- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
محمد السعيد إدريس يكتب: ورقة جديدة لمواجهة أمريكية – روسية
محمد السعيد إدريس يكتب: ورقة جديدة لمواجهة أمريكية – روسية
- 16 يوليو 2023, 5:28:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المناورات العسكرية المتتابعة بين روسيا والولايات المتحدة فى سوريا، تثير تساؤلات كثيرة أبرزها ما إذا كان من المحتمل أن تحدث المواجهة الروسية – الأمريكية فى سوريا، وهى المواجهة التي ظل الطرفان الأمريكي – والروسي حريصين على تجنبها؟ وإذا لم يكن هذا هو المستهدف فهل هذه المناورات إعلان عن مخططات جديدة أمريكية تخص سوريا، على العكس من معلومات كان قد جرى تسريبها أن الولايات المتحدة باتت مضطرة للانسحاب من سوريا، على ضوء كثافة ما تتعرض له من خسائر بشرية على أيدى المقاومة داخل سوريا ضد الوجود العسكري الأمريكي؟
السبب المباشر لإثارة مثل هذه التساؤلات أن روسيا أجرت مناوراتها العسكرية مع الجيش السوري، بعد يوم واحد من اختتام الولايات المتحدة مناورات مشابهة مع حلفائها في منطقتي «التنف» على الحدود السورية مع العراق وتركيا وفي منطقة شمال شرق سوريا. بدأت المناورات الروسية – السورية يوم الأربعاء (5-7-2023) واختتمت يوم الأحد (9-7-2023) وشهدت احتكاكات روسية – أمريكية وسط مخاوف من أن يؤدى أحدها إلى مواجهة غير مقصودة بين الجانبين، حيث أعلنت القيادة الجوية المركزية الأمريكية في بيان أن طائرة روسية قامت من جديد يوم الخميس (6-7-2023) بالطيران «في شكل غير آمن وغير مهني» في مواجهة طائرات أمريكية وفرنسية فوق سوريا. وكانت القوات المسلحة الفرنسية أعلنت بدورها أن طائرتي «رافال» كانتا في مهمة على الحدود السورية – العراقية تعرضتا لاحتكاك «غير مهني» من طائرة «سو 35» روسية. في ذات الوقت قال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي أوليج جورنيوف، في معرض تحليله للمناورات الروسية- السورية إنه «تم تسجيل 9 انتهاكات لسلامة الطيران في الأجواء فوق مناطق شمال سوريا من قبل طائرات بدون طيار تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
مثل هذه المناورات المتزامنة وتلك الاحتكاكات المتبادلة تكشف أن سوريا عادت مجدداً « ورقة مواجهة أمريكية – روسية». فروسيا يهمها أن تؤكد أن انشغالها في أوكرانيا لن يؤثر سلبياً في مصالحها في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة يهمها أن تؤكد أن دورها البارز والمتفاقم في دعم أوكرانيا لن يثنيها عن محاصرة أي مظاهر للنفوذ الروسي خاصة في إقليم الشرق الأوسط.
هنا بالتحديد يسعى كل طرف إلى محاصرة نجاحات الطرف الآخر. فإذا كانت روسيا قد استطاعت أن تقطع بالتعاون مع إيران، شوطاً مهماً من مثار التطبيع التركي- السوري، والتقريب بين سوريا وتركيا ومن ثم تنظيم الوجود التركي في شمال سوريا، بما يسمح بحل معضلة الأمن التركي من ناحية ويعيد الجيش السوري مجدداً إلى الشمال السوري، فإن الولايات المتحدة وفقاً لوسائل إعلام كردية، تسعى إلى ما وصفته ب«مشروع متكامل» في مناطق شمال وشرق سوريا، بعد أن تتفق مع تركيا على صيغة محددة، ضمن مساع جديدة لتشكيل إطار واسع يضم مختلف القوى السياسية والعشائرية من مختلف المكونات. ووفقاً لهذه المعلومات، فإن المبعوث الأمريكي لشرق سوريا نيكولاس جرينجر يعمل على إنضاج هذا المشروع، وأن المشروع الكامل سيطرح بعد الاتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا على صيغة محددة. لكن البارز في هذا المشروع حتى الآن هو وجود مسعى أمريكي لربط «قاعدة التنف» بمناطق شرق الفرات حيث نفوذ« قوات سوريا الديمقراطية»(قسد) والقواعد الأمريكية المنتشرة هناك مع مناطق الشمال حيث تبذل الولايات المتحدة جهداً لتشكيل جماعات مسلحة تابعة لها. وسعت واشنطن لإقناع الفصائل في الشمال وفي مقدمتها«هيئة تحرير الشام» وبعض العشائر لتشكيل«جسم جديد»أخذ يعرف ب«جيش سوريا الحرة»، الأمر الذي كان قد حذر منه سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسي في مايو/ أيار الماضي وكشف أن لدى الجانب الروسي معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة بدأت في إنشاء ما يسمى ب«جيش سوريا الحرة» بمشاركة «داعش» من أجل زعزعة الاستقرار في سوريا.
مجمل هذه التطورات تكشف أن سوريا عادت مجدداً ساحة منافسة، وربما ساحة صراع بين واشنطن وموسكو، وهذا يعني أن تعقيدات كثيرة سوف تتواتر في الساحة السورية على العكس من كل توقعات الانفراج التي أعقبت عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهي العودة التي رفضتها واشنطن ودول أوروبية حليفة، والتي تزامنت مع أجواء جديدة لتطبيع العلاقات السورية – التركية.