- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
كيف ترى إيران زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط؟
كيف ترى إيران زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط؟
- 13 يوليو 2022, 10:40:22 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تتوقع السلطات الإيرانية أن تهدف زيارة الرئيس "جو بايدن" للشرق الأوسط إلى أولوية قصوى تتمثل في إعادة التأكيد على التزام الولايات المتحدة تجاه شركائها في المنطقة.
تتوقع طهران أن يقدم "بايدن" بعض التنازلات للشركاء الإقليميين للولايات المتحدة مثل إسرائيل والسعودية في سبيل تحقيق هذا الهدف، ويأمل الإيرانيون أن تكون مثل هذه التنازلات محدودة ولا تقوض المحادثات النووية الإيرانية الهشة بالفعل.
ومع ذلك، لا يبدو أن طهران تتوقع أن تؤدي زيارة "بايدن" إلى إطلاق تحالف عسكري إقليمي جديد يستهدف إيران بقيادة واشنطن.
هذه القراءة الإيرانية قد تكون صحيحة. ولكن في الوقت نفسه، تدرك طهران أيضًا أن الولايات المتحدة لديها الدافع والقدرة على تعبئة شركائها في الشرق الأوسط في وقت يدفع فيه الغزو الروسي لأوكرانيا واشنطن لإعادة بناء سمعتها كضامن أمني يمكن الاعتماد عليه للشركاء في أوروبا وشرق آسيا، وكذلك الشرق الأوسط.
أهداف "بايدن" من منظور إيران
من المقرر أن يصل "بايدن" إلى المنطقة في وقت تقف فيه المحادثات النووية الأمريكية الإيرانية عند عقبة حرجة، بعد مرور أكثر من عام على استئناف إدارة "بايدن" المفاوضات.
جاءت الجولة الأخيرة من المحادثات في أواخر يونيو/حزيران في الدوحة. من المحتمل أن يكون هناك المزيد من المحادثات ولكن السؤال الأساسي الذي يواجه حلفاء أمريكا في المنطقة هو ما إذا كانت واشنطن لديها "خطة ب" إذا فشل المسار الدبلوماسي.
هناك شعور لدى أعضاء الكونجرس المتشككين والشركاء الأمريكيين في المنطقة بأن فريق "بايدن" ليس لديه خطة احتياطية للتعامل مع طهران.
وسائل الضغط المتبادلة
وبدلاً من ذلك، تلجأ كل من إيران والولايات المتحدة إلى تكتيكات الضغط، حيث تفترض كل منهما أن الوقت إلى جانبها أثناء المناورة للحصول على أفضل صفقة ممكنة. تلجأ طهران إلى الأدوات المعتادة: تقليل امتثالها لالتزاماتها النووية المختلفة كوسيلة للضغط على الولايات المتحدة، في حين أن واشنطن لديها أداتان تحت تصرفها، أو هكذا يعتقد الإيرانيون.
أولاً، تثير الولايات المتحدة احتمال وجود حملة عسكرية لوقف البرنامج النووي لإيران. ثانياً، يعمل البيت الأبيض على ما يبدو على إنشاء جبهة إقليمية جديدة ضد إيران، ومن هنا تأتي أهمية زيارة "بايدن" القادمة إلى إسرائيل والسعودية.
اعتبرت طهران لبعض الوقت أن التهديدات الأمريكية بالعمل العسكري شكل من أشكال الحرب النفسية. وعندما قالت وسائل الإعلام الأمريكية في الآونة الأخيرة أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد نسقتا لسنوات بشكل وثيق الضربات الإسرائيلية ضد الأصول الإيرانية في سوريا، لم تأخذ طهران ذلك بمثابة اعتراف بتعاون عسكري إسرائيلي أمريكي سابق في سوريا -وهو أمر يكاد لا يخفى على أحد- ولكن كتلميح لما يُخطَّط للبرنامج النووي الإيراني.
فهمت إيران من هذا التسريب أن واشنطن كانت تشير إلى أنها يمكن أن تسهل حملة إسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني وأجندتها الإقليمية دون مشاركة أمريكية علنية.
هذه طريقة ضمنية للحفاظ على إمكانية الضربات العسكرية ضد إيران قائمة وتحذير طهران في وقت يقترب فيه المسار الدبلوماسي النووي من طريق مسدود.
ولكن فيما يتعلق بفكرة الجبهة الإقليمية الجديدة، يبدو أن طهران تعتقد أن واشنطن رفضت حتى الآن "إضفاء الطابع الإقليمي" على البرنامج النووي الإيراني، ما يعني أنها لم تعط دولًا إقليمية - مثل دول الخليج - موقع الصدارة فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران.
فعلت الولايات المتحدة هذا لسببين، إذ لم يرغب الإيرانيون في أن ينضم جيرانهم العرب إلى المحادثات النووية كمشاركين مباشرين، كما يتضح أن واشنطن أيضًا لم ترد ذلك.
كانت مشاركة دول الخليج في المحادثات لتعقد العملية فحسب لأنها قلقة بشأن أجندة طهران الإقليمية أكثر من قلقها بشأن برنامجها النووي.
زخم إقليمي جديد ضد إيران
قد يتغير هذا الرأي بشأن إشراك دول الخليج، وإذا حدث ذلك، فإن الأساس المنطقي الذي ستستند إليه إدارة "بايدن" في القيام بذلك يرتبط أيضًا بالمتغيرات التالية لحرب أوكرانيا فيما يتعلق بمنافسة القوة العظمى.
في حين أن طهران لا ترى إمكانية وجود حملة عسكرية أمريكية ضدها في المستقبل المنظور، لكنها تقلق بصدد ما إذا كانت زيارة "بايدن" ستخلق زخمًا إقليميًا جديدًا ضدها.
تتخوف إيران من أن غياب حل دبلوماسي لبرنامجها النووي، سيجعل التكلفة التي يتعين على الولايات المتحدة أن تدفعها للحفاظ على دول الخليج إلى جانب أمريكا - ضد روسيا والصين - هي تعميق تعاونها الأمني مع هذه البلدان، التي تتصدر مخاوفها الأمنية إيران.
وإذا حدث مثل هذا السيناريو، فقد تضطر طهران إلى مواجهة ضغوط الولايات المتحدة على إيران وحلفائها في أماكن مثل العراق أو سوريا أو اليمن. ستكون النتيجة الصافية ضغوطًا أكبر على أجندة إيران الإقليمية وشبكة حلفائها، بداية من القدرة على توفير الأسلحة إلى "حزب الله" في لبنان إلى رعاية الميليشيات المؤيدة للشيعة في العراق والحوثيين المؤيدين لإيران في اليمن.
مثل هذه الحملة تحدث بالفعل، وإن كان ذلك على نطاق أصغر، حيث تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل اليوم معًا على سبيل المثال، لوقف تدفق الأسلحة إلى المسلحين المؤيدين لإيران في سوريا أو "حزب الله" في لبنان.
ولكن يمكن تعميق هذه الحملة وتوسيعها لتشمل المزيد من الدول الإقليمية - مثل دول الخليج - التي تشترك في مخاوف الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الإجراءات الإقليمية الإيرانية. وهذا أهم ما تتخوف طهران من زيارة "بايدن" بسببه.
العودة كضامن لأمن الخليج
تركز رحلة "بايدن" إلى الشرق الأوسط على إيران لكنها أوسع من ذلك. وفي الواقع، ليس سراً في واشنطن أن الهدف الأساسي لـ"بايدن" هو مساعدة إسرائيل والسعودية على التقارب من بعضهما البعض.
يساعد العامل الإيراني على تحقق هذه العملية لأن كل من القدس والرياض يشتركان في نفس الذعر بشأن تصرفات طهران الإقليمية. لكن من المحتمل أن تكون أهداف "بايدن" أكبر: أن تكون الولايات المتحدة مجددًا مقدم الأمن بلا منازع لحلفائها في الشرق الأوسط وتعمل كمنسق بين حلفائها وشركائها في المنطقة. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة تدفع للعمل كوسيط بين إسرائيل والسعودية.
المنطق واضح ومباشر من وجهة نظر "بايدن"؛ فلماذا يهمش الحلفاء الإقليميين، أو يتجاهل مخاوفهم في مواجهة البرنامج النووي الإيراني، عندما تكون هناك حاجة إلى نفس الحلفاء في المنافسة التي يحتمل أن تطول ضد روسيا والصين والتي يمكن أن تستمر لسنوات أو حتى عقود قادمة؟
إذا كان هذا التحليل دقيقًا، فإن مسألة إيران ليست مجرد دافع فقط وإنما محرك رئيسي خلف المسعى الأمريكي الجديد لإعادة ترسيخ دورها كممثل مهيمن في الشرق الأوسط، وقد يشير هذا إلى التزام الولايات المتحدة الجديد بالمنطقة. ومع ذلك، فإن هذا يمثل أزمة لطهران.
إن الأجندة الإقليمية الإيرانية -أو ما يسميه الإسلاميون الحاكمون في طهران "محور المقاومة"- كلف الإيرانيين بالفعل كثيرًا من الأرواح والأموال. كما أن اقتصاد إيران على الحافة بسبب مئات العقوبات المفروضة عليها ليس فقط بسبب برنامجها النووي وإنما أيضًا أنشطتها الإقليمية.
لا تتوقع طهران أن تؤدي زيارة "بايدن" إلى إنشاء "ناتو الشرق الأوسط" الذي يعد إيران عدوته الرئيسية. فلكي يحدث ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من التعديلات الإقليمية.
لكن زيارة "بايدن" قد تبدأ فقط جهودًا عملية جديدة من قبل الولايات المتحدة وشركائها لتحدي أجندة إيران الإقليمية ورفع التكاليف والمخاطر على المرشد الأعلى الإيراني "خامنئي" والحرس الثوري، وهما الطرفان القويان في طهران اللذان استثمرا كثيرًا في دعم "محور المقاومة".
المصدر | أليكس فاتانكا | معهد الشرق الأوسط