مريم السويطي تكتب: الصائمُ المُشتبك

profile
  • clock 25 مارس 2023, 9:36:01 ص
  • eye 323
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

"الخميس اليوم الأول من شهر رمضان في فلسطين " خبراً كان بمثابة العلاج النفسي يجردُ الفلسطيني من ثوب الحزن ويبعث البهجة في روحه ، تزينت الطُرقات بالأضواء ، بألوانٍ زاهية  تجعل كل من يشاهدها مُنكباً على جمالياتِ ألوانها وتفاصليها ، المساجدُ تصدحُ بالتكبيرات ، وأناشيدُ الأطفالِ تملأ الأرجاء .... ولكن في غضون ساعات سرعان ما يتحول المشهد إلى مشهدٍ تراجيدي ، في صورٍ تقترب وتبتعد لترصد معاناة وألم عائلة فلسطينية ، فتكون مدينة " طولكرم " مسرحاً لجريمةٍ جديدة  يقترفها السفاحين الصهاينة فيتعمدوا فلسفة الانتقام من الفلسطينيين وإراقة دمائهم ، نستيقظ رويداً رويداً في السابعة صباحاً وينتابنا شعوراً صارخاً بمجرد رؤيتنا لمحاصرة قوة خاصة إسرائيلية  للمقاوم " أمير أبو خديجة "  في مدينة طولكرم اقتحام ، واشتباكٍ مُستمر ، أزيزُ الرصاص يصدحُ إلى كل المسامع ، سحورٌ مغمسٌ بالدماء ،  مقاومٌ يتحصنُ داخل منزلاً يحلم بنيلِ الحرية ويستمر بالتصدي للعدو الإسرائيلي حتى الرمق الأخير ، صائماً ، مشتبكاً ، يرفض التسليم والخضوع  حتى لا تكون مدينته لقمة سائغة للصهاينة ، اقتنص الشهادة من فوهة بندقيته ويرتقي شهيداً ويرتوي تراب الوطن بدماءه ، وتعانقُ نعشهُ أغصان الزيتون .
" شجاعٌ كأنَّ الحربَ عاشقةٌ لهذا زارها فدته بالخيلِ والرَّجْلِ " كلماتٌ تحاكي الموقف الذي عايشهُ أمير خلال مجابهته العدو ، شابٌ في مقتبل العمر ، صقرٌ أَبيّ مضى بعزيمةٍ قوية ، واستطاع تأسيس مجموعةٍ مسلحة تحت عنوان " طولكرم للرد السريع " أقلق مضاجع الاحتلال وهز الترسانة الصهيوني ، ليرتوي بنيل الشهادة في سبيل الله بعد سنواتٍ من ظمأ الملاحقة ، وكانت وصيتهُ الأخيرة " " لم تعد هذه البلاد تتسعُ للجميع ، فهي إما لنا ، وإما لنا ، وأنتم منها بإذن اللّه خارجون " .

المُقاتلون لا يستسلمون 
 ترسخت المقاومة في عقول الفلسطينيين  جيلاً بعد جيل راسمةً طريق التحرير من قبضة العدو ، بالرغم من الأساليب الدعائية التي يمارسها الاحتلال في محاولةٍ لإضعاف روح المقاومة للفلسطيني ، وخلق حالة من التشرذم السياسي، وكي الوعي ، والخضوع ، باتت المقاومة المسلحة النهج  الاستراتيجي الوحيد  للشعب الفلسطيني ، و تصعيدات الاحتلال في الضفة الغربية في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة  قائمة على سياسة القتل والإرهاب  , وارتكاب المجازر في " جنين ، نابلس. ، أريحا " ،   فجميع ما ترتكبهُ من محاولات غير مجدية في سبيل إضعاف روح المقاومة الفلسطينية وكسر صمود ونضال الشعب الفلسطيني باءَ بالفشل ، مما يطرح عدة تساؤلات حول المشهد السياسي ، فبعد اغتيالِ قادة المقاومة ل " عرين الأسود " في مجزرة بالثاني والعشرين من فبراير أسفرت عن عشرات الشهداءِ والإصابات،  تشكلت مجموعات للمقاومة في جميع أنحاء الضفة الغربية مثل " كتيبة الرد السريع " تحت قيادة الشهيد " أمير أبو خديجة " لتستمرَ مسيراتُ النصرِ جيلاً بعد جيل .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)