- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مأمون الشناوي يكتب : الأكل وسنينه !!
مأمون الشناوي يكتب : الأكل وسنينه !!
- 29 يونيو 2021, 4:10:23 ص
- 794
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا أحب الأكل ولا أفهم فيه كثيراً ، ورب ساندوتش من الجبنة الرومي أحب إلي نفسي من الديك الرومي ، والجبنة الرومي علي وجه الخصوص لأن علاقتي بها حديثة ، فنحن تربينا علي أن الجبنة لونها أبيض ، ثم فوجئنا أخيراً بأن هناك لوناً آخر لها ينقلها إلى فصيلة جديدة لا نعرفها !!.
ولكن الناس غالبتها تتكالب علي الأكل وتجعله همها وشغلها الشاغل ، وتنهمك في إشباع ذلك الجسد الذي لايشبع ، وهو في الحقيقة مجرد علبة أو وعاء صاغه الخالق سبحانه لكيّ يحوي بين جنباته الروح والنفس والفؤاد والعقل ، فإذا ما خرجت تلك اللآلئ منه صار قطعة من الجماد يسعي الأقربون إلى التخلص منها ، ويسمونها حينئذٍ جثة!!.
وتتعدد المطابخ في العالم بتعدد الأكلات ؛ فهناك المطبخ الشرقي والأسيوي والهندي والأوربي ، ولخبط الإنسان في تنوع مايأكله ، فعرفنا الأفارقة الذين يأكلون القرود والبشر ، والفلبينيين الذين يدمنون لحم الكلاب مشوية بعد نزع شعرها ، أما المطبخ الفرنسي فيتصدر طبق الضفادع صدر ولائمه الفاخرة ، ثم جاء الصينيون لنراهم يلتهمون كل مايدب علي الأرض من حيوانات وحشرات ، وكل مايحلق في السماء من طيور وجوارح ، وكل مايسبح في البحار ماعدا السفن والمراكب !!.
وغريب أمر هذا الإنسان حقاً ، حين تغاضي إلى حد بعيد عن متطلبات الروح التي هي أساس وجوده ، ولم يسأل نفسه : كم يُنفق علي الطعام مقارنة بما يصرفه علي تنمية العقل وتهذيب النفس وترقيق المشاعر !!.
مَن منا حريص علي سماع الموسيقي ، أو زيارة لمتحف أو دار الأوبرا أو مسرح أو معرض لفنان ، قياساً علي حرصه علي الشاورما والبتلو ولحمة الراس والطواجن والصواني !!.
ياسادة ، إن الطعام يزيد شهوة النَهم ، كما أخبرنا عمنا { البوصيري } في بُرديته المُباركة ، وصدق المتصوفة حين قالوا : إن أكلهم فاقة ، وكلامهم ضرورة ، ونومهم غفلة !!.
وقال { الحُسيّن بن عليّ } في مُعترك ( كربلاء ) لواحدٍ من صَحابته عندما طلب منه طعاماً ، وألحَّ في طلبه ، قال له سِبط رسول الله وحِبه : ( لو كان كل همك مايدخل جوفك ، فإن قيمتك لاتقل عما يخرج منه ) مقولة قاسية حقاً ، ولكنها تلامس الواقع والحقيقة !!.
مَن منا حريص علي اصطحاب أولاده إلى معرض الكتاب كل عام ، قدر حرصه علي اصطحابهم إلى شرم الشيخ والساحل الشمالي والجونة ودهب !!.
نحن بحاجة - ياسادتي - إلى عقول لا عجول ، وأرواح لا ألواح ، ونفوس لا تيوس ، وأحاسيس لا جواميس ، ومشاعر لا حظائر ، وأن نفضل الغناء علي امتلاء الأمعاء ، والموسيقي الكلاسيكية علي اللحمة المشوية ، والكتاب علي الكباب ، وأن نُعلّم أبناءنا أن ابن سينا أهم من جون سينا ، وتوماس اديسون أهم من مايكل جاكسون ، وأن رقة الوجدان تسبق لحمة الخرفان !!.