- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
ستراتفور: اتجاهات الصراع بين روسيا وأوكرانيا مع دخول الحرب مرحلة جديدة
ستراتفور: اتجاهات الصراع بين روسيا وأوكرانيا مع دخول الحرب مرحلة جديدة
- 23 أبريل 2022, 11:59:05 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
دخلت الحرب الروسية ضد أوكرانيا مرحلة جديدة في بداية أبريل/نيسان بعد سحب روسيا للقوات من شمال أوكرانيا وإعادة تمركز الوحدات في الجنوب الشرقي لشن هجوم مكثف في منطقة دونباس.
وجمدت موسكو محادثات السلام مع كييف بحجة أن المفاوضين الأوكرانيين والروس وصلوا إلى طريق مسدود بعد نقاشات شاقة حول تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في إسطنبول في 29 مارس/آذار. وسيعتمد مستقبل المفاوضات أو أي تسوية دبلوماسية على ما سيحدث في ساحة المعركة خلال الأسابيع المقبلة، حيث تسعى روسيا إلى الاتسلاء على مناطق الدونباس التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة الأوكرانية.
وفي حين أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا ستستمر على الأرجح تحت أي ظرف، فإن نجاح هذه المحادثات وشكل الصراع المستقبلي سيعتمد على التطورات التالية:
1) الهجوم العسكري الروسي في شرق أوكرانيا
يعد العامل الأهم الذي يعرقل المفاوضات حاليا هو تطوير الهجوم الروسي في شرق أوكرانيا، والذي بدأ في 18 أبريل/نيسان. ومن المرجح أن تحاول القوات الروسية الاستيلاء على الحدود الإدارية التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة الأوكرانية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، بعد تطويق هذه المنطقة.
ومن المرجح أن يحافظ الجيش الروسي على موقف دفاعي في منطقة خيرسون وشن هجمات متفرقة للحفاظ على حالة الردع وإفساد المحاولات الأوكرانية لاستعادة الضفة الغربية لنهر دنيبر. ومن شأن استعادة روسيا لمنطقة دونباس أن تمكن الكرملين من ادعاء النصر وتحقيق أهدافه العسكرية المتمثلة في "تحرير" و "حماية" المناطق الانفصالية التي تحتلها روسيا، والتي ستعطي الحرية لروسيا بعد ذلك في تحريك قواتها بمبرر دفاعي حتى تتقبل أوكرانيا هذا الواقع.
ويعد السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تخصيص موسكو لموارد كبيرة من أجل تحقيق هذه الأهداف بسرعة قبل إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد والتجاوب مع أي تسوية تفاوضية. وقد يدفع ذلك أوكرانيا إلى شن هجمات مضادة خطيرة ضد القوات الروسية المتخندقة في وضع دفاعي.
وإذا فشلت روسيا في تحقيق الحد الأدنى من أهدافها واحتفظت القوات الأوكرانية بمواقعها لعدة أسابيع أخرى، فمن المحتمل أن يتم دفع روسيا في نهاية المطاف لإعادة تسمية ما يسمى بـ"العملية الخاصة" على أنها حرب لتبرير إجراءات التعبئة الإضافية في ظل يقينها بطول الصراع.
2) أهداف الحرب الروسية القابلة للاستبدال
بينما ستكيّف روسيا أهداف حربها على المدى القريب وفقًا للوضع في ساحة المعركة، سيظل هدف الكرملين على المدى الطويل تحقيق نفوذ واسع على أكبر مساحة ممكنة من أوكرانيا.
وتحتفظ روسيا بخيارات "ضبط وتبرير" أهدافها الحربية بناءً على تطور الوضع في ساحة المعركة. وإذا استعادت روسيا السيطرة على دونباس، فسوف تحافظ على أهدافها الحربية المخفضة وستزعم أن "نزع نازية" و "نزع سلاح" أوكرانيا قد اكتملا إلى حد كبير، وستصر على أن تدور المفاوضات حول حدود روسية أوكرانية جديدة ووضع الأراضي التي استولت عليها روسيا.
ووفق هذا السيناريو، سيكون هناك طريقان أمام روسيا لتتعامل مع محادثات السلام مع أوكرانيا؛ حيث يمكن لموسكو العودة إلى المفاوضات بحسن نية والسعي إلى اتفاق شامل مع كييف (وهو أمر غير مرجح ولكنه ممكن من الناحية النظرية)، أو يمكنها استخدام المحادثات ووقف إطلاق النار لكسب الوقت لشن هجوم آخر واسع النطاق للسيطرة على المزيد من الأراضي.
وقد يؤدي النجاح الروسي الكبير في ساحة المعركة إلى زيادة احتمالية الخيار الأخير لأن هذا النجاح سيشجع الروس للعودة على تحقيق الأهداف القصوى.
وإذا تمكنت القوات الروسية من إضعاف القوات الأوكرانية بشكل كبير والاستيلاء على أجزاء كبيرة من الأراضي لتهديد مدن مثل دنيبرو وخاركيف، فمن المرجح أن تعلن موسكو عن تعبئة واسعة لمواصلة الحرب وتأمين المزيد الأراضي الأوكرانية في أسرع وقت ممكن.
وتم تصميم أهداف موسكو "نزع نازية سلاح أوكرانيا" لتكون قابلة للاستبدال بشكل كبير، مما يسمح بترجمتها إلى حد أدنى من الأهداف يحفظ ماء الوجه، وفي الوقت نفسه تعمل كمبرر لمزيد من الهجمات ضد أوكرانيا.
3) احتلال روسيا للجنوب
وتعد قدرة روسيا على احتلال المزيد من الأراضي الأوكرانية خاصة في منطقتي خيرسون وزابوريزهزهيا أمرا مهما، حيث ستؤثر بشكل كبير في قرار روسيا بشأن مواصلة الحرب والمضي قدمًا في شرق أوكرانيا.
وهناك بالفعل دلائل على أن موسكو تعتزم القيام باحتلال طويل الأمد لمنطقتي خيرسون وزابوريزهزهيا وإنشاء حكومات موالية لروسيا هناك على غرار جمهوريتي لوهانسك ودونيتسك، ومن شأن ذلك أن يعرقل التوصل إلى اتفاق سلام.
واللافت للنظر أن المصادر الأوكرانية تزعم أن سلطات الاحتلال الموالية لروسيا تستعد لإجراء استفتاءات في تلك المناطق -(يمكن إجراؤها في الأسبوع الأول من مايو/أيار) بشأن استقلالها أو الضم الروسي.
في حالة إجراء هذه الاستفتاءات، كما يبدو مرجحًا، فمن المحتمل أن تضطر موسكو لعدم التخلي عن منطقتي خيرسون وزابوريزهزهيا نهائيا. ولكن إذا اختارت روسيا الحفاظ على أهدافها الحربية في الحد الأدنى، فلا يزال بإمكانها احتلال هذه المناطق لتبادلها لاحقًا مع أوكرانيا مقابل الاعتراف بدونباس وشبه جزيرة القرم.
ومع ذلك، يبدو هذا غير مرجح، لأنه سيتضمن التخلي عن الموالين لروسيا بشكل يمكن اعتباره وصمة عار غير ضرورية من قبل القوميين الروس، لا سيما أن موسكو استخدمت خطاب عدم التخلي عن الروس في دونباس لتبرير هذا العمل العسكري.
وبينما تفكر روسيا في شن هجمات مستقبلية جديدة على أوكرانيا، لن يكون لديها حافز كبير للانسحاب من خيرسون وزابوريزهزهيا، وكلما طال احتلال روسيا لهما، كلما زاد تقبل السكان المحليين والنخبة الروسية والرأي العام لفكرة ضمهما، مما سيقلل بشدة من إمكانية عقد صفقة سلام.
4) الموقف التفاوضي لأوكرانيا والقيود السياسية الداخلية
أبدى الوفد الأوكراني بالفعل مرونة في موقفه التفاوضي، وطرح وضع شبه جزيرة القرم ودونباس على طاولة النقاش في اجتماع مقترح بين الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين".
ولكن حتى لو تحقق مثل هذا اللقاء غير المحتمل حاليًا بين "بوتين" و"زيلينسكي"، فمن المرجح أن يطالب "بوتين" بالاعتراف الكامل والفوري بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم واستقلال دونباس، التي ستضمها روسيا لاحقًا، بينما لن يقبل "زيلينسكي" بأي شيء أقل من الرحيل الفوري للقوات الروسية من خيرسون وزابوريزهزهيا وأي مناطق روسية أخرى محتلة خارج دونباس.
وعلاوة على ذلكِ، ربما يخشى "زيلينسكي" أن تجري روسيا المفاوضات بسوء نية، وتبدي أنها قريبة من عقد صفقة شاملة أو تعقدها بالفعل فقط لتتراجع عنها فيما بعد وتجدد غزوها.
بالإضافة إلى ذلك، من غير المرجح أن يقبل العديد من الجنود الأوكرانيين اتفاق سلام، حتى لو كان لصالح أوكرانيا نسبيًا، ويمكن أن يحاولوا مواصلة القتال أو الاحتجاج على هذه الخطوة. وستقاوم كييف أي صفقة تفتح الباب لتجدد الحرب مستقبلا أو تخلق خلافا داخليا من شأنه أن يعرض الوحدة الحالية للبلاد للخطر (وهو أمر مهم للغاية وسط احتمالية استمرار الحرب).
وهكذا، ففي حين أن أوكرانيا وروسيا قد تتوصلان إلى وقف إطلاق نار محدود في الأسابيع والأشهر المقبلة، يظل من المستبعد للغاية التوصل إلى اتفاق سلام شامل، ناهيك عن أن يدوم.