- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
ستراتفور: تحديات هائلة.. هل يتجه المركزي التركي إلى خفض جديد لأسعار الفائدة؟
ستراتفور: تحديات هائلة.. هل يتجه المركزي التركي إلى خفض جديد لأسعار الفائدة؟
- 20 أكتوبر 2021, 6:38:03 م
- 494
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
للشهر الثاني على التوالي، قد يتجه البنك المركزي التركي إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه في 21 أكتوبر/تشرين الأول وذلك بعد عزل مسؤولي البنك الذين قاوموا هذا الخفض الأسبوع الماضي.
وعلى المدى القصير، سيؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تفاقم مشكلة التضخم وضعف العملة من خلال تحفيز المزيد من فرار رؤوس المال.
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، أقال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" 3 أعضاء في لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي والذين قاوموا مطالبه بخفض أسعار الفائدة.
وكانت استجابة السوق لإقالات البنك المركزي فورية، حيث انخفض سعر صرف الليرة التركية بنسبة 3% خلال الأسبوع الماضي.
وانخفضت قيمة الليرة مقابل الدولار الأمريكي بنسبة تقارب 200% على مدى السنوات الخمس الماضية، وبنسبة 400% على مدى السنوات العشر الماضية.
مخاطرة تهدد نقاط الضعف
يهدد تخفيض سعر الفائدة بزيادة تقلبات السوق نتيجة اهتزاز ثقة المستثمرين في اقتصاد تركيا التي تعتمد بشكل كبير على تدفقات رأس المال قصيرة الأجل لتمويل النظام المصرفي الضعيف والشركات المثقلة بالديون. ويعاني الاقتصاد التركي من نقاط ضعف رئيسية لكن أهمها في هذا الصدد:
انخفاض مستوى احتياطيات النقد الأجنبي: ففي ظل وجود التزامات بنحو 140 مليار دولار، فإن المصروف بالعملة الأجنبية يتجاوز عوائد النقد الأجنبي التي كانت تعادل 69.3 مليار دولار في نهاية أغسطس/آب، ما يعني أن هناك عجز قيمته 70.7 مليار دولار. وبالرغم أن احتياطيات الذهب لدى البنك المركزي التركي تقدر حاليا بإجمالي 40.6 مليار دولار، إلا أنها تعد غير سائلة على المدى القصير.
كما إن نسبة عالية من الودائع المصرفية هي بالدولار أو اليورو. ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، وصلت الودائع بالدولار واليورو إلى 60% من الودائع المصرفية المحلية في النصف الأول من عام 2021. وبالتالي إذا حدث سحب محتمل لودائع العملات الأجنبية، خاصة إذا فقد المواطنون الأتراك الثقة في البنوك، فإن ذلك يمكن أن يخفض الليرة بمعدل أسرع.
مشكلة الشركات ذات المديونية العالية: فخلال السنوات العشر الماضية، نمت ديون الشركات مقارنة بحصتها من الأسهم من 150% إلى 250% في مختلف القطاعات في تركيا. وتتجلى المشكلة بشكل خاص في قطاعات النقل والغذاء والسكن حيث تقترب هذه الشركات من مديونية 500%. كما إن حوالي 20٪ من ديون الشركات مقومة أيضًا بعملة أجنبية ما يعني تعرضها لمخاطر سعر الصرف في غياب التحوط.
وتعطي السياسات الاقتصادية لـ"أردوغان" الأولوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي بسرعة على حساب التضخم وتدهور سعر الصرف، لكن الانخفاض المتوقع في النمو الاقتصادي التركي في العام المقبل يشير إلى أن السرعة الحالية للتوسع ليست مستدامة.
وكانت تركيا ضمن عدد قليل من الأسواق الناشئة التي شهدت نموًا إيجابيًا بنسبة 1.8% في عام 2020، والذي تضمن قفزة قدرها 5.9% في الربع الرابع من العام الماضي (على أساس سنوي) مدفوعة بزيادة قدرها 8.2% في الاستهلاك وارتفاع 10.3% في أعمال البناء.
وظل النمو قويا نسبيا في النصف الأول من عام 2021، ويتوقع "الاستشراف الاقتصادي العالمي" التابع لصندوق النقد الدولي أن يزيد إجمالي الناتج المحلي التركي بما مجموعه 9% هذا العام قبل التراجع إلى 3.3% في عام 2022.
وقد ساعد استئناف السياحة في عام 2021، إلى جانب زيادة الطلب الأوروبي على البضائع التركية وسط اضطرابات الإمدادات الآسيوية، في تقليل عجز الحساب الجاري في تركيا.
ويتسم الاقتصاد التركي بالنمو الائتماني السريع الذي يعزز الاستهلاك وأعمال البناء ويسرع التضخم ويرفع عجز الحساب الجاري كما يجفف الاحتياطيات الأجنبية في وقت تحاول فيه الحكومة الدفاع عن سعر الصرف المتردّي. ويعد نمو الائتمان عاملًا أساسيًا في دعم الطلب المحلي حيث زادت كمية الأموال في الاقتصاد التركي بنسبة الثلث في عام 2020 وارتفع ائتمان القطاع الخاص بنسبة 35% تقريبا.
وتباطأ نمو الأموال في تركيا بشكل طفيف في النصف الأول من السنة المالية 2021 حيث اتبع البنك المركزي التركي مؤقتا سياسة أكثر حذرا، لكن ذلك سيتغير مع انخفاض أسعار الفائدة وتدهور الظروف المالية.
وفي سبتمبر/أيلول، بلغ معدل التضخم في تركيا أعلى مستوى منذ عامين ونصف بما يقدر بـ 19.6%، أي ما يقرب من 4 أضعاف الهدف الرسمي للبنك المركزي التركي. وتزايد غضب الأتراك بسبب أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بنسبة 29% في الشهر الماضي.
وفي أحسن الأحوال، سينخفض التضخم في تركيا ببطء في وقت تظل فيه أسعار الطاقة والمواد الغذائية العالمية مرتفعة، مع استمرار تراجع سعر الصرف.
وسيستمر "أردوغان" في الضغط من أجل مزيد من التخفيض في أسعار الفائدة في وقت يتحرك فيه بقية العالم نحو تشديد السياسة النقدية، ما قد يؤدي إلى مزيد من فرار رؤوس المال.
وفي مواجهة تدهور الليرة السريع، قد يرضخ البنك المركزي التركي لضغوط السوق في 21 أكتوبر/تشرين الأول عبر تثبيت سعر الفائدة عند نسبة 18% أو خفضها بأقل من الـ 100 نقطة أساس المتوقعة.
ومع ذلك، فإن أي تحرك لإرجاء خفض سعر الفائدة سيكون مؤقتًا، في وقت يتجه فيه التضخم إلى 20% ما يعني أن قيمة الفائدة الحقيقية ستكون سلبية، مما يزيد عدم اليقين السياسي ويخاطر بمزيد من فرار رؤوس الأموال.