- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
«جاكوبين»: كيف تدعم بريطانيا الفصل العنصري للاحتلال الإسرائيلي؟
«جاكوبين»: كيف تدعم بريطانيا الفصل العنصري للاحتلال الإسرائيلي؟
- 25 يونيو 2022, 4:48:41 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشرت مجلة «جاكوبين» الأمريكية مقالًا لبيتر فرانكنتال، مدير الشؤون الاقتصادية في منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة، تحدث فيه عن الصفقة التجارية الجديدة التي ستبرمها بريطانيا مع إسرائيل، واستيراد البضائع المصنعة في المستوطنات غير القانونية، وهي الممارسات التي يرى الكاتب أنها تجعل بريطانيا تؤدي دورًا نشطًا في تعزيز الفصل العنصري الإسرائيلي، ودعم القمع الوحشي للفلسطينيين.
النهج البريطاني تجاه الاحتلال الإسرائيلي
يستهل الكاتب مقاله بالقول: يصادف هذا الشهر الذكرى الخامسة والخمسين لاحتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهو أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث. وقد ألحق هذا الاحتلال ظلمًا مروعًا بحق الشعب الفلسطيني.
ونهجت الممكلة المتحدة نهجًا مراوغًا تجاه الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ زعمت من ناحية أنها تؤيد القانون الدولي من خلال الإشارة إلى عدم شرعية شبكة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن ناحية أخرى لم تفعل أي شيء لتوقف زحف هذه المستوطنات على الأراضي الفلسطينية. بل الأسوأ من ذلك أن المملكة المتحدة حفزت النمو الاقتصادي الإسرائيلي بفشلها في حظر استيراد سلع المستوطنات الإسرائيلية.
والآن يخضع التزام المملكة المتحدة بالقانون الدولي للاختبار مرة أخرى؛ إذ تدخل البلاد في مفاوضات مع إسرائيل بشأن اتفاقية تجارة حرة لـ«ترقية» صفقة التجارة والشراكة الجارية بالفعل.
يحكم التبادل التجاري الحالي بين المملكة المتحدة وإسرائيل اتفاق مستمر بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، يحاكي اتفاقية التجارة الأوروبية التي كانت تحكم تعاملات المملكة المتحدة قبل انسحابها من الاتحاد الأوروبي.
ربما تبدو هذه الاتفاقيات واضحة إلى حد ما، نظرا لوجود نموذج قائم بالفعل للاتحاد الأوروبي. ولكن على موظفي الخدمة المدنية في وزارة التجارة الدولية، الذين ينسخون ويلصقون معظم نصوص اتفاقيات الاتحاد الأوروبي، أن يفكروا مليًا.
فكما أوضحت منظمة العفو الدولية في إحاطتها لوزارة التجارة الدولية أن الشراكة الحالية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل أثبتت أنها عاجزة تمامًا عن تحديد المنشأ الدقيق للبضائع القادمة من إسرائيل. وهذا أحد متطلبات منظمة التجارة العالمية لضمان الشفافية والاتساق في تطبيق الاتفاقيات التجارية. ومن الضروري أيضًا تجنب المعاملة التفضيلية للبضائع القادمة من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.
المملكة المتحدة تخضع لاختبار القيم مجددًا
ويشير الكاتب إلى أن التطبيق الإقليمي للاتفاقية أصبح بمثابة اختبار جديد لتصميم المملكة المتحدة على معارضة خطط إسرائيل لضم الأراضي التي تحتلها.
وإذا لم تستوعب المملكة المتحدة هذا الأمر على حقيقته، فستكون إسرائيل قادرة على الاستمرار في تمرير البضائع التي تنتجها شبكة مستوطناتها غير القانونية القائمة على الأراضي الفلسطينية المسروقة، وقد طُبع عليها «بلد المنشأ: إسرائيل».
وهذا من شأنه أن يحفز سياسية إسرائيل في التوسع الاستيطاني، وهي السياسة التي انتهجتها على مدى 55 عامًا، تزامنا مع انتزاع ملكية الفلسطينيين وتجزئة أراضيهم. وهذا ليس مجرد شكل من أشكال الضم الزاحف، بل يُنظر إليه أيضًا على أنه فصل عنصري.
وبموجب قواعد الاتحاد الأوروبي المعيبة، فإن الترتيب الفني الحالي لاستبعاد المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية من الوصول التفضيلي إلى الأسواق يعتمد على فحص المستوردين أنفسهم للرموز البريدية المدرجة في إثباتات المنشأ الإسرائيلية، ثم الاعتماد على هؤلاء المستوردين أيضًا في عدم المطالبة بتفضيلات تجارية عندما تشير الرموز البريدية إلى أن منشأ البضائع هو المستوطنات الإسرائيلية.
أدى ذلك إلى خلق فجوة في التطبيق؛ لأن سلطات الجمارك لا تزال غير مدركة تمامًا حجم البضائع القادمة من المستوطنات وخصائصها، وأيها طالب بمعاملة تفضيلية غير مستحقة، وحصل عليها عن طريق الخطأ.
بهذه الطريقة سُمح للتجارة الدولية بدعم الاحتلال العسكري. وعلى الرغم من عدم قانونيتها وفقًا للقانون الدولي، تواصل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إنتاج طيف واسع من السلع الصناعية، ويُصنع عدد كبير منها في مناطق صناعية بُنيت لهذا الغرض.
هذه البضائع التي تُصدر إلى إسرائيل وباقي دول العالم تشمل المنتجات البلاستيكية والمعدنية، والمنسوجات، والسجاد، ومستحضرات التجميل، والأطعمة المصنعة والنبيذ. بالإضافة إلى مجموعة من المنتجات الريفية القادمة من المستوطنات مثل الزيتون، والعنب، والأفوكادو، والحمضيات، ومجموعة كبيرة من المنتجات التي تُنتج من الأراضي التي استولى عليها بطريقة غير قانونية.
المستوطنات شريان حياة أنشطة إسرائيل التجارية
يلفت الكاتب إلى أن المستوطنات الإسرائيلية بُنيت على السلب والتمييز والعنف، ولكنها مدفوعة أيضًا بالمصالح التجارية؛ ذلك أن الأنشطة التجارية ضرورية من أجل الحفاظ على المستوطنات وتطويرها وتوسيعها.
وهذه الحركة التجارية مستفيدة من مصادرة إسرائيل غير القانونية للأراضي الفلسطينية والموارد الأخرى، ومستفيدة أيضًا من سياسات إسرائيل التمييزية في التخطيط وتقسيم المناطق، والحوافز المالية، والوصول إلى المرافق والبنية التحتية. وفي الواقع هم مستفيدون من النظام التمييزي برمته، الذي أظهرت منظمة العفو الدولية وغيرها أنه يرقى إلى مستوى الفصل العنصري الذي تنظمه الدولة.
وهنا تظهر أهمية خطاب البريكست حول «تجاوز قواعد الاتحاد الأوروبي وما وراءها»، وما يمكن أن يحدثه من فرق في الواقع. وتحتاج المملكة المتحدة إلى إجراء تحسينات كبيرة على الترتيبات الحالية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وسد الثغرات التي تسمح بتمرير بضائع المستوطنات، تحت لافتة مزيفة مكتوب عليها: «صُنع في إسرائيل».
المخرج المتاح للمملكة المتحدة
ينصح التحليل البيروقراطيين البريطانيين بإدراج ثلاثة أمور رئيسية في الصفقة مع إسرائيل: الأمر الأول، بيان واضح وصريح لا لبس فيه يؤكد عدم اعتراف المملكة المتحدة بالأراضي الفلسطينية المحتلة على أنها جزء من «دولة» إسرائيل.
الأمر الثاني تعريف النطاق الإقليمي الذي يستبعد صراحة وعلى نحو قاطع منتجات المستوطنات الإسرائيلية وخدماتها من نطاق الاتفاقية، دون تقويض أي اتفاقية تجارية منفصلة يتم التوصل إليها مع السلطة الفلسطينية.
والأمر الثالث ترتيب ثنائي يمنع بوضوح ما يسمى بـ«قواعد المنشأ التفضيلية» من تصنيف السلع المنتجة في المستوطنات على أنها قادمة من إسرائيل.
إضافة إلى ذلك يجب أن تحظر المملكة المتحدة نهائيًا جميع السلع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وأن تضع حدًا للأرباح التي تُقدر بملايين الجنيهات الاسترلينية التي أهدتها لإسرائيل، وحفزت على ارتكاب انتهاكات جماعية لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين.
ويختم الكاتب بالتأكيد على أن المخاطر كبيرة. وإذا تجاهلت المملكة المتحدة سياق حقوق الإنسان، فسوف تتورط في اتفاق يعزز الفصل العنصري الإسرائيلي القاسي ضد الفلسطينيين.