- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب: ورقة عمل: االلاجئون الفلسطينيون في لبنان ... لاجئون ولكن
عماد عفانة يكتب: ورقة عمل: االلاجئون الفلسطينيون في لبنان ... لاجئون ولكن
- 5 سبتمبر 2023, 10:40:49 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يقارن اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بين إجراءات السلطات اللبنانية تجاههم، وبين ممارسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين في مختلف الأراضي الفلسطينية.
الدولة اللبنانية تستضيف مئات الاف اللاجئين الفلسطينيين منذ أكثر من 75 على أراضيها، في مخيمات لا تليق بأدنى المعايير الإنسانية والادمية.
وفي الوقت الذي يقوم فيه الاحتلال الصهيوني بالعديد من الإجراءات المنهجية، التي تهدف الى حصارهم والتضييق عليهم بهدف تهجيرهم وافراغ بيوتهم واراضيهم، لتكتمل سيطرة العدو على كامل الأرض الفلسطينية.
فضلا عن منع الاحتلال للمقدسيين من اية عمليات بناء او حتى ترميم لبيوتهم في انتظار ان يعدو عليها الزمن، وان يضطر الفلسطينيون للهجرة وترك بيوتهم وافراغ ارضهم لتكتمل سيطرة الاحتلال على وطنهم.
تعتمد الدولة في لبنان مجموعة من الإجراءات تجاه اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات تتشابه الى حد كبير مع انتهاكات العدو الصهيوني.
فما زالت الدولة اللبنانية تمنع توسيع المخيمات المكتظة، وتمنع بناء بيوت جديدة، وتمنع حتى دخول مواد البناء إلى المخيمات الفلسطينية، بهدف ترميم البيوت التي مضى عليه انشائها عشرات السنوات، وباتت آيلة للسقوط، كأداة أساسية في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحق في السكن.
كما يمنع لبنان اللاجئين الفلسطينيين من التملك طبقا لقانون منع الملكية للعام 2001 برقم (296)، الأمر الكفيل بتحويل المخيمات الفلسطينية بلبنان إلى واحدة من أكثر بقاع العالم اكتظاظاً بالسكان، والى مخيمات تفتقد الى الحد الأدنى من معايير السكن الآمن والآدمي.
ولم يكتفي لبنان بذلك بل ويصر على منع اللاجئون الفلسطينيون من العمل في عشرات المهن، في الوقت الذي تواصل فيه “أونروا” المنظمة الأممية المكلفة بإغاثتهم وتشغيلهم الى حين عودتهم الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها، تواصل حملة التقليصات في الإغاثة والخدمات، الأمر الذي يترك اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعانون ظروفاً قاتلة، في ظل بيئة طاردة يحرم فيها اللاجئ الفلسطيني من أبسط متطلبات الحياة والاحتياجات الإنسانية.
وكأنه مخطط طويل الأمد لحصارهم والتضييق عليهم بهدف تهجيرهم، وابعادهم من لبنان، وتفريغ مجموعة من المخيمات الأقرب الى فلسطين المحتلة، والتي كانت في يوم من الأيام قلاع للثورة والمقاومة.
يقوم العدو بعمليات هدم ممنهج لبيوتهم الفلسطينيين في القدس وفي الضفة كما داخل الخط الأخضر، بحجة البناء غير المرخص، ويعتقل أصحابها، ويفرض عليهم غرامات باهظة.
وهو ذات الامر الذي تقوم به الدولة اللبنانية، عبر اعتقالها للاجئة الفلسطينية المسنة نصرة موسى مباركة 64 عاما، في تموز/يوليو الماضي بتهمة “البناء من غير المرخص، في جريمة فاقعة سلطت الضوء على ممارسات مجحفة يتعر ض لها الفلسطينيون في لبنان.
فان إصرار لبنان على منع البناء في المخيمات والتدابير والإجراءات المرتبطة به، ليس لها الا تفسير واحد، وهو رغبة لبنان في إعادة تهجيرهم، وتشتيتهم في المنافي، الأمر الذي تحقق جزئيا، فبعد ان كان لبنان يضم أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني، بقي في لبنان اقل من 300 ألف لاجئ فلسطيني.
ان اقدام الدولة في لبنان على اعتقال حتى العجائز والمسنين من اللاجئين، واشتراط هدم بيوتهم في مخيم الرشيدية جنوب لبنان للإفراج عنهم، يضع لبنان والاحتلال الصهيوني في مقارنة مؤسفة امام نظر اللاجئين الفلسطينيين، الذين كانوا وما زالوا ينظرون الى لبنان كبلدهم الثاني، والذي يمثل لهم ظهير ونصير وحاضنة وسند وداعم لحقوقهم.
فلم يعرف اللاجئون سبب تراجع الدولة في لبنان عن قرارها السماح بإدخال مواد البناء لمخيماتهم بكميات محدودة وبتصريح خاص من وزارة الدفاع اللبنانية بدءا من 14 حزيران/ يونيو، 2004 والتي سرعان ما عاودت فرض المنع قبل انقضاء ستة أشهر من التاريخ بدءا من 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2004.
ولا تقتصر إجراءات منع دخول مواد البناء إلى المخيمات على الأفراد الفلسطينيين، ولكنها أيضا تشمل المواد التي تحتاجها وكالة “أونروا” لمشاريعها القليلة لإصلاح وصيانة المرافق الحيوية داخل هذه المخيمات، أو تنفيذ مشاريع البنية التحتية والصرف الصحي، أو تلك المشاريع النادرة لصيانة وترميم المنازل داخل المخيمات، والتي لم تتجاوز أساسا في مجموعها 7٪ من أعداد المنازل التي تحتاج إلى الترميم العاجل، حيث تواجه وكالة “أونروا” سلسلة طويلة من التعقيدات للحصول على موافقات لتنفيذ هذه المشاريع، والتي كثيرا ما قاد حجبها أو تأخيرها لتعطيل وإلغاء تنفيذ هذه المشاريع أو سحب المانحين لتمويلهم المرصود لتنفيذها.
استهداف وجود اللاجئين في لبنان والدفع باتجاه طردهم أو تهجيرهم قسرياً، يبدو انه هو هدف التصعيد في الممارسات والسياسات التي تستهدف اللاجئين الفلسطينيين، وما الإجراءات الأمنية المتخذة تجاه اللاجئين الفلسطينيين بحجة مخالفتهم لقرارات منع البناء، والتي طالت النساء وكبار السن، ووصلت في تعسفها إلى حد اعتقالهم وابتزازهم لهدم منازلهم، الا أداة لتعميق وتعميم وفرض حظر شامل على مساعيهم البسيطة لنيل جزء يسير من حقهم في السكن اللائق، الأمر الذي يؤشر الى هشاشة وضعف مجتمع اللاجئين الفلسطينيين أمام هذه الاستباحة لحقوقهم والقمع والإذلال المتصاعد بحقهم.
تتحمل “أونروا” المسؤولية عن حماية مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا لا يعفي المستوى الرسمي الفلسطيني الذي يقع عليه عبئ مواجهة الانتهاكات المستمرة بحقهم، فصمت الرسمية الفلسطينية هو عملياً قبول بتحمل اللاجئ الفلسطيني ثمن مخاوف قوى وتيارات عنصرية ناصبت العداء للوجود الفلسطيني في لبنان.
توصياتً:
- يجب أن تتحمل وكالة “أونروا” المسؤولية المباشرة عن الإيفاء بواجباتها في توفير الإيواء والسكن اللائق للاجئين الفلسطينيين، والتعامل مع السلطات اللبنانية بالشكل الملائم بما يضمن إزالة تلك القيود والقوانين المنافية لحقوق الإنسان والمصممة الانتهاك حقوق اللاجئين الفلسطينيين، كما تتحمل الوكالة مسؤولية مباشرة عن ضرورة توفير الدعم والتمويل والمشاريع الضرورية للنهوض البنية التحتية والمرافق الحيوية وترميم المنازل وتوفير السكن داخل المخيمات.
- توسيع حيز المخيمات الفلسطينية ومنح اللاجئين حقوقهم المتصلة باحتياجات التوسع الطبيعي لهذه الكتلة السكانية، هو مسؤولية مشتركة بين “أونروا” والدولة اللبنانية لا يمكن استمرار تعطيلها بأي حجة كانت.
- إن واجب الجهات الرسمية الفلسطينية مواجهة الانتهاكات المستمرة من قبل الدولة اللبنانية بحق الفلسطينيين، ولعب دور واضح في وضع حد لهذه الانتهاكات من خلال التحرك المباشر دبلوماسيا وسياسيا تجاه الحكومة اللبنانية وعبر مسارات العلاقات الثنائية، وأيضا عبر كل من المسار العربي والدولي فيما يستعصي تحقيقه من خلال الصلات المباشرة مع الحكومة اللبنانية لإلغاء هذه القوانين والإجراءات التمييزية.
- ان الحد الادنى الضروري من واجب المؤسسات الدولية والأهلية العاملة على الأراضي اللبنانية، وخصوصا تلك العاملة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، هو العمل على جهد حقيقي تنشط من خلاله كشبكات دعم وحماية لحقوق الفلسطينيين في مواجهة السياسات العدائية المسلطة ضدهم.
منقول بتصرف عن ورقة عمل بعنوان “منع البناء في المخيمات الفلسطينية بلبنان: تأبيد المعاناة وفرض التهجير”