- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
"عصر جديد": عمليات الموساد التي سبقت تدمير المفاعل النووي العراقي
"عصر جديد": عمليات الموساد التي سبقت تدمير المفاعل النووي العراقي
- 6 يناير 2023, 8:17:01 م
- 355
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نفذ الموساد عمليات سرية في أماكن عديدة في العالم، في سبعينيات القرن الماضي، أطلق عليها تسمية "عصر جديد"، شملت عمليات تفجير وتجنيد عملاء، بينهم مواطنون من دول عربية، بهدف منع الرئيس العراقي حينها، صدام حسين، من بناء مفاعل نووي، مفاعل "تموز". إلا أن حملة "عصر جديد" فشلت في تحقيق هدفها، وقررت إسرائيل قصف المفاعل العراقي وتدميره.
وحاولت إسرائيل، في السبعينيات، إقناع فرنسا بالامتناع عن بناء المفاعل في العراق، بعد أن علمت بمفاوضات بين فرنسا والعراق حول ذلك. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، "استعانت إسرائيل بدبلوماسية سرية وعلنية من أجل التأثير على فرنسا ودول أخرى التوقف عن مساعدة صدام حسين في التقدم نحو سلاح دمار شامل".
ولم تنجح هذه الحملة "الدبلوماسية"، فيما وقعت فرنسا، في تشرين الثاني/نوفمبر 1976، على اتفاق لتزويد العراق بمفاعلين نوويين، أحدهما كبير والآخر صغير، بحسب الصحيفة.
وإثر ذلك بدأت أجهزة استخبارات إسرائيلية، شملت الموساد ووحدتي 8200 و81 التابعتين لشعبة الاستخبارات العسكرية ولجنة الطاقة الذرية، حملة "عصر جديد" وهدفها "عرقلة وإحباط صدام حسين". وقاد هذه الحملة نائب رئيس الموساد في حينه، ناحوم أدموني.
وجرى من خلال هذه الحملة تكليف شعبة "تسوميت" في الموساد بتجنيد عملاء. وشارك في الحملة رؤساء بعثات وضباط جمع معلومات وعناصر كثر في الموساد. وكان أهارون شيرف يرأس بعثة "تسوميت" في فرنسا. وأصدر شيرف (85 عاما) مؤخرا كتابا بعنوان "رسائل بريد من الموساد"، وهو عبارة عن مذكرات يكشف فيه عن أحداث من وراء الكواليس وعن عمله في الموساد خلال عشرات السنين.
ونقلت الصحيفة عن شيرف قوله إنه "عملنا تحت أنظار الفرنسيين. وفي مرحلة مبكرة جدا حصلنا على الخرائط والخطط الأولية للمفاعل. وعملنا بحذر بالغ من أجل الحصول على هذه الوثائق".
وبحسبه، فإن هذا لم يكن كافيا، وأن الموساد كان بحاجة إلى مصادر بشرية مطلعة وبإمكانها الوصول مباشرة إلى بناء المفاعل. وأضاف أن مصادر كهذه كانت كثيرة. فالشركة الفرنسية التي بنت المفاعل كانت تشغّل، بشكل مباشر وغير مباشر، مئات التقنيين والمهندسين والفيزيائيين والكيميائيين الفرنسيين، واستأجرت خدمات خبراء وشركات أجنبية، بينها شركات ألمانية وإيطالية. وبحث الموساد خصوصا عن أشخاص عملوا وزاروا موقع بناء المفاعل.
وتحدث شيرف عن "ضابط من دولة عربية مهمة جاء للدراسة في باريس، وعلمنا أنه مسلم متدين وقومي، وأن دولته فوق أي شيء بالنسبة له. لكن من جهة أخرى، علمنا أنه وحيد ولا يعرف اللغة المحلية (الفرنسية) وأنه لم يكن مقبولا جدا في مكان عمله. أدركنا نقطة ضعفه".
وتابع أنه "فجأة ظهرت جارته اللطيفة تجاهه وتنصحه أين يجدر به أن يشتري باغيت جيد. واضح إنها كانت من قِبَلنا. وبعد فترة، وصل إلى بيت الجارة شخص يُعرّف نفسه بأنه ابن عمها من إيطاليا. وهذا كان بالطبع ضابط جمع معلومات استخباراتية في الموساد. ودعا الاثنان الضابط العربي الوحيد إلى لقاء في حانة. وكنت أراقب اللقاء من الشارع".
وبحسب شيرف، فإن عميلا الموساد دعيا "الضابط العربي" إلى تناول مشروب الويسكي. "وأقنعناه بأن هدف المعلومات التي تهمنا من أجل السلم العالمي. وقد زودنا طوال 20 عاما، وبعد ترقيته في الرتب العسكرية، بمعلومات من دون أن يعلم أنه يعمل لصالحنا عمليا".
وأضاف شيرف أن أمرا مشابها حدث بعد تجنيد مهندس إيطالي، في أعقاب تفجير الموساد قنبلة أمام باب منزله، وبعد ذلك أقنعه عميلان من الموساد بتزويدهم بمعلومات حول المفاعل العراقي.
رغم هذه الحملة الإسرائيل، استمر تقدم بناء المفاعل العراقي. وفي مطلع الثمانينيات أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، مناحيم بيغن، بتنفيذ عمليات اغتيال وتخريب من أجل منع استمرار بناء المفاعل العراقي.
وبين العمليات التي نفذها الموساد، اغتيال المهندس المصري، يحيى المشد، في غرفته في فندق مريديان في باريس، في 14 حزيران/يونيو 1980، بادعاء أنه أحد المسؤولين في خطة بناء المفاعل العراقي. ونفذ الاغتيال عناصر وحدة "كيدون"، وهي وحدة الاغتيالات في الموساد.
وفي 6 نيسان/أبريل 1979، فجّر الموساد مخازن تابعة لشركة فرنسية متخصصة بإنتاج قطع لسفن ومفاعلات نووية باسم (CMIM)، في بلدة لا سِيْن سور مور قرب طولون على شاطئ البحر المتوسط. ووفقا لكتاب صدر في الولايات المتحدة، فإنه سبق التفجير حضور رئيس الموساد حينها، يتسحاق حوفي، إلى فرنسا متنكرا وبهوية وهمية، من أجل الاطلاع على هذه العملية عن كثب. وتبين لاحقا أن القطع المخصصة للمفاعل العراق لم تتضرر من جراء التفجير وتم إصلاحها ونقلها إلى العراق.
وفي بداية العام 1981، كان واضح للإسرائيليين أن حملتهم الاستخباراتية وعملياتهم لا تمنع تقدم بناء المفاعل النووي العراقي، الذي شارف على الانتهاء. عندها، أبلغ نائب رئيس الموساد بيغن بذلك، وأن "هجوما عسكريا بإمكانه فقط القضاء على البرنامج النووي العراقي. وفي حزيران/يونيو 1981، قصفت طائرات حربية إسرائيلية المفاعل ودمرته، بموجب أمر أصدره بيغن.