- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
مصطفى إبراهيم: معركة شذونة أو وادي لكة -28رمضان 92هجرية
مصطفى إبراهيم: معركة شذونة أو وادي لكة -28رمضان 92هجرية
- 29 أبريل 2022, 1:47:32 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الثامن والعشرين من رمضان عام 92 هـ الموافق التاسع عشر من يوليو تموز عام 711 ميلادي،انتصر المسلمون في معركة وادي لكة أو معركة شذونة أو معركة سهل البرباط، التي وقع بين قوات الدولة الأموية بقيادة طارق بن زياد وجيش القوط الغربيين بقيادة الملك رودريك الذي يعرف في المصادر الإسلامية باسم لذريق. انتصر الأمويون في تلك المعركة انتصارًا ساحقًا أدى لسقوط دولة القوط الغربيين، وبالتالي سقوط معظم أراضي شبه الجزيرة الأيبيرية تحت سيطرة الأمويين.
في السنوات التي سبقت المعركة، نجح موسى بن نصير والي إفريقية من قبل الدولة الأموية في السيطرة على المغرب الأقصى الذي كانت تسوده الاضطرابات والخروج عن سلطة الأمويين من آن إلى آخر.. كما نجح في ضم مناطق لم تكن خاضعة للأمويين هناك، أهمها طنجة التي جعل من مولاه طارق بن زياد حاكمًا عليها. ولم يعد بالمغرب الأقصى سوى سبتة التي لم تكن تخضع لسلطان الأمويين. كانت سبتة تحت حكم رجل يدعى بيوليان وعلى الجانب الآخر، شهدت السنوات التي سبقت المعركة، انقلاب رودريك دوق باتيكا على الملك ويتزا ملك القوط الغربيين، واستيلائه على المملكة. إلا أن سيطرته على المملكة لم تكن كاملة، نظرًا لوجود مناصرين لأبناء الملك المخلوع في الشمال.
وكان السبب في فكرة غزو المسلمين لأيبيريا هو أن يوليان كانت له ابنة أرسلها لبلاط رودريك كما كان يفعل جميع النبلاء في تلك الفترة، فأعجب بها رودريك واغتصبها، مما أثار غضب يوليان وعزم على الانتقام. . وعرض يوليان موسى بن نصير وقيل طارق بن زياد مساعدتهم على غزو إسبانيا بأن يمدهم بسفنه. استشار موسى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فأجابه قائلاً: «خضها بالسرايا حتى تختبرها ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال.» ،وأرسل موسى سرية للاستطلاع في رمضان 91 هـ قوامها 100 فارس و400 من المشاة تحت قيادة طريف بن مالك الذي نزل بهم جزيرة طريف. شكك بعض المؤرخين الغربيين في كون يوليان كونت سبتة قد أعار المسلمين سفنه للعبور إلى أيبيريا، إضافة إلى قصة اغتصاب ابنته من قبل رودريك، وقالها بأنها أسطورة اختلقها المؤرخون المسلمون في نهاية القرن التاسع، مستدلين على ذلك بكون المسلمين قد كانت لهم قواتهم البحرية في غرب البحر المتوسط بالفعل، وهو ما يؤكده مهاجمتهم للجزائر الشرقية قبل ذلك بأعوام.
وبعد عام تقريبًا، عبر 7,000 مقاتل مسلم أغلبهم من البربر تحت قيادة طارق بن زياد على سفن يوليان إلى جبل طارق، واجتاحوا الجزيرة الخضراء. في تلك الفترة، كان رودريك يشن حملة في الشمال على المتمردين البشكنس، حيث بلغته تحركات المسلمين، فقرر التوجه جنوبًا لقتالهم. وحين بلغ طارق تحرك جيش رودريك لقتاله، طلب المدد من موسى بن نصير الذي أمده بخمسة آلاف آخرين. وكان قوام جيش رودريك 100,000 جندي، وقيل 40,000 جندي. فيما كان طارق بن زياد قد عبر بسبعة آلاف جندي، ثم أمده موسى بن نصير بخمسة آلاف أخرى، أي أنه دخل المعركة باثني عشر ألف مقاتل على أقصى تقدير.
والتقت القوتان في 28 رمضان 92 هـ، في معركة استمرت لثمانية أيام، انتهت بهزيمة كبيرة للقوط، بعد أن تعرض رودريك لخيانة في داخل جيشه أدت إلى هذا النصر الإسلامي الكبير. فوفقًا لتأريخ المستعربين، فقد ساهم منافسي رودريك الطامحين في الحكم في هزيمة القوط الغربيين. ونتج عن انهيار جيش القوط خسارتهم لعدد كبير من الجنود، بينما خسر المسلمون على أقصى تقدير 3,000 رجل. أما عن مصير رودريك، فتقول المصادر الإسلامية أنه اختفى أثره بعد المعركة، ولكنها تستدل على موته غارقًا في الوحل بعثور المسلمين على فرس رودريك الأبيض وقد غاص في بركة موحلة، ووجود خُف منغمس في الطين، رجحوا من خلاله غرقه في الوحل.
ومهدت المعركة لاستكمال الفتح الإسلامي للأندلس، وكان الدافع وراء تقدم المسلمين السريع هو الارتباك الذي أصاب القوط بعد الهزيمة الساحقة لجيشهم ومقتل الملك، مما أدى للسقوط السريع للعاصمة فحال ذلك دون انتخاب ملك جديد أو إنشاء قوة مقاومة. وبعيدًا عن ذلك، لم يتوقع المتآمرون أن طلبهم مساعدة العرب لاستعادة الحُكم في مُقابل الحُصُول على الغنائم، سيكلفهم هذا الثمن الباهظ، كما لم يكونوا على دراية بالنوايا الحقيقية لدخول العرب.
ومع مرور الوقت، بدأت الحقائق تتكشف، فقد كانت هناك عوامل مهمة ساعدت في نجاح المسلمين، منها أن العديد من الساخطين على نظام الحكم القوطي قد انضموا إلى القوات الفاتحة، بالإضافة إلى تعاون سكان أيبيريا من الرومان، الذين لم يكن لديهم حق المشاركة في الحكم (باستثناء المناصب الكنسية)، مع المسلمين حيث رأوا فيهم حليفًا محتملًا ضد الجرمان. هناك حديث أيضًا عن وجود مساعدات من قبل اليهود، الذي تعرضوا للاضطهاد من قبل الملكية القوطية الكاثوليكية، ومن الكثير من باقي السكان الذين لم يقاوموا بسبب غضبهم من المجاعات والأوبئة والتواقون للاستقرار السياسي.