- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
رفض شعبي في الغرب لـ "الإبادة في غزة" يقابله انحياز رسمي لـ "إسرائيل"
رفض شعبي في الغرب لـ "الإبادة في غزة" يقابله انحياز رسمي لـ "إسرائيل"
- 13 أغسطس 2024, 5:29:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فجوة كبيرة بين المواقف الشعبية في أوروبا وأمريكا، التي رفضت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وبين المواقف الرسمية لتلك البلدان، هذه الفجوة التي لم تكن متوقعة لدى المتلقي العربي على الأقل، الذي لطالما اعتبر أن حالة الانسجام والحرية بين القاعدة والقيادة في الغرب هي أحد عوامل التطور والتنمية والاستقرار.
وفي مقابل الغياب شبه الكامل للحركات الشعبية المؤيدة لـ "إسرائيل" في الغرب، تزداد الحركات التي تطالب بوقف دعم الاحتلال بالسلاح والمال والمواقف السياسية، إلا أن المواقف الرسمية في أوروبا وأمريكا بقيت طوال الأشهر العشر الماضية، تقدم أعلى درجات الدعم لجيش الاحتلال.
اللوبيات المؤيدة لـ "إسرائيل" تدخلت سريعا:
يؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات في الكويت (مستقل)، عبد العزيز العنجري، أن اللوبيات المؤيدة لـ "إسرائيل" في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة "تؤدي دورا كبيرا في تشكيل السياسات الرسمية والإعلامية".
وأشار" إلى أن تلك اللوبيات "تمتلك تأثيرا واسعا على صانعي القرار، مما يؤدي إلى تباين حاد بين الرأي الشعبي والمواقف الرسمية، ويخلق ذلك خطابا في الشارع يختلف عن الخطاب الإعلامي على الشاشات" على حد تعبيره.
وأوضح العنجري، وهو عضو نادي الصحافة الوطني في واشنطن العاصمة، أنه بالرغم من ذلك "يمكن للزخم الشعبي في الغرب أن يؤثر في السياسات الحكومية، لكن ذلك يعتمد على قدرة الحركات الشعبية على الاستمرارية والتنظيم والضغط".
وقال "في بعض الحالات، أجبرت حكومات غربية على تغيير سياساتها نتيجة للضغوط الشعبية، ولكن في قضايا معقدة مثل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، قد يكون التأثير محدوداً؛ نظراً للعوامل المرتبطة بضغط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل".
وطالب العنجري القوى المؤيدة للحقوق الفلسطينية بـ "عدم هدر وقتها بمناكفات إعلامية أُعِدَّت مسبقا لخدمة الرواية الصهيونية، وتوجيه الجهود لدعم المنظمات المدنية في الغرب الداعمة لفلسطين".
وأشار إلى أنه "من خلال هذه المنظمات، يمكن تحقيق تغيير أكبر، ويجب أن يكون أي جهد عربي أو مسلم، سواء كان فردياً أو تحت مظلة منظمة مجتمع مدني، مُوجهاً لدعم هؤلاء النشطاء السلميين في العالم".
وأضاف يقول "كما تقوم اللوبيات الصهيونية والإسرائيلية بدعم الكتّاب والنشطاء والمؤثرين لتحقيق أهدافهم التي تخدم مصالح إسرائيل، فإن القانون يتيح لنا (داعمي الحقوق الفلسطينية) القيام بالمثل".
وأعرب عن استغرابه متسائلا "لماذا لا نستغل هذه الفرصة؟ عوضا عن إهدار وقتنا في أمور لا تؤثر كثيراً في واقع إخواننا في فلسطين، فتسويق الحقيقة الفلسطينية العادلة أسهل وأسرع في اختراق قلوب الناس من تسويق الكذب" على حد تعبيره.
وشدد على أنه "بينما يستطيع أي رئيس عربي قمع مظاهرات داعمة لغزة أو سجن النشطاء تحت أي مسمى، فإن ذلك غير ممكن في الدول الديمقراطية، حيث تُعتبر الحرية سيفاً ذا حدين، وقد تأتي على حكوماتهم أحياناً بما لا يشتهون" في إشارة منه إلى أنه يمكن للزخم الشعبي في الغرب أن يؤثر في القرار الرسمي لو تلقى دعما حقيقيا من مؤيدي الحقوق الفلسطينية.
ولفت العنجري إلى أنه "في العديد من حالات التصعيد بين إسرائيل وغزة، عندما يقابلها سخط شعبي عارم، تلجأ هذه الحكومات لحيلة إظهار خطاب يبدو داعماً للسلام، ويشدد على ضرورة حل الدولتين، لذر الرماد في العيون، ولكنها تتجنب تحديداً آلية واضحة لذلك، وتتجنب في الوقت ذاته إدانة الإجراءات الإسرائيلية العنيفة".
الموقف الشعبي المؤيد لفلسطين في الغرب ما زال في بداياته
يؤكد رئيس منصة "العرب في بريطانيا"، عدنان حميدان على أن التأييد الشعبي في أوروبا وأمريكا "واضح للعيان، وتؤكده استطلاعات الرأي والتظاهرات في الميادين".
ويرى في حديث مع "قدس برس" أن السبب في عدم تحول المعارضين للإبادة في غزة إلى قوة مؤثرة على القرار الرسمي حتى الآن، إلى أنهم في بريطانيا على سبيل المثال "لا يشاركون في العملية الانتخابية، ولا يذهبون إلى صناديق الاقتراع".
وأوضح أن المسلمين في بريطانيا يشكلون نحو 20 بالمئة من الكتلة الانتخابية في بعض الدوائر، إلا أن 60 بالمئة منهم لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع أساسا.
وقال "لو سألت هؤلاء الـ 60 بالمئة الذين تغيبوا عن صناديق الاقتراع في بريطانيا حول موقفهم من فلسطين، فسيكونون من الداعمين، ولكن للأسف تحرم منهم الأحزاب والشخصيات البريطانية المتضامنة مع فلسطين في صناديق الاقتراع".
وأشار حميدان إلى أنه "حتى الأوروبيين المتعاطفين مع فلسطين، تجدهم أحيانا يندفعون نحو أولويات محلية متعلقة بالشأن الاقتصادي والاصطفافات الحزبية، تدفعهم إلى مواقف تعبر عن تلك الأولويات، وربما تبعدهم عن مواقفهم المؤيدة للحقوق الفلسطينية".
وشدد على أن "الفجوة ستبقى مستمرة بين الموقفين الرسمي والشعبي في الغرب حول قضية فلسطين، لأننا ما زلنا في بدايات الطريق نحو التأثير... حققنا تقدما مهما، ولكن يحتاج ذلك لمزيد من الوقت، حتى يترجم في صناديق الاقتراع والتأثير في صناع القرار".
وأعرب حميدان، عن اعتقاده أن الضغط والزخم الشعبيين في أوروبا وأمريكا "سيرغمان الحكومات على إعادة تقييم مواقفها الرسمية... وقد رأينا هذا في بريطانيا عندما تمكنت مظاهرات التضامن مع فلسطين من إسقاط وزيرة الداخلية سويلا برافرمان".
وأضاف "رأينا هذا الضغط الشعبي الذي أعاد حزب العمال للحكم في بريطانيا، وكان من أولى قرارته إعادة تمويل وكالة أونروا، ورفع التحفظ على قرارات المحكمة الجنائية الدولية بحق إسرائيل، ويدرس حاليا تعليق تصدير السلاح لجيش الاحتلال".
وقال "بالمجمل، هنالك مواقف أفضل نسبيا من مواقف حزب المحافظين الأكثر عدائية ضد الحقوق الفلسطينية"، معتبرا أن كل هذا "فرضه الزخم الشعبي، المتضامن مع القضية الفلسطينية، ووجود حالة من الضغط الشعبي على السياسيين باتخاذ إجراءات لوقف الإبادة في غزة، ووقف إطلاق النار".
وتحدث حميدان عن عمليات تحايل السياسيين الرسميين في بريطانيا على الضغوط الشعبية بخصوص الموقف من حرب الإبادة في غزة، قائلا "الجمهور يضغط عليهم لمنع تصدير السلاح لإسرائيل، فتجدهم يطلقون تصريحات تضغط على المقاومة الفلسطينية أولا، ثم تطالب إسرائيل على استحياء باتخاذ مواقف" على حد تعبيره.
وأشار إلى أنه حتى الآن "تبقى وسائل وأدوات المستوى الرسمي في الغرب أكثر تطورا من وسائل وأدوات المستوى الشعبي... على سبيل المثال هنالك منظمات رفعت منذ الشهور دعوة إلى وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، عُيِّن تاريخ للنظر في هذه القضية في تشرين أول/أكتوبر المقبل... التسويف والمماطلة وسيلة للتهرب من ضغط الشارع".