- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب: لماذا صار فوز ترامب حتميا؟!
مجدي الحداد يكتب: لماذا صار فوز ترامب حتميا؟!
- 17 يوليو 2024, 3:06:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدو لي ــ وربما كذلك لكل مراقب ــ أن هناك تفاهما ما ، أو دستور ما غير مكتوب بين الحزبين الحاكمين ــ أو بالأحرى محتكري الحكم بالتناوب ، في الولايات المتحدة ، وبشكل حصري ؛ الديموقراطي والجمهوري . وربما يندرج حتمية تمرير ترامب وفوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة في إطار تلك التفاهمات بين هذين الحزبين .
وقد بات نجاح ترامب مؤكدا إذن في هذه الانتخابات وساعده على ذلك بايدن نفسه ، ولكن كيف ؟
من خلال إصرار بايدن على إعادة ترشحه واستمراره في السباق الرئاسي ، على الرغم من كبر سنه ، وتدهور حالته الصحية ، وخاصة ما يتعلق منها بالحالة الذهنية ، و حيث قدى بدى هذا وضاحا من خلال أداءه الضعيف في المناظرة الأخيرة التي جرت بينه وبين ترامب . وحيث قد دعا على اثرها نواب ديموقراطيين ، وأخرون غيرهم من كوادر الحزب الديموقراطي نفسه ، بضرورة تنحي بايدن عن السباق الرئاسي ، و إحلال مرشح أخر ديموقراطي غيره في هذا السباق ، وكانت نائبته كامالا هاريس بالمناسبة هي الأكثر قبولا وترشحا لاستكمال السباق الرئاسي مع ترامب بدلا من بايدن .
ولكن قد بدا واضحا إصرار بايدن على موقفه من حيث استمرره هو في السباق الرئاسي ، وان حالته الذهنية بخير ، وعلى الرغم من تعاظم وتزايد عدد النواب و"السيناتورز" الديموقراطيين المنادين بضرورة استبداله .
وما بين الإصررا من بايدن على الاستمرار ، وتزايد المعارضين لهذا الاستمرار داخل الحزب الحاكم الديموقراطي ، فقد حدث الانقسام الآن بالفعل في صفوف هذا الحزب ، وهذا وحده كافيا وكفيلا بضمان فوز ترامب . لأنه في ظل هذا الانقسام من الممكن أن يتحول العديد من الديموقراطيين أنفسهم نحو الجزب الجمهوري من جهة ــ وتاريخيا فقد حدث هذا التحول من قبل ، فيما بين كلا الحزبين ــ كما يمكن أيضا تحول العدديد مم النواب والسيناتورز الديموقراطيين إلى انتخاب ترامب نفسه ، ومن غير أن يغادروا حزبهم . وذلك لأنه ، وبالنسبة لهم جميعا ؛ أن مصلحة أمريكا أولا ، وبدون شخصنة أو حتى نفسنة ــ وربما هذا سبب ، أو سر أخر من أسرار قوة الولايات المتحدة ، واستمرار تصدرها واحتكارها لمركز القوة الأولى في العالم ، ومتفردة بذلك الموقع الفريد وبلا أي منافس . وربما يستمر هذا الوضع لعدة أعوام قادمة ، مالم تحدث معجزة إلاهية من رب هذا الكون .
ومايدعم أيضا ، أو حتى يمهد لترامب ، العودة للبيت الأبيض من جديد هو إسقاط عدد من القضايا الخطيرة التي كان متهما بها ، و التي منها الحصول على وثائق سرية تخص الحكومة الأمريكية ، أو الدولة ذاتها ، والاحتفاظ بها في منزله الخاص ، وبعد خروحه من البيت الأبيض . وربما تسقط عنه كذلك أي من القضايا أو تهم أخرى ، من تلك التي يمكن أن تعرقل ، أو حتى تضر بعودته مرة أخرى للبيت الأبيض ـ أو تجعل رئاسته القادمة للولايات المتحدة غير مريحة.
وعود على بدء، فتلك اللعبة الانتخابية ، أو التفاهم ، أو الدستور الغير المكتوب ــ سمها ما شئت ــ بين الحزبين ، قديمة على ما أعتقد قدم نشؤ أو نشأة هذين الحزبين أنفسهما .
فقد تكرر ، أو بالأحرى لوحظ هذا الموقف ، منذ الانتخابات الأمريكية الرئاسية بعد انتهاء ولاية بيل كلينتون لمدتين رئاسيتين متتاليتين ــ وكحد أقصى للبقاء بالبيت الأبيض ، وكما ينص الدستور الأمريكي ، وتعديلاته اللاحقة بهذا الشأن ــ وترشيح الحزب الديموقراطي ، ومن بعد انتهاء ولاية كلينتون نائبه ؛ آل جور ، كرئيس للولايات المتحدة ، وذلك أمام منافسه من الحزب الجمهوري وقتها ؛ جورج بوش الأبن . وحيث قام كلينتون بالدعاية السلبية لآل جور ــ وعلى خلاف مثلا ما يفعله أوباما الآن مع أي مرشح رئاسي عن الحزب الديموقراطي ، وهذا موضوع أخر ! ــ والتي تضر بمرشح حزبه وزميله ورفيق دربه ، وحتى نائبه السابق ــ والذي منحوه الآن مهمة الدفاع عن المناخ ، والبيئة الخضراء ، وما إلى ذلك من تسميات ، ومسميات ، أو تمويهات ، وحتى تلاشى نجمه تماما الآن ! ــ وترفع في ذات الوقت من فرص فوز غريمه الجمهوري بوش الأبن . وقد حدث هذا الأمر في حضور وأمام آل جور نفسه بالمناسبة . ونجح بوش الابن بالفعل في الفوز بتلك الانتخابات ، وكذا بالانتخابات الرئاسية التي تلتها ، ومن ثم نجح بالفوز بما هو مسموح له من الحد الأقصى في البقاء باليت الأبيض ، بينما لم ينجح والده ؛ جورج بوش الأب ، والذي كان أكثر أهمية من ابنه ، و كذا في تاريخ الولايات المتحدة ذاتها ، سوى بالفوز بولاية انتخابية واحدة ، وسقط في الثانية أمام بيل كلينتون ، وحيث كان الأخير نفسه يشعر برهبة أمامه حتى وهو يصافحه !
إذن ، فأعتقد كذلك انه من ضمن الدستور الغير مكتوب بين الحزبين ، انه لا ينبغي لأي حزب منهما أن يستمر في البيت الأبيض أكثر من ولايتين اثنيتين ــ ربما متتاليتين ، أو متفرقتين ، وكما سوف يحدث مع ترامب مثلا لاحقا !
إذن ، ومرة أخرى ، فترامب قد قضى فترة واحدة فقط ، بينما غريمه السابق ؛ أوباما مثلا قضى فترتين بالبيت الأبيض ، ومن ثم فيتبق له فترة أخرى ، وبعد أن كسر ، أو خرج عن هذه القاعدة ــ ولو مؤقتا ــ جو بايدن .
وربما قد عزز أيضا من فوز ترامب بهذه الانتخابابات هو اختيار نائبا شابا له من البيض ، وغير الملونين ، وربما من اليمين المتشدد أيضا ــ وحيث تساير الولايات المتحدة أوربا في هذا الشأن ، بالاتجاه نحو اليمين الراديكالي ، و في تلك الأونة من هذ الزمان ــ وحيث هو من يعارض الآن بالفعل إرسال أي أسلحة إلى أوكرانيا الآن مثلا ، و عملا بمقولة ترامب : " أمريكا أولا " ، وعمره 39 عاما ، و يشغل عضوية مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوهايو ، وينتمي إلى الطبقة العاملة أو المتوسطة ، ويحظى بشعبية كبيرة في أوساط الأمريكيين عامة وفي ولايته خاصة .
وربما يرمي ترامب ، وبكل خبث ، من وراء احتيار جيمس فانس نائبا له أن يكون هو رئيس الولايات المتحدة القادم في الانتخابات الأمريكية التالية بعد انتهاء ولاية ترامب القادمة ، أو حتى في اثنائها ، وإذا ما حدث أي حادث قد يحول دون استمرار ، أو بقاء ترامب في الحكم ، كالوفاة ، او الاغتيال مثلا .
وربما كل ماسبق ، يبين بشكل واضح ، لماذا خسارة بايدن باتت مؤكدة في الانتخابات القادمة ، بينما ارتفعت في ذات الوقت أسهم ترامب في الفوز في تلك الانتخابات .