- ℃ 11 تركيا
- 15 نوفمبر 2024
محند امقران عبدلي يكتب: فرنسا:العنصرية ،العنف و المواطنة
محند امقران عبدلي يكتب: فرنسا:العنصرية ،العنف و المواطنة
- 14 يوليو 2023, 11:27:27 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعيش فرنسا منذ أيام على صفيح إجتماعي ساخن ،على إثر مقتل مراهق من أصول جزائرية،رميا بالرصاص على أيدي الشرطة إثر مراقبة على الطريق .هذه الحادثة صاحبتها موجات من العنف الأعمى و هي ميزة من ميزات العنف الإجتماعي في مرحلته الأولى ، أي المرحلة الأكثر غليانا وهي المرحلة "البركانية"
هذا العنف ليس بجديد في فرنسا ،خاصة في الضواحي و الأحياء الساخنة و هي وتيرة عنفية تنم عن عطب كبير و مستدام في منظومة التناغم و الانسجام الإجتماعي التي تتغنى بها مؤسسات الرعاية الإجتماعية الفرنسية و المجتمع المدني .
تعتبر فرنسا مركز جذب للمهاجرين من أصقاع العالم خاصة من العالم "الفرنكفوني"، وهذا لاعتبارات ،ثقافية ،سياسية ،اقتصادية و
تاريخية
فعلى مر التاريخ كانت فرنسا و لا تزال و سوف تبقى مركز جذب للتنوع الثقافي ،للمهاجرين على أختلاف أعمارهم أجناسهم،دياناتهم،توجهاتهم و هذا طلبا لسعة في الرزق ،للعلم و للاستقرار .يعتبر الكثير من المهاجرين فرنسا بمثابة الالدورادو أو الفردوس المنشود و هنا" أبالغ نوعا ما"
عرفت موجات الهجرة تراكمية إجتماعية ،ثقافية و سياسية "غير مدروسة العواقب " و هنا كذلك يمكنكم أن تعتبروا بأني أبالغ نوعا ما لأني أكتب عن بلد معروف بالاستشراف الإجتماعي و السياسي و بالتالي لا يعقل أن يكون صانع القرار الفرنسي في غفلة عن مثل هذه الأحداث،أو عن المكبوتات الإجتماعية لجماهير المراهقين و الشباب في
الضواحي و الأحياء الساخنة
سبق لفرنسا أن عرفت أحداثا من هذا القبيل أدت نتائجها دائما إلى إعادة النظر في قوانين الهجرة و الاستقرار و منح الإقامات الدائمة و الجنسية الفرنسية لطالبيها. و سوف تؤدي هذه الأحداث إلى نفس الحالة على المستوى البيروقراطي على الأقل،ولكن قبل الخوض في الإستشراف لابأس من فهم تنامي العنصرية في المجتمع و دواليب الحكم في فرنسا و ما تولد من حالات عنف إجتماعي متواتره
رغم أن الجمهورية تفتخر بشعار الحريةوالمساواة و الأخوة في مواثيقها إلا أن الواقع أصعب و أعقد بكثير من بساطة و مثالية الشعارات .يجب أن يدرك القاريء أن الممارسة البيروقراطية داخل دواليب الجمهورية ،أقصد مؤسساتها تتسم بنمط من التسيير و الإنتقاء لا يسمح لأبناء الضواحي و المهاجرين الجدد بالولوج إلى الوظائف السامية أو التمثيلية الرسمية و ما نراه من وجوه رسمية ذات أصول مغاربية خاصة هو لتلميع الواجهة فقط ، ما علينا إلا أن نلاحظ ذلك على قواءم المقبولين في المدرسة الوطنية للإدارة،مدارس القضاة و المحامين و المدارس العليا و معاهد الدراسات السياسية .
تعتبر الكثير من تصريحات زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي و زملاءها على مستوى هذا التيار الذي يعرف إقبالا متزايدا و تواجدا انتخابيا و على مستوى المؤسسات الرسمية خاصة في المناطق المعروفة تاريخيا بالهجرات المتنوعة كجنوب فرنسا مثلا التي أصبحت المجالس البلدية و الجهوية فيها مفتوحة أمام زحف اليمين المتطرف و الذي يدعو مناضلوه جهارا نهارا إلى تقوية مقاربة الأفضلية الوطنية و التي تعني حسبهم الاسبقية لأبناء الجمهورية من العرق الفرنسي الأبيض و تهييج المشاعر القومية و الوطنية الساذجة إزاء الخطر المغاربي،الافريقي و الإسلامي
هذا النمط الديمقراطي أو الممارسة الديمقراطية على الطريقة الفرنسية تحمل في طياتها تناقضات كثيرة على مستوى التمثيل الوطني و على مستوى تثمين الكفاءات المنحدرة إجتماعيا من الهجرة و من الضواحي.
من الغريب جدا أن يعتبر أحد رؤساء فرنسا السابقين المثيرين للجدل و المدان من طرف العدالة الفرنسية و أقصد هنا الرئيس نيكولا ساركوزي في أحد تصريحاته أن فرنسا جمهورية علمانية ذات قيم كاثوليكية .نعم علمانية ذات قيم دينية ..الأمر غريب أليس كذلك؟
مثال آخر كذلك في أقاليم و مجالس ماوراء البحار يشجع اليمين بمعتدليه و متطرفيه في كاليدونيا الجديدة و هي التسمية التي لا يقبلها السكان الاصليون على كبح جماح المطالبين بالاستقلال نظرا للتفاوت الرهيب بين أصحاب الأرض الكالدوش و المنحدرين من المنفيين الجزائريين من جهة و المهاجرين البيض من فرنسا و من أبناء المتطرفين الرافضين لاستقلال الجزائر و هذا تفاوت ملفت للانتباه إذ تكرس الجمهورية نوعا من العنصرية المخفية وراء ستار البيروقراطية و التراكمات الإدارية .إنها الممارسة الديمقراطية في إطار الدولة
اليعقوبية المترامية الأطراف
يتبع