- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عادل أبو هاشم يكتب: الدكتور إبراهيم المقادمة "فارس القلم والمقاومة "
عادل أبو هاشم يكتب: الدكتور إبراهيم المقادمة "فارس القلم والمقاومة "
- 8 مارس 2023, 6:43:08 ص
- 338
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لكل شعب يوم لشهدائه ، ولكن الشعب الفلسطيني كل أيامه على مدار السنة أيام شهداء ، لأنه شعب شهيد من أرض شهيدة ، ومسيرته نحو النصر التي يزيد عمرها على قرن من الزمان تحفل بالاستشهاد المتواصل ، بل أنها تستمر بفضل الاستشهاد المتواصل ، فيه تصمد ، وبه تتصاعد ، وبه ستبلغ الهدف ــ إن شاء الله ــ .
عشرون حمامة تحلق فوق الجثمان، وتقترب رويدًا رويدًا من جسده الطاهر في ملابسه المنداة بدمه.. تقترب الطيور إلى مستوى رؤوس المشيعين بالقرب من الجثمان، ثم ترتفع، ربما تبشره بما رأت من منزله الجديد.. أو كأن الفضول قادها لتشاهد هذا الذي تستقبله السماء بكل هذا الفرح.. طوّفت الحمامات في جو معبق برائحة المسك الفوَّاح.. هذه الرائحة التي تسابق المشيعون إلى تنسمها من الجثمان، بل ووضع المناديل على الجسد القوي علَّها تتشبع ببعض من ريح الجنة.
لم تُروَ هذه الكرامات في أحد كتب السلف الصالح، ولا هي جزء من التراث الصوفي، وإنما شهدها ربع مليون فلسطيني في جنازة أحد رجالهم الأفذاذ .
ما كان ذلك المسجّى على الأعناق إلا القائد المجاهد الدكتور إبراهيم أحمد خالد المقادمة " أبا أحمد " في مشهد عرسه الذي امتد إلى مسيرة الـ100 ألف في البريج والمنطقة الوسطى، ومسيرات حاشدة في اليمن وسوريا ولبنان والسودان؛ لتحيي ذكرى القائد المقادمة، ولترفع علم الجهاد والمقاومة .
إنه نفس الرجل الذي تعود جيرانه أن يروه في المسجد الملاصق لمستشفاه، ممسكًا بمسّاحة لتنظيف أرضية الحمامات ، رافضًا بإصرار شديد أن يقوم واحد من الشباب بتحمل هذا العمل عنه.
الدكتور إبراهيم المقادمة فارس القلم والمقاومة ، ورجل المواقف الصعبة ، رجل تحلى بالصبر والجلد ، وعاش مفنيا حياته من اجل فلسطين .
زرع في نفوس الشباب جذوة الجهاد المقدس وأسس قواعد للمجد لن تتراجع ، وأدرك ان الحق لا بد له من قوة تحميه ،
كان من أوائل مؤسسي الجهاز العسكري لحركة حماس في قطاع غزة ، ومن جنرالات العمل العسكري قبل أن ينتقل للعمل السياسي والدعوي .
لم يكن مجرد شخصية عسكرية أو سياسية فحسب ، وإنما كان له من العلم نصيب الذين فتح الله عليهم ، في العقيدة كان عالما ، وفي التفسير كان مجتهدًا ، وفي الحديث له نظرات ، ومع الفقه له وقفات ، كما كان شاعرًا ومفكرًا ، وصاحب نظرية في التربية ، رغم انه حاصل على بكالوريوس في طب الاسنان .. !!
" نريد أن نحيا كرامـًا أعزة في بلادنا قرارنا بأيدينا ونحكم في حياتنا وشئوننا وفق أحكام شريعتنا ونحافظ على هويتنا الإسلامية التي هي عنوان بقائنا كأمة، وأن نبني حضارتنا الخاصة بنا والتي أسعدت الإنسانية قروناً طويلة حيث سادت قيم العدالة والإنسانية مع سيادتنا".
عبارة لطالما رددها الشهيد القائد المجاهد الدكتور إبراهيم المقادمة " أبو أحمد " في لقاءاته وخطبه .
رفض حياة الذل والخنوع والاستسلام وأصر على البقاء شامخـًا رافع الرأس يدافع عن كرامة الأمة حتى نالت منه يد الغدر الصهيونية ليبقى فينا مؤسساً ومعلماً على طريق تحرير فلسطين كل فلسطين.
كان دائما يردد على مسامع من حوله :
" الحقوق تنتزع ولا توهب والإرادة حتما ستنتصر " ، فكان بحق رجل في زمن غاب فيه الفعل ، وندرت الرجولة ، وتقاصرت النيات وتطاطات الجباه والهمم ، فكان يؤمن دائما ان نشوة النصر تنبئ عنها حجم التضحيات وغزارة شلالات الدم ، وكتب أخيرا بدمائه القانية على كراسة الأرض الممتدة " فليستمر الجهاد والمقاومة " .
أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على اغتيال القائد المجاهد البطل الدكتور إبراهيم أحمد المقادمة أحد القادة التاريخيين لحركة المقاومة الأسلامية " حماس " مع ثلاثة من مرافقيه هم : المجاهد عبد الرحمن زهير العامودي، والمجاهد خالد حسن جمعة، والمجاهد علاء محمد الشكري في غارة شنتها المروحيات الإسرائيلية على سيارته في غزة في يوم السبت 8/3/2003م.
رحل الدكتور إبراهيم المقادمة " أبا احمد " بعد ان نالت منه صواريخ الحقد و الغدر قبل ان يحقق حلمه برؤية فلسطين من بحرها إلي نهرها حرة .. ينعم أهلها بالأمن و الأمان .
أيها القائد الشهيد أبا أحمد . . يا عبق الشهادة . . سيذكرك شعبك لأنك زرعت فيه البقاء . . ولأنك رسمت له فوهه النصر على إمتداد خارطة الوطن .
سيذكرك أبناء شعبك لأنك ستهب مع كل نسائم الوطن . . وسترد ذكراك كلما ترجل شهيد من شهداء الوطن .