قصة حرب أكتوبر كاملة.. كيف تحقق النصر في يوم الغفران؟

profile
  • clock 6 أكتوبر 2022, 8:48:00 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا يمكننا اختصار قصة حرب أكتوبر كاملة فكيف للحروف أن تنزف دما وللنقاط أن تذرف دمعا وللفقرات أن تحتضن تراب الوطن بعد أن كاد أن يُسلب؟

ففي حرب استمرت لـ10 أيام، يستعيد المصريون ذكرى النصر، التي سبقتها سنوات من الهزيمة والاستنزاف والاستعداد، وتلتها سنوات من المفاوضات والاسترداد الكامل للأراضي، تحتفل مصر في عام 2022 بالذكرى الـ 49 لنصر أكتوبر /تشرين الأول 1973، الذي أرغم إسرئيل على التقهقر لتتحرر الأرض واستعادة سيناء، ليكون الثمن من دماء أبنائها وتضحياتهم، وسنوات من صمود الشعب المصري، ولكن من أين نبدأ الحكاية؟ نتتبع معًا قصة حرب أكتوبر كاملة فيما يلي.

قصة حرب أكتوبر كاملة

وبعد نكسة 1967، احتلت إسرائيل أراضي عربية واسعة في سيناء بالكامل وقطاع غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان، و كان لا بُدّ من رد العتبار. وعلى مدار 6 سنوات، استعدت مصر وسوريا للحرب العربية الرابعة مع إسرائيل، التي تسميها مصر حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان، وتسميها سوريا "حرب تشرين التحريرية"، بينما تُطلق عليها إسرائيل "حرب يوم الغفران- يوم كيبور".

حرب أتت بعد صراعات عربية مع إسرائيل، بدأت بحرب 48 في فلسطين، ثم العدوان الثلاثي 1956 على مصر، والحرب العربية الإسرائيلية الثالثة يونيو/حزيران 1967.

 

من هنا كانت البداية.. مصر وسوريا في حرب أكتوبر

حددت مصر وسوريا موعد الحرب في الثانية من يوم السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 1973 الموافق للعاشر من رمضان 1393،
وكان الهدف هو مباغتة الجانب الإسرائيلي. وبمجرد أن حانت ساعة الصفر، شنت القوات المسلحة المصرية هجومها بقيام 220 طائرة حربية
بتنفيذ ضربات جوية على الأهداف الإسرائيلية شرقي فناة السويس، واستطاعت أن تستهدف المناطق الحصينة في خط بارليف،
من مخازن الذخيرة وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات ومراكز القيادة والمطارات، وتمكنت من تحقيق 95% من أهدافها.

وأعقبتها قوات المشاة المصرية لتي توغلت حتى 20 كيلومترا داخل سيناء، وتمكنت من تحطيم خط بارليف في سويعات،
وهو الحصن وصفته إسرائيل بأنه لا ينهار. وعلى جانب هضبة الجولان السورية، حيث قصفت 100 طائرة حربية مواقع للجيش الإسرائيلي،
مخترقة خطه الدفاعي وصولا إلى بحيرة طبرية.

عبور القناة وتحطيم خط بارليف

 

وواصلت القوات المصرية والسورية انتصاراتها على مدار الأيام الأولى للحرب، بعبور قناة السويس والاستيلاء على
تحصينات خط بارليف وانتقلت إلى الضفة الشرقية للقناة خمس فرق مشاة و1000 دبابة،
ولكن بدأت إسرائيل تستعيد قوتها بالحشد والبدء بالهجوم المضاد.

معركة بورسعيد في حرب 73

 

ونشبت معركة بورسعيد ومعركة الفردان، وكانت الفرق العسكرية تصد الهجوم وتوقع بالعدو خسائر جسيمة، واحتفظت فرق المشاة بمواقعها في المناطق التي استحوذت عليها شرق قناة السويس، حتى اضطرت القوات المصرية إلى تطوير الهجوم نحو المضائق، رغم اعتراض قيادة الجيش ممثلة في الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، ولكن مع تقدم القوات المصرية شرقا داخل سيناء صبيحة يوم 14 أكتوبر 1973، فتحت ما عرف لاحقا بـ"الثغرة".

وبمساعدة أمريكية واسعة، انكشف لإسرائيل تقدم القوات المصرية، وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 1973 هاجمت القوات الإسرائيلية منطقة الدفرسوار،
التي عٌرفت بالثغرة، وكادت أن تقلب موازيين الحرب، فاشتبكت فرق المشاة المصرية مع الفرق الإسرائيلية المهاجمة لها،
ومع تكبدها الخسائر في الأرواح والعتاد، سعت مصر لسد الثغرة.

تدخل مجلس الأمن وموقف المقاومة الشعبية

وأوقفت القوات المصرية سعي إسرائيل لإقامة معبر ورأس جسر بالدفرسوار، ومنعتها من الوصول إلى الإسماعيلية أو السويس، بعد معارك ضارية، ومع قرار مجلس الأمن صباح يوم 22 أكتوبر بوقف إطلاق النار بين جميع الأطراف، لكن إسرائيل حاولت اقتحام مدينة السويس مرة أخرى.

ولكن بسالة أهل السويس والمقاومة الشعبية التي اتحدت مع فرق الجيش والشرطة المصرية، أرغمت إسرائيل على التراجع والقبول بوقف إطلاق النار الثاني في 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 339، بعد ضغط من الاتحاد السوفيتي الذي كان مساندا لمصر.

مصر تستعيد أرضها كاملة

 

وبعد محادثات طويلة، ومباحثات لفض الاشتباك تدخلت فيها الولايات المتحدة ووزير خارجيتها هنري كسنجر،
تم توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى في 18 يناير/كانون الثاني عام 1974، وانسحبت على إثرها القوات الإسرائيلية من غرب القناة
وتمركزت عند خط الممرات، بينما احتفظت مصر بالتقدم الذي أحرزته في الحرب.

وهكدا توالت المفاوضات والمباحثات حتى تحقق نصر أكتوبر 73 باستعادة طابا عام 1981، وهو النصر الذي شهد على عبقرية الجندي المصري
وتخطيه لحواجز فرق العتاد والإمكانيات لأنه يحمل إيمانا بالنصر، كما شهدت على تكاتف العرب أمام أسطورة إسرائيل وجيشها الذي لا يُقهر.

 

أسماء شهداء حرب 6 أكتوبر 1973

تزخر ذكرى حرب أكتوبر 73 بالأبطال، ليسوا القادة فقط، ولكن أثبتت الحرب بسالة الجندي المصري وإصراره وعزيمته، وصبر الأمهات لتنول البلاد استقلالها ويزول عن أراضيها العدوان، وصمود الشعب المصري أمام التحديات، فقدت مصر في الحرب عشرات الآلاف، وبقي داخل كل بيت جرح كبير عوضه النصر.


 

 

تحتفي كل محافظة ومنطقة في مصر بشهدائها في الحرب، وأولهم الرقيب محمد حسين محمود ونتذكر منهم:

  • اللواء أركان حرب شفيق متري سدراك.
  • القائد إبراهيم الرفاعي (قائد المحموعة 39 قتال).
  • الملازم أول محمود حسن عبدالباري.
  • الرائد غريب عبدالتواب.
  • الجندي شنودة راغب شنودة.
  • اللواء أحمد حمدي.
  • العقيد محمد زرد.
  • العريف سيد زكريا خليل.
  • الرقيب جودة محمد جوهر.
  • القائد إبراهيم عبدالتواب.

ليس هذا إحصاء لكن نزر يسير من قائمة يفوق تعدادها الآلاف من الشهداء، الذين قدموا أرواحهم بصدق وإيمان خالص.

 

من هو رئيس أركان حرب القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر

لم يكن ممكنا للنصر أن يأتي دون قيادة عسكرية قادرة على التخطيط والمناورة وقراءة الواقع واتخاذ القرار السليم، ولذا كان تولي الفريق سعد الدين الشاذلي لرئاسة أركان حرب القوات المسلحة في الفترة من 16 مايو/أيار 1971 وحتى 13 ديسمبر/كانون الأول 1973، واحد من القرارات التي ساهمت في هزيمة إسرائيل.

يُشار إليه باعتباره المهندس والمخطط الفعلي لعملية عبور القوات المسلحة في حرب أكتوبر، وخاصة خطة تدمير خط بارليف "المنيع".

إنجازات وحياة سعد الدين الشاذلي 

 

  • ولد في الأول من أبريل/نيسان 1922 في قرية شبراتنا بمحافظة الغربية، التحق بالكلية الحربية في فبراير/شباط 1939،
    بعد أن انتقل مع أسرته إلى القاهرة، وتخرج فيها برتبة ملازم في سلاح المشاة.
  • شارك في حرب فلسطين 48 والحرب العالمية الثانية، وأسس أول فرقة مظلات في الجيش المصري، وتولى قيادة الكتيبة 75 مظلات
    في العدوان الثلاثي على مصر 56، وكان قائد الكتيبة المصرية ضمن قوات الأمم المتحدة في الكونغو عامي 1960 و1961
  • كما كان قائد اللواء الأول مشاة في حرب اليمن، وقاد منطقة البحر الأحمر العسكرية 1970- 1971.
  • في عام 1971 تولى الفريق سعد الدين الشاذلي رئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصري،
    في وقت حرج ترغب فيه مصر في استعادة أراضيها المحتلة في سيناء، فكان عليه أن يمتلك الخطة
    وأن يعد الجنود ويتمكن من التفوق على إسرائيل رغم محدودية الإمكانيات.
  • أحدث تواجد الفريق سعد الدين الشاذلي تغييرات في خطة القوات المسلحة للحرب، وآلية التدريبات
    وكيفية تحقيق النصر، الأمر الذي ساهم في سيطرة مصر على مقاليد الحرب، واستغلال الفرصة للخروج بأفضل نتيجة،
    ورغم خلافات رؤية القيادة السياسية حينها عن رؤية الفريق الشاذلي، لم ينكر أحد التطور الذي أحدثه في القوات المصرية.

تمت إقالة الفريق سعد الدين الشاذلي من منصبه في 13 ديسمبر/كانون الأول 1973، ليتم تعيينه سفيرا لمصر في بريطانيا في مايو/أيار 1974، ثم سفيرا في البرتغال (1975- 1978)، وبعد أن عارض السادات بسبب اتفاقية كامب ديفيد، لجأ إلى الجزائر، ثم عاد إلى مصر عام 1992. وتوفي في 10 فبراير/شباط عام 2011.

الدول التي ساعدت مصر في حرب 73

أهم ما أظهره نصر أكتوبر، هو قدرة البلاد العربية على التكاتف لتحقيق الضغط الذي أدى إلى هزيمة إسرائيل، ولم يكن لذلك أن يتحقق لولا الإصرار والمؤازرة، فاستطاع العرب أن يكونوا على قلب رجل واحد، وساعدت كل دولة مصر بما تملكه من إمكانيات وقدرات.
 

ولعل أبرز الدول العربية التي قدمت مساعدات: العراق، والجزائر، والأردن، والسعودية والإمارات وتونس والمغرب، وكان إما بالعتاد والجنود أو اتخاذ القرارات السياسية التي تشد من عضد القوات المصرية أمام إسرائيل.

التعليقات (0)