مجدي الحداد يكتب: ما بين تركيا و أوكرانيا

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 28 مايو 2023, 5:08:41 ص
  • eye 525
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هل تتذكرون إسقاط طيار تركي يقود طائرة "اف 16 " الأمريكة ، لطائرة سخوي 24 الرروسية في نوفمبر 2015 . وكانت الطائرة الروسية قادمة من قاعدة حميميم العسكرية الروسية شرق اللاذقية بسوريا ، وأُسقطت بحجة انتهاكها للمجال الجوي التركي ، وكانت العلاقات وقتها بين روسيا وتركيا متوترة للغاية بسبب دعم روسيا لبشار الأسد من جهة ، ودعم تركيا للمعارضة السورية من جهة أخرى . 
وربما كانت تلك العلاقات بين الدولتين في حاجة إلى مجرد احتكاك بسيط لإشعال حرب جديدة بينمها . وكان أسقاط الطائرة الروسية كفيلا بإشعال تلك الحرب .
وقد اتضح فيما بعد أن الطائرة الروسية لم تنتهك المجال الجوي التركي ، ولكنها كانت تحلق ضمن دائرة نفوذ وسيطرة النظام السوري ، وأحيانا طبعا كانت تحلق ، ومن ثم تقصف أي تجمعات أو منشآت سورية يشتبه انها تابعة أو يسيطر عليها الثوار ، بدليل سقوطها فوق جبل التركمان باللاذقية . كما اتضح أيضا ، و فيما بعد ، أن هذا الطيار يتبع جماعة فتح الله كولن ، المنشق أو الهارب أو اللاجىء  الآن في الولايات المتحدة .
ويجب أن نتذكر أنه بعد إجهاض تلك المؤامرة ، جرت بعدها مباشرة ، وفي أقل من عام ، وتحديدا في 15 يوليو 2016 محاولة انقلابية عسكرية في تركيا ضد أرجودان ، وأيضا بائت بالفشل .
كان المقصود إذن من تلك الحادثة ــ أو بالأحرى الحوادث ــ المدبرة من قبل الحكومة العالمية ، أو النظام العالمي الجديد ،   الذي يحكم ويتحكم في العالم الآن ــ وما الطيار ، وحتى كولن ، أو العسكر الانقلابيون الأتراك ، أو غيرهم من عسكر انقلابيون في أي مكان أخر بالمنطقة المنكوبة ، والموبؤة باللصوص والخونة والعملاء ، إلا مجرد أدوات استخدمها ، أو وظفها النظام ، أو الحكومة العالمية بكفاءة عالية ــ هو إشعال حرب بين تركيا وروسيا ، يستنزف من خلاله البلدين ، وتدمير تركيا ــ والعياذ بالله ــ على غرار ما تم الآن من تدمير لأوكرانيا ، وكذا أماكن أخرى من العالم ؛ بطريقة خشنة كالسودان ، وبطريقة ناعمة ؛ كمصر .
حتى إننا ، وعلى الرغم من أن تركيا عضو في الناتو ، كما تسعى حثيثا ــ رغم رفض ذلك ــ الانضمام للاتحاد الأوربي ، بخلاف أوكرانيا التي لم تنضم بعد للناتو ، ولا للاتحاد الأوربي ، وعلى الرغم كذلك من وحود قاعدة إنجرليك الأمريكية ، والتي تقع بالقرب من شرق مدينة أضنة التركية الواقعة على ساحل البحر المتوسط ، قد لاحظنا جميعا سحب بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكة من تركيا، وفي وقت اشتداد الأزمة الروسية التركية ، ما يعني ، وبكل خبث إعطاء ضوء أخضر لروسيا للتصرف كما تشاء في تركيا ، وعلى غرار ما تفعله الآ ن في أوكرانيا ، وكان من الممكن أن يقصف الروس ، والعياذ بالله ،تركيا من البحر الأسود ، أو البلطيق ، وكما يفعلون الآن مع أوكرانيا ــ وهنا تبدو جليا لعنة الجغرافيا بالنسبة للطرف الأضعف من أي ، وفي أي ، معادلة .
يحسب لأردوجان ــ وعلينا أن نعترف أنه رجل دولة من الطراز الأول ، ويعمل بكل جد وجهد وإخلاص لصلح بلاده ، حتى ولو لم يحالفه الحظ أو الصوابخ أحيايا ــ أنه قرأ المشهد بجلاء تام ، وعلى الفور حاول امتصاص غضب الروس ، وأعتذر عن الحادث و تم التحقيق مع الطيار ودفع تعويضات أرضت الطرف الروسي وحتى عادت المياه إلى مجاريها بين البلدين .
وبعد سحب باتريوت من تركيا ، ومحاولة أردوجان التعاقد على شرائها من الولايات المتحدة ، وتمنع الأخيرة ، لجأ أردوجان إلى التعاقد على منظومة مكافئة تقريبا لها من روسيا وهي منظومة S400 .
كان المخطط إذن ليس فقط ضرب تركيا ، ولكن أيضا استنزاف روسيا ، وإضعافها لأقصى حد ، ومن ثم ربما تفتيتها بعدئذ ، وهذا هو الهدف الاستراتيجي ، وتركيا ربما كانت هدف تكتيكي .
فكان الحل هو البحث عن هدف تكتيكي أخر لاصطياد الدب الروسي ، فكانت الحرب الأوكرانية الروسية ، والتي كان بإمكان زلينسكي أيضا ، وكما فعل أردوجان ، تجنبها ، لوكان يتمتع بشيء من الحكمة والرصانة والحرص على مصالح بلاده .
أخشى أن تكون تلك الحكومة العالمية هي من تفرض علينا إذن أسوأمن أنجبت البشرية ، وما تحدث عنه التاريخ من حكام ، وتدعمهم لأنهم يحققون أهدافها في هدم الأوطان ، وخاصة فيما يسمى بالشرق الأوسط ، أو شمال أفريقيا .

التعليقات (0)