محند أمقران يكتب: عام على السابع أكتوبر.. مؤسسة المقاومة و السلطة البائدة

profile
محند امقران كاتب جزائري وخبير في شؤون التنمية
  • clock 7 أكتوبر 2024, 5:58:51 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يمر عام بالتمام و الكمال على السابع من أكتوبر و المخلد بعملية طوفان الأقصى.  العملية العسكرية التي غيرت مسار التجاذبات في الداخل الفلسطيني و أثرت كثيرا على مسار العلاقات الدولية ،إذ أظهرت بصفة قطعية فشل منظومة الأمم المتحدة ،التي عانت من خلال هيءاتها في المنطقة من القصف و فقدان خبراءها . 


عجز و تواطؤ دولي ،صمت عربي و إسلامي ،معاناة و صمود فلسطيني و مساندة و تضامن شعبي غربي . هي عوامل سوف يكون لها شأن في رسم خارطة التجاذبات المستقبلية بدخول أطراف بصورة علنية على مسرح الأحداث و ترقب الانتخابات الأمريكية و ما ستفرزه من نتائج على مستقبل المنطقة ككل .


سوف أهتم في هذا الجزء ،بتسليط الضوء بشيء من التحليل على مؤسسة المقاومة الفلسطينية و التراجع الكبير  للسلطة الوطنية الفلسطينية .


●المقاومة الفلسطينية كمؤسسة مستدامة : 

تلعب المقاومة الفلسطينية دورا بارزا في التعريف بقضية كتب لها إلا تموت ،رغم كل الظروف المحيطة بها ،سواءا في دائرة ماكان يسمى العمل العربي المشترك ، الجامعة العربية ، جبهة الصمود و التصدي ،مؤسسة القدس و غيرها من أشكال الدعم الباهت للقضية المحورية ،هذا ماكان يشكل دائرة الدعم العربي و الإسلامي للقضية الذي أبان عن نقص فادح في هيكلة التضامن الجاد ، و تشبيك الإرادات الحقيقية الداعمة للقضية و المقاومة الفلسطينية على وجه الخصوص . هذا التراجع يمكن فهمه بالشرخ الكبير الموجود بين أنظمة الحكم و الشعوب في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ،أنظمة لا زالت في مرحلة التنديد العقيم و شعوب مقهورة ،في مأزق حضاري غير مسبوق ، حتى أن مظاهرات التأييد للمقاومة الفلسطينية أصبحت نادرة او منعدمة في هذه البلدان التي كان من المفترض أن تشكل خزانا داعما للقضية و المقاومة الفلسطينية .


أمام هذه الوضعية و أخذا بعين الاعتبار بأن الطبيعة ترفض الفراغ ،كان لزاما على المقاومة أن تتهيكل ،آخذة بعين الإعتبار هذه المعطيات . التوجه إلى حلفاء جدد خارج الدائرة العربية المعروفة هو تحصيل حاصل ،ولهذا كان اللجوء إلى الدائرة الإيرانية او الفارسية ممثلة في حزب الله اللبناني و امتداداته في المنطقة ،و هنا لا يغيب علينا الحضور الغير مباشر لروسيا الداعمة لإيران.  


ربما هذه هي الوضعية العقلانية الأقرب للواقع الفلسطيني داخليا و خارجيا . 


لا يمكن أن نتغاضى هنا عن دعم القضية الفلسطينية من خلال غزة في إطار  المجتمعات المدنية الغربية و في الجامعات و المحافل الدولية كالالعاب الأولمبية في فرنسا .
أمام هذا الوضع الجديد في الشأن الفلسطيني ،و جب علينا أن نتساءل بكل موضوعية عن الغياب الفاضح للسلطة الوطنية الفلسطينية ، و نتساءل كذلك على مستقبل المقاومة بعد عام كامل على عملية طوفان الأقصى . 


●السلطة الوطنية الفلسطينية : الغياب القاتل .


ماعدا بعض الظهور الباهت لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ،الذي كان ظلا لنفسه من خلال تصريحات غير مدروسة ،أبانت عن عطب داخلي في السلطة الوطنية التي كان من المفترض أن تكون السند الأول للفلسطينيين الغزاويين خاصة و على المستوى الإنساني على الأقل . أثار غيابها الفعلي و الكلي ،نوعا من التأكيد الصادم على أن هذه السلطة الوطنية التي كانت نتيجة من نتائج اتفاقية أوسلو، مجرد شبح و سراب مؤسساتي مآله الزوال . فلا مناص من المقاومة مسلحة كانت أم من خلال التضامن الجاد و الخلاق من بنيات المجتمعات المدنية العالمية الغربية منها خاصة و في الامريكتين . فمن خلالها يكون التضامن مؤثرا على صناع القرار .


أعتقد أن الاشهر القادمة و ربما السنوات القادمة و هذا على المدى المتوسط على الاقل ،كفيلة بأن تهز مضجع السلطة الوطنية الفلسطينية ،نظرا لغياب الأداء و عدم الحاجة لهذا الهيكل ،حتى من قبل المعتدي .و بالتالي التوجه نحو خيار المقاومة يكون الأرجح بغض النظر عن الاختلافات السياسية و الاديولوجية الموجودة بين الفصائل الفلسطينية ،فلا مناص من جبهة و طنية للمقاومة تظم اغلب الفصائل انطلاقا من مبدأ أن القضية أصبحت قضية وجود .


●مؤسسة المقاومة: 

أبانت عملية طوفان الأقصى، على قوة و قدرة المقاومة المسلحة على الضرب الموجع متى أرادت ، و قد يختلف معي البعض حول السيناريوهات التي كانت محيطة بالعملية و مختلف التحليلات التي كانت تنتقد ماسموه العمل الانتحاري و تعريض قطاع غزة للدمار الشامل و عدد الضحايا المرتفع جدا . ماذا فعل أصحاب الشعارات و الصالونات و البلاتوهات العربية خاصة للقضية عموما و للمقاومة على وجه الخصوص ،إلا التنديد من جهة و عرقلة المقاومة من جهة أخرى .


عام على عملية طوفان الأقصى، و لم يستطع الجيش الصهيوني بكل أسلحته و عملاءه في الداخل الفلسطيني ،من القضاء على حركة حماس و كتائب عز الدين القسام ، رغم تصريح قادة الجيش الاسرائيلي ووزيرهم الأول نتنياهو ،على طريقة جيمس بوند ، أنهم قادمون و منتصرون . فرغم فقدان المقاومة لقادتها و كفاءاتها في الميدان ،إلا أنها لا زالت واقفة تنشط في الميدان استخباراتيا و عسكريا ،يمضي القادة و هم وقود المقاومة و تبقى المؤسسة قادرة على تعويض الخسارة و الفقدان بسرعة كبيرة و باستخلاص دروس أكبر . 


و على هذا الأساس ،فمن المرتقب أن تتقوى المقاومة أكثر فأكثر بعمليات نوعية في الداخل و أخرى في الخارج ،مستهدفة مصالح و حلفاء الكيان الصهيوني .
أن يتوجه الحلفاء و القوى الكبرى لإعادة النظر في الخارطة السياسية للمنطقة ،بالجلوس على طاولة المفاوضات بعيدا عن مصر السيسي .
تحرك الفاعلين على رقعة الشطرنج الكبرى، بما يحفظ مصالح القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة ،روسيا ،الصين و بأقل درجة فرنسا ،من خلال العمل على إيقاف حدة العمل المسلح و إعادة رسم ملامح المنطقة عموما و الداخل الفلسطيني خصوصا و بروز حركة حماس كقوة سياسية و عسكرية و تراجع للسلطة الوطنية الفلسطينية.


تكثيف التضامن الجاد مع المقاومة و القضية الفلسطينية في الغرب مما يساهم في خلق شبكات تضامن داخلية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية 
بلدان الاتحاد الاوربي 


بلدان أمريكا الجنوبية:


خروج القضية الفلسطينية من النطاق العربي الرسمي ،إلى النطاق الاوربي ،الأمريكي الغربي سوف يمكنها على المدى المتوسط من أن تتقوى أكثر فأكثر على مستوى المحافل الدولية و في دوائر صناعة القرار في العواصم الغربية المؤثرة .


عمل المقاومة المستدام سوف يكون له أثر عميق على الداخل الاسرائيلي، على مستوى الجيش،الحكومة الحالية و المجتمع المدني الاسرائيلي بما في ذلك عاءلات  الأسرى، الشيء الذي سوف يؤدي إلى سقوط الحكومة الحالية و المضي في مسار انتخابي عسير .
رغم الخسائر الجسيمة ،لا زالت مؤسسة المقاومة قاءمة و لا زال جيش الاحتلال في فشل ذريع متنام ،سوف تكون له عواقب وخيمة على مستقبل المنطقة و على إمكانيات السلام الضءيلة جدا .
يتبع ...

التعليقات (0)