- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
لماذا يكافح بايدن لإحياء الاتفاق النووي مع إيران؟
لماذا يكافح بايدن لإحياء الاتفاق النووي مع إيران؟
- 17 أغسطس 2022, 3:51:54 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الأسبوع الماضي، أعلنت إدارة "بايدن" الموافقة على الانخراط في جولة أخرى من المفاوضات النووية مع إيران، وهذه المرة بوساطة الاتحاد الأوروبي.
وبالنظر إلى الإخفاقات السابقة لهذه المحادثات والمعارضة القوية للاتفاق النووي من قبل إسرائيل وبعض دول الخليج والعديد من أعضاء الكونجرس الأمريكي -بما في ذلك بعض أصدقاء "بايدن" الديمقراطيين- قد يتساءل المراقب الخارجي عن السبب الذي يجعل "بايدن" وفريقه لا يتخلون ببساطة عن المفاوضات النووية، رغم كل هذه العوائق.
جانب شخصي
تتعلق أسباب إصرار "بايدن" بتصورات الرئيس عن الإرث الذي يريد تركه، والخلاف الأيديولوجي مع منتقدي الاتفاقية النووية، والحاجة إلى تحقيق إنجاز على صعيد السياسة الخارجية، والأمل في أن يؤدي حل القضية النووية إلى انخفاض في التوترات في جميع أنحاء الخليج، ما يسمح لواشنطن بتحويل انتباهها إلى منطقة المحيط الهادي والهندي والحرب المستمرة في أوكرانيا.
أولاً، من المهم أن نتذكر أن "بايدن" كان نائبًا للرئيس عندما تفاوضت إدارة "أوباما" على الاتفاق الأصلي بمساعدة بلدان "P5+1" (الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا).
وكان ذلك بمثابة إنجاز تاريخي لإدارة "أوباما"، وهو الإنجاز الذي يريد "بايدن" الحفاظ عليه، بالنظر إلى أنه كان يشارك بنشاط في السياسة الخارجية لإدارة "أوباما" وبالنظر إلى خلفيته كمختص في السياسة الخارجية داخل مجلس الشيوخ الأمريكي.
وبالتالي، فعندما وصف الرئيس السابق "دونالد ترامب" الاتفاقية النووية بأنها "أسوأ اتفاقية تم التفاوض عليها على الإطلاق"، فإن "بايدن" اعتبر ذلك إهانة شخصية ونظر إلى استعادة الاتفاقية النووية كجزء من الإنجازات التي يطمح في تحقيقها خلال فترة رئاسته.
القلق من النووي
ثانياً، يعتقد "بايدن" وفريقه أن الاتفاق النووي منع إيران من تطوير سلاح نووي. ويرى بعض منتقدي الصفقة أنه كان ينبغي أن تعالج تطوير الصواريخ الإيرانية وسلوك طهران في المنطقة، بما في ذلك دعمها لشبكة من الوكلاء، بينما يقول آخرون إن الاتفاقية قدمت تنازلات لإيران بشأن القيود النووية، بحجة أنها تسمح لطهران بانتظار نهاية التدابير قبل استئناف برنامجها النووي.
ومع ذلك، ربما أدرك "بايدن" سابقا صعوبة الحصول على تنازلات أكبر من إيران. وخلال مفاوضات الاتفاق الأصلي، أظهرت إيران استعدادها لتقييد برنامجها النووي بشدة في مقابل فوائد ملموسة من الغرب، ولكن في الوقت نفسه، أوضحت في وقت مبكر أنها غير مستعدة للتفاوض على سياستها الخارجية؛ وأنه إذا أصرت إدارة "أوباما" على إدراج السياسة الخارجية لإيران في المفاوضات، فإن الاتفاقية لن تتم على الإطلاق.
وأشار بعض منتقدي الاتفاقية إلى أن إيران لا ينبغي أن يكون لها الحق في تخصيب اليورانيوم ولو بمستوى منخفض لأغراض مدنية، وهو الأمر المسموح به وفق معاهدة عدم الانتشار النووي لعام 1968، وكان من شأن منع طهران من برنامج نووي مدني أن يكون عقبة واضحة أمام مضي إيران في الاتفاقية.
وبموجب الاتفاقية النووية، يتوجب على إيران السماح للأمم المتحدة بإجراء عمليات تفتيش لمواقعها النووية، وهو شرط لم يعجب طهران في البداية لكنها وافقت عليه كجزء من الاتفاقية النووية.
وإلى أن انسحب "ترامب" من الاتفاقية في مايو/أيار 2018، كانت إيران ملتزمة بشروطها، وفقًا لشهادة الاستخبارات الأمريكية أمام الكونجرس. أما بعد انسحاب "ترامب" من الاتفاقية وفرض عقوبات قاسية على طهران، فقد بدأت الحكومة الإيرانية في تعليق التزاماتها بالاتفاقية النووية وبدأت في إنتاج اليورانيوم المخصب للغاية مرة أخرى.
ولا شك أن إيران أصبحت الآن أقرب بكثير من إنتاج سلاح نووي بسبب هذا المستوى من تخصيب اليورانيوم، كما أن "بايدن" وفريقه يعتقدون أن اختصار إيران للوقت اللازم للحصول على سلاح نووي جعل الشرق الأوسط مكانًا أخطر بكثير.
وكما في حالة باكستان التي اتجهت لتطوير قدراتها النووية بعد أن فعلت ذلك خصمتها اللدودة الهند، فمن المحتمل أن يجبر تسلح إيران نوويا منافستها الإقليمية؛ السعودية، على أن تحذو حذوها، وقد يفعل الشيء نفسه لاعبون إقليميون آخرون مثل الإمارات ومصر وتركيا.
اعتبارات محلية
ثالثًا، بعد كارثة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان العام الماضي، يريد "بايدن" تحقيق إنجاز في السياسة الخارجية. وبالرغم أن منتقدي الرئيس سيهاجمونه بلا شك لمحاولته إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية، فإن "بايدن "سيحاول الترويج للاتفاقية بنفس الطريقة التي فعلها "أوباما"، مبرزًا أن القيود الشديدة على البرنامج النووي الإيراني هي جزء أساسي من الاتفاقية.
وبالرغم أن الشعب الأمريكي لا يزال لديه رؤية سلبية تجاه إيران منذ أزمة الرهائن في 1979-1981، لكنهم ليسوا متحمسين لحرب مع إيران بشأن هذه القضية، وقد أشار استطلاع حديث إلى أن 78% من الأمريكيين يدعمون استخدام الدبلوماسية لتقييد البرنامج النووي الإيراني.
تحويل التركيز الأمريكي
رابعًا، تعتقد إدارة "بايدن" أن عودة إيران إلى الاتفاقية النووية لن يجعل الشرق الأوسط مكانًا أكثر أمانًا فحسب، بل سيمكن الولايات المتحدة من تحويل تركيزها إلى آسيا أخيرًا لمواجهة الصعود المتزاية للصين.
كما دفع هذا التفكير إدارة "بايدن" للثناء على جهود الحكومة العراقية في استضافة المحادثات الإيرانية السعودية، وهو تطور يفيد بغداد بقدر واشنطن، حيث يتم استخدام العراق منذ فترة طويلة كساحة للقتال بين وكلاء المتنافسين الإقليميين.
وخلال رحلته الأخيرة إلى جدة، حاول "بايدن" طمأنة شركاء واشنطن الخليجيين بأن الولايات المتحدة ستواصل دعمهم، لكن بالنسبة لصانعي السياسة الأمريكية، فإن قضية الصين أكبر من أمن الخليج في الصورة العالمية.
خفض أسعار النفط
وأخيرًا، هناك سبب أقل تأثيرا وراء تمسك "بايدن" بالمفاوضات مع إيران، ويتمثل في غزو روسيا لأوكرانيا، الذي أدى إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق العالمية وارتفاع أسعار النفط والسلع.
وإذا نجحت مفاوضات فيينا وتم إحياء الاتفاقية النووية، سيتم رفع العقوبات المتعلقة بالنفط الإيراني (والتي تعود إلى عصر "ترامب") وهو تطور يفيد الولايات المتحدة لأنه يسمح بتدفق المزيد من النفط إلى السوق العالمية ويخفض أسعار البنزين للمستهلكين الأمريكيين.
وبالرغم أن "بايدن" يرى كل هذه الفوائد من العودة إلى الاتفاقية النووية، فقد حاول مسؤولو الإدارة الأمريكية التقليل من أهمية الوصول إلى نتيجة إيجابية، بحيث لا يرفعون توقعات العامة للغاية، وفي الوقت نفسه يظهرون للإيرانيين أنه يمكنهم التخلي عن المحادثات إذا استمرت طهران في عنادها.
وبالرغم من هذه العراقيل، يبدو أن إدارة "بايدن" جادة في إبرام اتفاقية، بالنظر إلى الفوائد الكبيرة التي ستحصل عليها من نجاح المفاوضات.