائر أمرًا لا مفر منه.
فالأزمة الإنسانية أدت إلى مقتل وجرح مئات الآلاف من اليمنيين، وتسبب في معاناة 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي ونقص الخدمات الأساسية التي تفاقمت بسبب تضرر البنية التحتية للبلاد.
وكانت عمان على تماس مباشر مع هكذا أزمة بالنظر إلى أن البلدين يشتركان في حدود يبلغ طولها 300 كيلومتر تقريبًا، وأن السلطنة كانت واحدة من الدول القليلة التي أبقت أبوابها مفتوحة لليمنيين.
وبينما تحرص عمان على مواصلة علاقاتها الودية مع الإمارات والسعودية، فإنها لا تزال يقظة بشأن التهديدات المحتملة الصادرة عن اليمن، وتحاول إيجاد طرق للحوار بين أطراف النزاع بدلاً من القتال.
وهنا يشير المقال إلى أن مشكلات اليمن ذات تأثير مباشر على عمان؛ لأن العديد من اللاجئين اليمنيين يذهبون إلى الحدود طلباً للمساعدة، ما يمثل ضغطا على اقتصاد السلطنة، فضلا عن المخاوف العمانية بشأن الأمن؛ لأن بعض أجزاء اليمن بها متطرفون يمكن أن يتسببوا في مشكلات في دول الجوار، خاصة محافظة المهرة، المتاخمة للسلطنة من جهة الغرب.
كمان أن الانتشار المتزايد للقوات العسكرية، السعودية والإماراتية، والذي بدأ في الوصول إلى المهرة عام 2017، أثار مخاوف أمنية في عمان، خاصة أن السلطنة أمضت سنوات عديدة في ترسيخ نفوذها في شرقي اليمن.
وإزاء ذلك، مر الانخراط العماني في الصراع اليمني بعدة مراحل:
- المرحلة الأولى: اختارت فيها عمان تقديم اتفاق سلام مرتقب بدلاً من المشاركة في الصراع عسكرياً، وكانت الدولة الخليجية الوحيدة التي رفضت المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
- المرحلة الثانية: اختارت فيها عمان قيادة جهود وساطة سرية بهدوء بين أطراف النزاع.
- المرحلة الثالثة (الحالية): اختارت فيها عُمان استضافة محادثات مباشرة بين جماعة الحوثي والسعودية منذ انتهاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2022 دون تمديد.
ولا تزال إمكانية تحقيق السلام في اليمن غير مؤكدة، لكن المؤكد هو أن الوساطة العمانية ستلعب دورًا مهمًا في إنهاء النزاعات بين الأطراف المعنية أثناء معالجة الأزمات الإنسانية التي يواجهها الملايين الذين يعيشون في اليمن، بما في ذلك الآلاف من النازحين أو الجرحى بسبب العنف خلال الحرب المستمرة، حسبما ترى أفراح ناصر.
ومع ذلك، تزايدت الشكوك حول تورط عمان في الصراع اليمن مع تواتر التقارير حول تهريب الأسلحة قبالة سواحلها وعلى حدودها مع اليمن، حيث أورد العديد منها بالتفصيل مصادرة أسلحة مهربة في خليج عمان.
وفي 2 مارس/آذار، ذكرت البحرية الأمريكية أنها ساعدت البحرية البريطانية في مصادرة شحنة من تلك الأسلحة، مصدرها إيران، وكانت على الأرجح متجهة إلى اليمن.
غير أن عديد الخبراء يؤكدون أن هذه المنطقة الحدودية كثيرا ما شهدت نشاطا غير قانوني قبل اندلاع القتال في اليمن.
وإزاء المزاعم القائلة بأن السلطنة تدعم الحوثيين بأسلحة مهربة منذ عدة سنوات، نفت وزارة الخارجية العمانية بشدة تلك المزاعم، ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة، مشيرة إلى أن تجار الأسلحة يستغلون المناطق غير الخاضعة للرقابة على الساحل اليمني.
وتحاول عمان المحافظة على علاقات جيدة مع جميع أطراف الأزمة، وتستضيف العديد من المسؤولين من مجموعة واسعة من الأحزاب السياسية اليمنية، بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام ، وحزب الإصلاح، والمجلس الانتقالي الجنوبي، لكنها تطلب من هؤلاء المسؤولين عدم لفت الأنظار في تعاملاتهم مع السلطنة من أجل عملية وساطة ناجحة، حيث ترى عُمان أن الدعاية غير الضرورية في العملية قد تأتي بنتائج عكسية.
وعلى المستوى الإقليمي، حافظت عُمان على علاقات جيدة مع مختلف الجهات الخارجية المشاركة (بشكل مباشر وغير مباشر) في الصراع اليمني، خاصة السعودية والإمارات وإيران والولايات المتحدة، وذلك رغم مخاوفها الأمنية من التعبئة العسكرية للسعودية والإمارات في جنوبي اليمن.
فالمجلس الانتقالي في اليمن يدعو إلى "دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة" في جنوبي البلاد، وقواته المدعومة من الإمارات تسيطر على جزيرة سقطرى، وهو أمر مقلق أمنيا بالنسبة لسلطنة عمان.
والأكثر إثارة للقلق العماني هو دعم الإمارات والسعودية للجماعات المسلحة اليمنية التي تعمل خارج سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، والتي غالبًا ما تتحدى القوات الحكومية عسكريا.
وترى أفراح ناصر أن هذه الديناميكيات الأمنية المتغيرة في الجوار قد تُترجم إلى عدم استقرار في المنطقة الغربية للسلطنة في المستقبل، ولذا فإن الاستجابة لهذه التطورات تمثل "أولوية في أجندة الأمن القومي العماني".
ومع ذلك، لم تبدأ عمان أي مواجهة - لا دبلوماسية ولا عسكرية – وفق سياستها طويلة الأمد، المتمثلة في التسامح مع الاختلافات والحوار السلمي أثناء النزاعات.
وفي هذا الإطار، حرصت عمان على مواصلة علاقاتها الودية مع الإمارات والسعودية، وركزت بشكل أساسي على مواصلة وتعزيز جهودها الدبلوماسية البناءة وبناء جسر بين السعودية والإمارات من جهة، والحوثيين وإيران من جهة أخرى.
وبعد إعلان استئناف السعودية وإيران للعلاقات الدبلوماسية، فإن الانخراط الدبلوماسي العماني بين البلدين سيتطور إلى فصل جديد، حسبما ترجح أفراح ناصر، واصفة إياه بأنه "فصل يتجاوز مجرد استخدام القنوات الخلفية للتواصل".
وحول مآل الدبلوماسية اليمنية في حلحلة الأزمة اليمنية، أشارت الزميلة في المركز العربي بواشنطن إلى أن الجمهور اليمني ينظر إلى عمان بشكل إيجابي، ويعتبرها صانعة سلام، خاصة بعد قرارها بعدم المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية وإعطاء الأولوية للحوار السلمي.
وفي الوقت نفسه، تنظر الأطراف المتحاربة إلى عُمان كطرف ثالث يتمتع بعلاقات جيدة مع جميع أصحاب المصلحة، ويمكن أن يساعدهم جميعًا في حفظ ماء الوجه أثناء محاولتهم الوصول إلى تسوية لحل النزاع.
وهذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه عمان في جهود الوساطة، لأن وضع الأطراف المتحاربة في مواقف محرجة أو غير مريحة قد يؤدي إلى العودة إلى الوضع السابق، وهو ما تعالجه بنهجها الدبلوماسي، المتمثل في الوساطة السرية، التي تنقذ جميع الأطراف من هكذا إحراج.
وتخلص أفراح ناصر إلى أن عمان لديها قدرة التأثير على الأطراف المتحاربة في اليمن، لكن نجاح وساطتها يعتمد على خطط تلك الأطراف، "فكونك صديقًا للجميع يمنحك فرصة للتواصل معهم، لكن ليس بالضرورة التأثير فيهم".