شيماء مرسي تكتب: إعلام النظام الإيراني يتهم الإصلاحيين بأنهم "يصطادون في مياه مهسا أميني العكرة

profile
شيماء المرسي باحثة دكتوراة بالشأن الإيراني
  • clock 8 أكتوبر 2022, 3:13:29 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

خلال الأيام الأخيرة، أثارت تصريحات بعض الشخصيات الإصلاحية الجدل في أثناء ذروة اشتعال الداخل الإيراني بالاحتجاجات، في أعقاب وفاة الفتاة الإيرانية الكردية مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما بعد احتجازها من قِبَل شرطة الأخلاق بتهمة عدم ارتداء الحجاب، وهو ما دفع الإعلام الحكومي وشبه الحكومي الإيراني إلى اتهام الإصلاحيين بالتواطؤ مع الجماعات المناهضة للثورة الإسلامية؛ من أجل تحقيق مآربهم في استعادة السلطة بعد صعود المحافظين حصرا إلى مفاصلها.

ففي خضم تواتر الأحداث وتسارعها في إيران، نشرت وكالة أنباء “مهر” شبه الرسمية تقريرًا بعنوان “ماهی‌گیری اصلاحات از آب گل آلود/ کاسبی سیاسی با خون” أو: “اصطياد الإصلاحيين في الماء العكر، تجارة سياسية بالدم”، يوم السبت 9 مهر 1401 ه.ش الموافق 1 أكتوبر 2022، وقد اتهمت فيه التيار الإصلاحي بانتهاز الفرص بين الفينة والأخرى، لإثارة الرأي العام والتشكيك في أداء الحكومة الثالثة عشرة التي يقودها إبراهيم رئيسي.

وقالت الوكالة في تقريرها أنه لم يكن غريبًا موقف الإصلاحيين الداعم لقضية قتل الشابة الإيرانية “مهسا أمينى”، والتي كانت بمثابة تميمة حظ، بعد فشل محاولات التخبط في ملف إحياء الاتفاق النووي. فبدلًا من الأخذ بحذو الإعلام الأصولي المحافظ والحديث عن إنجازات إيران في الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون وزيارة رئيسي إلى الأمم المتحدة، للتغطية على المظاهرات، سار الإصلاحيون على نهج المعارضة الإيرانية، إذ انتقدت بعض الشخصيات الإصلاحية المعروفة قوات الشرطة الإيرانية، بل وشككت في عمل “شرطة الإرشاد”.

ازدواجية معايير الإصلاحيين

بعد إعلان خبر موت الشابة الإيرانية “مهسا أميني” في مستشفى “كسرى” كتب رئيس الحكومة الإصلاحية السابق “محمد خاتمي” على صفحته الخاصة بتويتر، “مأساة أخرى، ألمها يحرق حتى النخاع! بحسب الأخبار، ألقي القبض على فتاة يزعم ارتداؤها ملابس غير مناسبة، والتي تعرضت لإصابات ونوبة قلبية ودماغية في أثناء اعتقالها. أليست تلك الكارثة وما شابهها من أحداث متكررة، كافية من أجل الله وشرف الإسلام. ألا ينبغي التطرق إلى صبر الناس وأوضاعهم السيئة في ظل الاختناقات المعيشية ومواجهة كل أنواع الفساد الهدام وانعدام الكفاءات. ألا يجب ردع هذه الأساليب والسلوكيات المخالفة للقانون والمنطق والشريعة، في تشويه صورة الإسلام والنظام، والتعامل مع مثيري هذه الحوادث بشكلٍ مناسب”.

وقد أثار هذا التصريح حفيظة وكالتي “تسنيم” و”فارس” التابعتين للحرس الثوري، فالأولى كتبت مقالة دعت الرئيس محمد خاتمي إلى تهدئة الناس، والثانية طالبته بالإعلان بصوتٍ عالٍ، أنه في صف خامنئي.
من جانب آخر، انتقد “على خضريان” ممثل أهالي طهران في مجلس الشورى الإسلامي، تصريحات خاتمي، كما تعجب من حديث محمد خاتمي من سلوك شرطة الإرشاد، على الرغم من أنها تشكلت في أثناء حكومته الإصلاحية، وفي الوقت الذي كان تياره يعارض الحجاب المخالف ويقص شعر الناس في الشوارع. لكنه اليوم ينددّ بتلك الممارسات، ويحرض مثيري الشغب والفوضى بخطاباته المستفزة.

على صعيد آخر، أصدر مهدي كروبي أحد قادة “الحركة الخضراء” بيانًا، استنكر فيه اشتباكات الشوارع مع النساء والفتيات. كما طالب الشخصيات والتيارات السياسية بمتابعة قضية مهسا لمنع تكرار هذا النوع من الجرائم والإذلال، والتحرش بالنساء والفتيات.

في حين دعى حسن الخميني ــ حفيد روح الله الخميني ــ على صفحته بالإنستجرام، قوات الشرطة إلى الشفافية والدقة في التعامل مع قضية الفتاة البالغة من العمر 22 عاما. خاصة وأن عدم اتخاذ إجراءات قانونية في الوقت المناسب، ووقف تلك الممارسات المعيبة وما ينجم عنها من حوادث بين الحين والآخر، سيضاعف حالة الخوف من تكرار تلك المآسي.

رفع حالة التصعيد

لم يقف هجوم الإصلاحيين على انتقاد سلوك قوات الشرطة ودورية الإرشاد، بل امتدّ لرفض قانون الحجاب من الأساس، فخلال الأيام الأخيرة بلبلت عدة تصريحات لشخصيات إصلاحية الداخل الإيراني، عندما عارضت قانون الحجاب. ومنهم: غلامحسين كرباستشی، رئيس تحرير صحيفة “هم ميهن”، وهو الذي صرح مؤخرًا في مناظرة تلفزيونية حول الحجاب قائلًا: عندما نرى قانونًا، شُرع في زمنٍ ما، لا يلقى موافقة غالبية المجتمع، لابد من مراجعته من جديد، لأنه وفق هذا القانون، تعتبر المرأة مذنبة إذا بدت منها خصلة شعر واحدة، وعليه يجب على السلطة التشريعية تعديل هذا القانون. أنا لا أقبل قانون الحجاب، لأنه يضرّ الناس ويشوه الإسلام”.

بينما كتب إسحاق جهانغيري، النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق حسن روحاني، على صفحته بالإنستجرام: “الحادثة المأسوية التي تعرضت لها مهسا أميني، حادثة مريرة ومحزنة ولا يمكن تجاهلها… ومن المهم تبني إجراءات وسياسات لوقف هذا السلوك غير الأخلاقي وغير الإسلامي إلى الأبد”.

أما عباس عبدي فكان شخصية إصلاحية أخرى، أبدت حزنها من تراجع المظاهرات، حيث كتب معلقًا، “على أي حال، هنالك احتمال أن يتم إطفاء هذه النار عاجلًا أم أجلًا، وتندثر تحت الرماد، لكنها في وقت لاحق وفي المكان المناسب ستعود من جديد، وبالتأكيد لن تنطفئ وقتها”.

في حين شككت معصومة ابتكار، نائبة روحاني السابقة لشؤون المرأة، في المقطع الذي نشره الإعلام الحكومي عن لحظة وفاة الشابة مهسا أميني، وعلقت بقولها إن هناك العديد من النقاط غير الواضحة في الفيديو، ومنها على سبيل المثال، أن صور المستشفى لا تتطابق مع الصورة المنشورة.
ابتكار قالت إنه من المحزن، انعدام الثقة ورفض الناس لكلام الشرطة. كما كتب النائب الإصلاحي السابق مصطفى كواكبيان: “من المهم كسب رضا الشعب، ولا يمكن ضمان تدين الناس وحل المشكلات من خلال القوة والتزمت وأمثال شرطة الإرشاد”.

خاتمة

عليه يبدو من الوهلة الأولى، أن هجوم الإصلاحيين على الحجاب وتأييد موقف المعارضة الإيرانية، يعني أنهم قرروا تغيير سياستهم والوقوف مع حقوق الشعب، من خلال توظيف منصاتهم الإعلامية وخطابات رجالهم، لتكون المنبر السياسي المؤيد لهم في الداخل، إلا أن الحقيقة، تتبلور في تعطشهم إلى العودة للسلطة، وكسب أصوات الناخبين من أجل اكتساح المقاعد البرلمانية خلال الانتخابات المقبلة، حتى لو اضطروا إلى تأجيج الداخل بالرفض والكره وأعمال الشغب ضد الحكومة المحافظة.

بعبارة أخرى، يريد الإصلاحيون استثمار أزمة الحجاب والاحتجاجات لصالحهم، وكسب أكبر قدر من التأييد الشعبي، نظير دعم رأي المعارضة الداخلية والطعن في الحكومة، ما يعني أن صخب الإصلاحيين الحالي، سيتزايد خلال الأيام القادمة وحتى موعد الانتخابات البرلمانية المقرر انعقادها في نهاية العام الفارسي المقبل 1402 هـ. ش الموافق فبراير 2024.

التعليقات (0)