د. يسري عبدالغني يكتب : رفيدة اول طبيبة في الاسلام

profile
د. يسري عبدالغني ناقد وكاتب
  • clock 13 مايو 2021, 1:57:53 م
  • eye 709
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

رفيدة الأسلمية الأنصارية..
أول ممرضة في الإسلام
عرف العهد النبوي نبوغ نماذج نسائية عالية الهمة، حيث تبوأت المرأة، مكانة مرموقة بإسهاماتها الكبيرة في بناء الحضارة الإسلامية في مراحلها الأولى،

 ومن هؤلاء رُفيدة الأسلمية الأنصارية الخزرجية رضي الله عنها، صحابية جليلة، قارئة كاتبة، ملمة بالكثير من الصنائع، نشأت في عائلة لها صلة قوية بالطب،

 فوالدها «سعد الأسلمي»، طبيب مشهور، اكتسبت منه خبرتها الطبية، لكنه كان يعالج الناس بالكهانة وهو ما رفضته رفيدة، 

وعندما التقت «مصعب بن عمير» وتحدثت معه عن الإسلام اقتنعت به وأعلنت إسلامها، وكانت من أوائل أهل المدينة دخولاً في الإسلام.

 استهوتها حرفة التمريض والتطبيب والمداواة، ومارست مهنة التمريض على أكمل وجه، وتفوقت في ذلك حتى عُرفت بين الناس،

 وقررت السيدة رفيدة أن تتطوع لعلاج الناس بالمجان وتكرس حياتها لرعاية جرحى الحرب والمرضى والضعفاء، 

ولم تكتف بذلك وإنما بدأت تعلم الفتيات كيفية رعاية الجرحى والمرضى، واشتركت في غزوتي الخندق وخيبر،

 وكانت قارئة وكاتبة، وصاحبة ثروة واسعة، تنفق على عملها من مالها وثروتها. كانت صاحبة أول مستشفى ميداني،

 وعرفت بمهارتها في الطب والعقاقير والأدوية وتصنيعها، والجروح وتضميدها والكسور وتجبيرها،

 لها صحبة مع رسول الله في غزواته ولها مكانة عنده ويجلها ويحترمها، تداوي الجرحى في ميادين القتال، كانت رفيدة تخرج في الغزوات، 

وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجمال، ثم تقيمها بإزاء معسكر المسلمين، وتشاركها الصحابيات العمل، 

عُرف مستشفاها المتنقل باسم «خيمة رفيدة»، وكانت أول انطلاقة لها عندما عاد المسلمون من غزوة بدر إلى المدينة منتصرين،

 ومعهم الجرحى، فقامت بعلاجهم، وقادت أول عيادة متنقلة في المعارك.
قال ابن عبدالبر في «الاستيعاب»، وابن الأثير في «أسد الغابة»، وابن حجر في «الإصابة»، إنها كانت لها خيمة تداوي فيها الجرحى،

 وجاء في كتاب «تاريخ الطب وآدابه وأعلامه»، أن رفيدة كانت طبيبة متميزة، لذلك اختارها الرسول لتقوم بالعمل في خيمة متنقلة،

 وروت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، رماه رجل من قريش في الأكحل (كوع اليد أو الوريد المتوسط في اليد)،

 فأمر الرسول رفيدة أن تقيم خيمة في المسجد ليعوده من قريب»، وقال صلى الله عليه وسلم للقوم حين أصاب السهم ابن معاذ بالخندق:

 «اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب»، وقال ابن إسحاق في السيرة: «كان رسول الله، قد جعل ابن معاذ في خيمة لامرأة من بني أسلم يقال لها رفيدة في مجلسه».
وفي غزوة خيبر، وبينما الرسول يتأهب للزحف، جاءت رفيدة إليه على رأس فريق كبير من نساء الصحابة قامت بتدريبهن على فنون الإسعاف والتمريض،

 فاستأذنّ الرسول قائلات: «يا رسول الله أردنا أن نخرج معك فنداوي الجرحى ونعين المسلمين ما استطعنا»، فأجابهنّ النبي: «على بركة الله»، 

وفي هذه الغزوة قمن بجهد عظيم، ما جعل الرسول يقسم لرفيدة من الغنائم حصة رجل، شأنها في ذلك شأن الجندي المقاتل،

 وقد أُطلِق عليها «الفدائية» لأنها كانت تدخل أرض المعركة تحمل الجرحى وتُسعف المصابين وتُشجع المجاهدين.
ولم يكن عملها مقتصراً على الغزوات فقط، بل عملت أيضاً في وقت السِلم، تعاون وتواسي المحتاجين،

 فقد أقيمت لها خيمة بارزة في مسجد النبي، تعالج فيها المرضى والمصابين.
وكل عام تمنح الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا وجامعة البحرين جائزة «رُفيدة الأسلمية»، للطالب المميز البارع في تقديم أفضل رعاية للمرضى.

التعليقات (0)