كمال يونس يكتب: عروبة القدس بين الحقائق والتاريخ!

profile
كمال يونس سياسي مصري وباحث إسلامي
  • clock 3 سبتمبر 2024, 10:19:27 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في تحد سافر، أعلنت الإدارة الأمريكية السابقة والحالية.. أن مدينة القدس عبرية وأن الفلسطينيين لا يحق لهم المطالبة بجزء منها!

ولسنا ندري من أين لهم بهذا الكلام.. لأن مدينة القدس عربية من قديم الزمان إلى أن احتلها اليهود بالقوة.. فهي عربية لغة وثقافة.. وتاريخا وحضارة.. وأرضا وسكانا.. والدليل على ذلك:

1) مدينة القدس كنعانية - عربية - أسسها أصحابها قبل أول عهد لليهود بها بأكثر من ألفي عام.

2) سيدنا ابراهيم وسيدنا إسحاق وسيدنا يعقوب وسيدنا موسى -عليهم السلام- لم يملكوها. بل إن سيدنا ابراهيم -عليه السلام- لم يجز لنفسه أن يملك مقدار قبر يدفن فيه زوجته سارة كما ورد في سفر التكوين (23) فالتجأ إلى "بني حث" أصحاب الأرض وقال لهم: أنا غريب ونزيل عندكم؛ أعطوني ملك قبر معكم لأدفن ميتي أمامي. فأجاب بنو حث سيدنا ابراهيم قائلين له: اسمعنا يا سيدي أنت رئيس من الله بيننا في أفضل قبورنا أدفن ميتك.. لا يمنع أحد منا قبره عنك حتى لا تدفن ميتك.

ولكن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عرض ثمنا لمغارة كان يملكها "عفرون بن صوحر" ليتخدها مقبرة.. فرفص عفرون الثمن وعرض المغارة هبة ولكن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- أصر على الشراء ودفع الثمن أربعمائة شاقل فضة جائزة عند التجار.. ( كتاب المقدسات الإسلامية ومواجهة الخطر الصهيوني للأستاذ عطاء كفافي).

3) أنشأ الكنعانيون العرب في البلاد حضارة عظيمة أطنب في وصفها مؤرخو البلاد المقدسة، في حين لم ينشئ اليهود حضارة ولم يوفروا أمنا. ورسالتهم التي أكرمهم الله بها لم يقدروها حق قدرها.. فعبدوا الأوثان بغير حق. وحين أقبل سيدنا سليمان -عليه السلام- على بناء الهيكل استعان بـ"حورام" ملك صور وبالكنعانيين المهرة (المصدر السابق).. إذن استعان اليهود وهم في عصرهم الذهبي وفي أرقى مرحلة عرفت في تاريخهم بالكنعانيين العرب في بناء هيكلهم.

4) دمر الرومان أورشليم - التاريخية - مرتين ومحوا اسمها جزاء أعمالهم وتحقيقا لنبوءة أنبيائهم ولنبوءة السيد المسيح -عليه السلام-. وبذلك انقطعت صلتهم بالمدينة وبالأرض وبالهيكل مدة ثمانية عشر قرنا متواصلة.. وحل بهم التشرد حتى ضرب المثل بـ"اليهودي التائه" فأين كان ملاذهم؟!

بل قد فتح العرب والمسلمون لهم بلادهم وآووهم وأحسنوا إليهم، ويسروا لهم العبادة.. وفي كنف المسلمين ترعرعت آدابهم وفلسفتهم في أسبانيا والعراق وشمال أفريقيا.

5) حكم العرب فلسطين نحو ثلاثة عشر قرنا متواصلة عدا فترة حكم الصليبيين.. ولكن عروبة البلاد وما أنشئ فيها من مساجد ومدارس وزوايا وأسواق ظلت على حالها حتى أثناء حكم الصليبيين - وكانت لغة البلاد هي اللغة العربية، وحتى أثناء الحكم العثماني ( كتاب عروبة بيت المقدس للدكتور إسحق موسى الحسيني).

6) لم يكن لليهود أي أكثرية فيها في أي وقت من الأوقات. وفي الوثائق الرسمية بلغ عدد اليهود في القدس عام 1947 نحو ( 33600) نسمة فقط.. والزيادة التي طرأت عليهم كانت نتيجة لدخولهم البلاد بحيل مختلفة أثناء الحكم العثماني وفي عهد الانتداب البريطاني.. ( الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل لمجير الدين الحنبلي. ط القاهرة 1283 هجرية).

فهل تبقى حجة بعد كل هذا لأي إنسان يزعم أن القدس غير عربية؟!

القدس عربية وستبقي عربية مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد (5/269) عن أبي أمامة الباهلي قال فيه: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك.. قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.

والله المستعان.

التعليقات (0)