- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
فايننشال تايمز: الصين تستطيع لعب دور الوسيط مع بوتين لمنع حرب نووية عالمية
فايننشال تايمز: الصين تستطيع لعب دور الوسيط مع بوتين لمنع حرب نووية عالمية
- 27 أكتوبر 2022, 6:18:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لندن- “القدس العربي”: اقترح الكاتب الصيني جو بو في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” دورا صينيا لتخفيف حدة التهديدات باستخدام السلاح النووي ومنع حرب نووية.
وقال إن علاقة الصين القريبة مع روسيا يضعها في موضع جيد للتوسط. وتساءل الكاتب، العقيد السابق في جيش التحرير الشعبي الصيني والزميل حاليا في مركز الأمن الدولي والإستراتيجية بجامعة تسينغوهاو، هل سيستخدم بوتين الأسلحة النووية في أوكرانيا؟ وأحاب أن سؤال المليار دولار هذا لا يهم فقط أوكرانيا أو أوروبا بل والصين.
وأوضح أنه لهذا السبب تحركت بيجين بحذر بين روسيا، شريكتها الإستراتيجية وأوكرانيا شريكتها التجارية. وشكر الرئيس فلاديمير بوتين الصين في قمة سمرقند التي عقدت الشهر الماضي على “موقفها المتوازن” من النزاع في أوكرانيا. وفي حال قررت موسكو استخدام أسلحة نووية تكتيكية فلن تواصل بيجين التمسك بهذا الموقف المتوازن.
ففي إعلان مشترك بين بيجين وكييف عام 2013، نص على موافقة الصين بعدم استخدام أو التهديد باستخدام السلاح النووي ضد أوكرانيا، والأهم من هذا، تقديم التطمينات الأمنية حال تعرضت لتهديد من طرف ثالث.
ومن هنا، فزيادة بوتين خطابه بشأن السلاح النووي أدى لرفع الرهانات الصينية. وقال في الشهر الماضي إنه مستعد للدفاع عن “وحدة الأراضي الروسية” بكل الوسائل. لو واصل الجيش الروسي مواجهة المتاعب في ساحة المعركة، وبخاصة في المناطق مثل خاركيف التي استعادت القوات الأوكرانية الأراضي التي خسرتها، فاحتمالات لجوء روسيا لنشر صواريخ نووية تكتيكية ستزداد.
تجنبت الصين حتى الآن تقديم أي شكل من الدعم العسكري لروسيا، ونظرا لموضعها المهم والاستثنائي بالنسبة للعلاقة مع روسيا، فهي في وضع جيد لكي تمنع اندلاع حرب نووية
وتجنبت الصين حتى الآن تقديم أي شكل من الدعم العسكري لروسيا، ونظرا لموضعها المهم والاستثنائي بالنسبة للعلاقة مع روسيا، فهي في وضع جيد لكي تمنع اندلاع حرب نووية. وعليها أولا أن تدعو موسكو إلى الالتزام بالبيان المشترك للدول الخمس النووية في كانون الثاني/ يناير وأن “الحرب النووية لا يمكن الانتصار بها ويجب عدم شنها”. وتملك روسيا أكبر ترسانة نووية في العالم وتهديد أوكرانيا التي وافقت على التخلي عن أسلحتها النووية، شوه سمعتها. وسيكون من المروع حقا لو اتبع بوتين تهديده ضد المدنيين الأوكرانيين الذين وصفهم في السابق بأنهم “من الناحية العملية شعب واحد” مع الروس.
الأمر الثاني، على بيجين التوضيح أن استخدام الأسلحة النووية في ساحة المعركة سيضع الصين في وضع صعب. فقد التزمت الصين بسياسة ” عدم الاستخدام الأول” للسلاح النووي ولأكثر من نصف قرن. وفي الوقت الذي تغيرت فيه السياسات الدفاعية الأخرى إلا أن الصين تفتخر بأن لديها استراتيجيات نووية ثابتة وواضحة بين الدول النووية الأخرى. وآخر شيء تريده بيجين علاقات متوترة مع العواصم الأوروبية. ففي الوقت الذي تزيد فيه الولايات المتحدة من تنافسها مع الصين، فإن الدول الأوروبية لا تتخذ نفس الموقف الأمريكي في كل الوقت. واعترف بوتين أن الصين لديها “أسئلة ومظاهر قلق” حول الغزو الروسي، ولو استخدم السلاح النووي فسيكون رد بيجين أبعد من القلق والأسئلة.
تملك روسيا أكبر ترسانة نووية في العالم وتهديد أوكرانيا التي وافقت على التخلي عن أسلحتها النووية، شوه سمعتها
فهل ستظل الصين محايدة في ظل الشجب الدولي ضد روسيا؟ وهل ستمتنع بيجين عن التصويت في قرار بمجلس الأمن يشجب التصرف الروسي؟،
وأخيرا، يمكن للصين العمل على التوسط في صفقة بين روسيا والناتو. ويمكن للأخير مثلا تقديم وعد بوقف كل خطط التوسع مقابل موافقة موسكو على عدم استخدام الأسلحة النووية. وتنازل كهذا قد يحفط ماء الوجه للطرفين. ففي عام 1962 أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، توصل الرئيس الأمريكي جون أف كيندي والزعيم السوفييتي نيكيتا خروشوف إلى نفس الاتفاق: يتعهد السوفييت بفك الصواريخ الباليستية في كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا مرة ثانية. ووافقت أمريكا سرا على تفكيك نظام الصواريخ المتوسطة المدى، جوبيتر الذي نشرته في تركيا لاستخدام محتمل ضد روسيا.
وربما وجد بوتين في هذا الخيار مخرجا يمكن التفكير به، ذلك أن مظهر القلق الأول له وهو توسع حلف الناتو. وهو خيار يستحق التفكير من الناتو أيضا. فتوسع الحلف الذي جاء رغم تحذيرات الكرملين ساعد على دفع أوروبا إلى حافة الحرب النووية.
يمكن للصين العمل على التوسط في صفقة بين روسيا والناتو. ويمكن للأخير مثلا تقديم وعد بوقف كل خطط التوسع مقابل موافقة موسكو على عدم استخدام الأسلحة النووية. وتنازل كهذا قد يحفط ماء الوجه للطرفين
وكان بوتين محقا في التوصل لنتيجة أن هذه الحرب ليست بين روسيا وأوكرانيا بل بين روسيا والغرب. وكبادرة حسن نية يمكن للناتو التعهد بعدم استخدام السلاح النووي أولا ضد روسيا أو داخل مجال تأثير موسكو.
وفي فيلم وثائقي عام 2018، تساءل بوتين “لماذا نريد عالما ليست روسيا فيه؟”، والسؤال الآخر “ولكن أين روسيا بدون العالم” لو فتح بوتين صندوق باندورا للمتاعب واستخدم السلاح النووي الذي ظل مغلقا طوال الحرب الباردة. ولو فعل فستكون لحظة حماقة لا نهاية لها.
ويمكن أن تساعد الصين العالم بتحذير بوتين: لا تستخدم الأسلحة النووية، السيد الرئيس.