تكبير الخط تصغير الخط

تبدي أوساط أمنية في دولة الاحتلال انزعاجها من زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الصين، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين تل أبيب وواشنطن توترا، ومخاوف من تفاقمها بسبب بكين.

وأكد نتنياهو زيارته إلى الصين، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "التعاون الأمني والاستخباراتي بين تل أبيب وواشنطن في أعلى مستوياته على الإطلاق"، فيما أكد جميع كبار المسؤولين العسكريين ومسؤولي وزارة الحرب بأن التعاون ممتاز وواضح في التدريبات الحربية للعامين الماضيين، ومنها محاكاة الهجمات في إيران، والمعلومات الاستخباراتية الحميمة التي تشاركها وكالات الاستخبارات حول العدو المشترك

يوسي يهوشاع المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أن "جيش الاحتلال على دراية تامة بالأزمة بين تل أبيب وواشنطن".

وفي تقييم الوضع الذي زاد من احتمالية نشوب حرب هذا العام، تم تحديد ثلاثة أسباب رئيسية حددها الأعداء، أولها ضعف الولايات المتحدة في المنطقة، وحسب وجهة نظرهم لا تعرف كيف تحمي حلفاءها، وأكبر مثال على ذلك هو اختيار السعودية لتقوية العلاقة مع إيران، وثانيها الأزمة الداخلية في "إسرائيل" بعد الانقلاب القانوني، وثالثها فهمهم أن العلاقة الإسرائيلية الأمريكية قد ضعفت، لدرجة أنه ليس من المؤكد أن الولايات المتحدة ستدافع عن تل أبيب في حرب شاملة.

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "زيارة نتنياهو إلى الصين لن تتسبب بدعوته للبيت الأبيض، بل على العكس من ذلك، فإنها ستثير الغضب، لذلك يمكن اعتبارها توقيتا سيئا من الناحية التكتيكية، وإذا كان هناك شيء واحد يزعج الإدارة الأمريكية، فهو الخطاب الإسرائيلي حول "التنوع من الركائز"، وأي محاولة إسرائيلية للتوفيق بين الولايات المتحدة وبين منافسيها، خاصة الصين، فإنه سيعرض العلاقة الخاصة معها للخطر؛ لأنه ليس هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا القيام بها للاستفادة منها، ولكن يمكننا بالتأكيد أن نتأذى، وهذا العمل نوع من التسريع السلبي".

وأوضح أن "الكراهية الإسرائيلية للأمريكيين فائدتها الوحيدة توحّد الجمهوريين والديموقراطيين، ولا تزال "إسرائيل" تجرّ أزمة طائرة فالكون الاستخباراتية التي أرادت بيعها للصين، لكنها واجهت معارضة جدية أدت لأزمة أمنية حادة مع الولايات المتحدة"

"صحيح أن العلاقة الأمنية اليوم بين الجانبين ممتازة، فإنها لم تصل بعد لرتبة رئاسة الأركان، وكان من المفترض أن يزور مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة دولة الاحتلال، ولكن تم إلغاؤها بسبب محاولة الانقلاب في روسيا، كما لا يسمح نتنياهو لوزير الحرب يوآف غالانت بزيارة واشنطن".

وأكد أن لقاء غالانت بنظيره الأمريكي لويد أوستين قبل عشرة أيام في بروكسل، كان جيدا بالفعل، لكن حقيقة أنه لم يعقد في الولايات المتحدة مرة أخرى، يشير لعمق الأزمة على المستوى السياسي.

وتابعت: "صحيح أن نتنياهو سيقول إن هذه الزيارة نوع من الإشارة لأمريكا، وربما أيضا تقليد لبعض اللاعبين الآخرين في المنطقة، مثل السعودية، التي تمسك بالحبل من الطرفين: إيران والصين، وكذلك الولايات المتحدة، مع أن الإسرائيليين ليسوا سعوديين، وعلاقتهما مختلفة تماما، والالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل ليست ذاتها تجاه المملكة".

وختم بالقول بأن "تضرر العلاقة الأمنية الامريكية الإسرائيلية يعني أن تنعكس على ميزانية المساعدة السنوية التي تقترب من أربعة مليارات دولار، وفي التكنولوجيا التي تتمتع بها دولة الاحتلال بفضل الصناعات العسكرية الأمريكية، وبدعم شبه كامل منها، خاصة عند الحديث عن هجوم على إيران، ومن الواضح تماما أنه بدون الولايات المتحدة لا يمكن تحقيق ذلك، التي توفر لها دعما سياسيا كاملا في الأمم المتحدة".
الخلاصة الإسرائيلية من التوتر المتصاعد مع واشنطن، أنه سينقل وضعها الاستراتيجي الحالي المتغير من السيئ إلى الأسوأ، وفي نفس الوقت من المتوقع أن تتسبب بأزمة داخلية حادة تشجع أعداء الاحتلال على الشروع في أنشطة عسكرية ضده، مع أن المنطق يقول ألا يتسبب الاحتلال بإزعاج الأمريكيين، وبالتأكيد ليس الآن؛ لأنه بحاجة لأكثر من أي وقت مضى للمساعدة الأمنية التي ستضمن تفوقه، وفوق كل شيء خوض الحرب الطويلة، وفي ساحات متعددة.

أكثر من ذلك، فإن هذا التوتر من شأنه أن يعيق صفقات عسكرية مهمة مثل الطائرات المقاتلة والأسلحة الدقيقة، ولعل آخر ما يحتاجه الاحتلال أن يتخذ الأمريكيون إجراءات إضافية ضد مؤسسته الأمنية والعسكرية، بما يتجاوز الإجراءات الشخصية المتخذة بالفعل ضد نتنياهو.