- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
معهد الشرق الأوسط: التعاون في إطلاق برنامج السعودية النووي مصلحة أمريكية
معهد الشرق الأوسط: التعاون في إطلاق برنامج السعودية النووي مصلحة أمريكية
- 16 يوليو 2023, 12:54:05 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نصح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن، الكاتب الأمريكي من أصل لبناني فراس مقصد، الرئيس جو بايدن بعدم إبداء أي وعود لا يستطيع الوفاء بها؛ لأن ذلك قد يقود إلى فقدان الثقة، في الوقت الذي يعمل فيه، مثل سلفه من الرؤساء الأمريكيين، على إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وهذه المرة من خلال سراب صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية.
جاء ذلك في مقال نشره معهد الشرق الأوسط، واعتبر خلاله مقصد أن تعاون واشنطن في إطلاق برنامج السعودية النووي المدني هو مصلحة وطنية أمريكية.
وتناول مقصد نطاق وحجم ما يتفاوض عليه كبار دبلوماسيي الرئيس بايدن مع الرياض، ورأى أنه أمر غير عادي، فيما يتعلق بتطبيع هذه الدولة العربية والإسلامية الرئيسية للعلاقات مع الدولة اليهودية؛ حيث يدرس المسؤولون الأمريكيون المطالب السعودية بإلزام الولايات المتحدة بالدفاع عن بلادهم، ومساعدتهم في أن يصبحوا قوة نووية تطمح إلى تخصيب اليورانيوم ظاهريًا لأغراض مدنية.
ويشير المقال إلى أنه يُطلق على المشروع الأخير اسم "أرامكو النووية"، في إشارة إلى الشراكة الأمريكية السعودية التي أدت إلى ولادة شركة النفط الرائدة في العالم. وقد قلل بايدن من فرص حدوث انفراجة بالأمس فقط، لكن تعيينه مؤخرًا سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو منسقا أمريكيا لاتفاقات أبراهام (اتفاقات تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول الخليجية والعربية) يشير للأولوية المضافة التي يعطيها البيت الأبيض لهذه المسألة الآن.
ويرى الكاتب أن هذه الأولوية إذا نجحت، فإن مثل هذه الصفقة الكبرى ستغير قواعد اللعبة بالنسبة لدور الشرق الأوسط وأمريكا فيها. ومن شأن ذلك أن يشعل التحالف الاستراتيجي الناشئ بين العرب والإسرائيليين ضد التحدي الذي تمثله إيران. كما أنه سيعزز الموقف الإقليمي لواشنطن، ويمنع توغل الصين المتزايد في منطقة تظل صادراتها النفطية ونقاط الاختناق البحرية فيها حيوية للاقتصاد العالمي، ولأي قوة عظمى طموحة تريد أن تهيمن عليها.
يشير الكاتب إلى أن المنطق السعودي واضح حيث يرى أن هذا الملف محفوف بالمخاطر؛ لأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيكون مساندا لجهود الرياض لتحديث الدولة وترسيخ مكانتها كقوة وسطى صاعدة على قدم المساواة مع دول مثل البرازيل وجنوب إفريقيا وتركيا وغيرهم. كما سيعزز استقرار المملكة على المدى الطويل، وهو مطلب لأي رؤية اقتصادية طموحة، تحميها مظلة أمنية أمريكية. لكن السياسات الحكيمة غالبًا ما تتلاشى على أيدي السياسات المعقدة.
وعلى الجانب الآخر يتوقع الكاتب من الرئيس بايدن، الذي التقى وزير خارجيته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي، أن يحذر محاوريه من الرياح السياسية المعاكسة التي ستواجهها مثل هذه الصفقة، في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل؛ حيث لا تزال السعودية لا تحظى بشعبية كبيرة بين المشرعين الأمريكيين في مجلس الشيوخ بسبب مخاوف بشأن حقوق الإنسان والحرب في اليمن، وهناك حاجة إلى دعم بهامش الثلثين للتصديق على أي معاهدة دفاع مع المملكة. وبينما قد يساعد الدعم من الإنجيليين واللوبي المؤيد لإسرائيل الهائل في واشنطن، فمن غير المرجح أن يكون ذلك كافياً من وجهة نظر الكاتب.
ومن زاوية أخرى يسلط المقال الضوء عليها، فإن الحكومة اليمينية الإسرائيلية نفسها لا تحظى بشعبية متزايدة في واشنطن، لا سيما بين الديمقراطيين الذين ستحتاج الإدارة إلى التأثير على أصواتهم. ففي إسرائيل، يتورط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أزمة دستورية غير مسبوقة، ويدين بالفضل لائتلاف حاكم هش. إنه غير قادر على تقديم تنازلات ذات مغزى تجاه الفلسطينيين، الذين هم أيضًا في حالة من الفوضى، دون المخاطرة بانهيار الحكومة.
ويشير الكاتب إلى أن تطبيع العلاقات مع السعودية مغر للغاية بالنسبة لرئيس وزراء محاصر يتطلع إلى تعزيز إرثه، لكن حاجة المملكة إلى لفتة إسرائيلية تجاه الفلسطينيين هي ثمن لا يستطيع نتنياهو تحمله حاليًا.
مكاسب جزئية
ويعتقد الكاتب أن تحقيق التطبيع السعودي الكامل مع إسرائيل مقابل معاهدة دفاع أمريكية سعودية هو جسر بعيد للغاية بالنسبة لجميع الأطراف. ومن المرجح أن يسفر النهج الأكثر قياسًا عن نتائج ملموسة.
ويضيف أنه خلال زيارته إلى السعودية العام الماضي، نجح الرئيس بايدن في إقناعها بفتح مجالها الجوي أمام تحليقات الطائرات المدنية الإسرائيلية؛ مما أدى إلى تقصير وقت طيران الإسرائيليين المسافرين إلى شرق آسيا بشكل كبير. ويمكنه الآن وضع الأساس لاتفاق تطبيع نهائي من خلال تأمين رفع القيود المفروضة على التجارة والسفر بين الطرفين. وبينما لا يمكن تصديق معاهدة دفاع أو تحالف رسمي – وهو غير موجود حتى بين الولايات وإسرائيل - يمكن للرئيس بايدن أن يقدم تأكيدات بأن الولايات المتحدة ستقدم المساعدة للسعودية في حالة وقوع هجوم كبير ضدها، يهدد المصالح الأمريكية الرئيسية في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحرية تدفق النفط.
ويشير الكاتب إلى أنه يمكن لإدارته الضغط على الكونجرس للموافقة على مبيعات الأسلحة المعلقة، ويمكنها تعيين المملكة كشريك دفاعي رئيسي وحليف رئيسي من خارج الناتو.
النووي السعودي
إن القضية الوحيدة التي تستحق اهتمام الرئيس بايدن هي التعاون النووي مع السعودية. فقد وقعت الرياض بالفعل اتفاقيات تعاون نووي مع دول من بينها الصين وروسيا وكوريا الجنوبية وفرنسا. وقد اتخذت المملكة بالفعل قرارها لتطوير الطاقة النووية المدنية من أجل تحرير النفط للتصدير والاستفادة من احتياطيات اليورانيوم غير المستغلة.
من المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، سواء نظرنا إليها من منظور منافسة القوى العظمى ضد الصين وروسيا، أو حماية نظام عدم الانتشار، أو تعزيز السياسات الصناعية الوطنية، أن يتم توقيع البرنامج النووي المدني للسعودية باعتباره مشروعا أمريكيًا سعوديًا مشتركا.
يعتقد الكاتب أن إصرار الرياض على تخصيب اليورانيوم الخاص بها - كما سُمح لإيران أن تفعل بموجب الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس باراك أوباما - يشكل تحديًا سياسيًا وقانونيًا، ولكن تم اقتراح حلول وسط عملية من قبل خبراء أمريكيين بارزين في مجال حظر الانتشار النووي، ويجب أن تكون مرجعًا للحلول الإبداعية مع استمرار المناقشات.
كانت علاقة الرئيس بايدن الشخصية مع ولي العهد محمد بن سلمان غير مستقرة في أحسن الأحوال. ويمكن لنسخة معتدلة مما يتم التفاوض عليه أن تضع هذه العلاقة الثنائية المهمة على أساس مستقر لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
ويرى الكاتب أنه لتحقيق النجاح، يجب على الرئيس بايدن تحديد أهداف قابلة للتحقيق، ومواصلة إدارة التوقعات، وإبلاغ السعوديين بوضوح بما هو ممكن واقعياً.
ويختم بالقول أن أثمن سلعة في الجزيرة العربية هي الثقة وليس النفط. لذلك من الجيد عدم الإفراط في الوعود.