آلاء صديق ..نشأة إسلامية معارضة.. ومطاردة من الأمن الإماراتي تنتهي بوفاة غامضة

profile
سالم أبو سيف محرر صحفي
  • clock 21 يونيو 2021, 11:54:10 م
  • eye 3552
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

جاءت وفاتها مفاجئة قبيل الإفراج عن والدها الداعية الدكتور محمد الصديق بعد قضائه 10 سنوات سجنًا على ذمة قضية " الإمارات 94"، حادث الوفاة أثار شكوك  ناشطين وحقوقيين خليجيين وعرب حول تدبير حادث مقتل المعارضة الإماراتية آلاء صديق في ببريطانيا.

ونعت منظمة القسط لحقوق الإنسان مديرتها التنفيذية آلاء صديق، صباح الأحد 20 يونيو، التي ماتت بشكل مفاجئ.

وتعد آلاء صديق واحدة من أبرز الشخصيات المعارضة لنظام الحكم في الإمارات، على إثر حبس والدها الداعية محمد عبد الرزاق الصديق في عام 2012.

وشغلت آلاء منصب المدير التنفيذي للمنظمة التي أسسها عام 2014 يحيى عسيري، وهو ضابط سابق في سلاح الجو الملكي السعودي بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وكذلك مناصرة القضية الفلسطينية ونشر تقارير عنها.

وبعد خروجها من الإمارات في عام 2012 سافرت آلاء إلى لندن عقب قضائها فترة غير طويلة في قطر، وحصلت على اللجوء السياسي في بريطانيا. لكنها رحلت من بريطانيا إلى العالم الآخر قبل أشهر من الموعد المرتقب للإفراج عن والدها الداعية محمد عبد الرازق. عبد الرازق اعتقلته السلطات الإماراتية عام 2012 بتهمة تدبير انقلاب، وقُضي عليه بالسجن عشر سنوات كاملة في محاكمة دائمًا ما وصفتها آلاء بالصورية.

قضية الإمارات 94

القضية التي أُدين فيها والدها تُعرف إعلاميًا بقضية الإمارات 94، وفيها ألقت الإمارات القبض على 94 مواطنًا بتهمة تدبير انقلاب. تراوحت مهن المعتقلين بين قضاة وأكاديميين ومحامين وزعماء طلابيين، وجيمعهم إماراتيون. 

وبعض تفاصيل القضية تشير إلى أنهم أنشأوا تنظيمًا مرتبطًا بجماعة الإخوان المسلمين، وحتى لو لم يكن مرتبطًا بجماعة الإخوان، فتشكيل الأحزاب السياسية محظور في الإمارات.

وفي مارس 2011 ، نفذت الإمارات العربية المتحدة حملة شاملة على جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي (الإصلاح)، وكان محمد الصديق  عضوًا في جمعية الإصلاح ومعارضًا سياسي ، كان قد شاهد بنفسه سحب جنسيته في 4 ديسمبر 2011 ، كما شاهد العديد من النشطاء الآخرين الذين طالبوا بزيادة المشاركة السياسية والإصلاح الدستوري في وقت سابق من عام 2011.

وفي 9 أبريل 2012 ، اعتقلت السلطات الإماراتية والد آلاء محمد الصديق في إطار حملة القمع التي شنتها السلطات الإماراتية في إطار القضية المعروفة باسم الإمارات 94. 

وبعد اعتقاله احتُجز في الحبس الانفرادي في مكان سري لمدة ثمانية أشهر. وقد حُرم من حقه في مقابلة محاميه وعائلته وتعرض لعدة أشكال من سوء المعاملة، في نوفمبر 2012 ، سُمح لعائلة بزيارته لأول مرة في مكتب النيابة العامة.

وفي عام 2013 ، انخرطت الإمارات في محاكمة جماعية مثيرة للجدل شملت 94 فردًا يشار إليهم عادةً باسم قضية (الإمارات 94)، وهم 94 مفكر وناشط ومدافع عن حقوق الإنسان انتقدوا الحكومة الإماراتية علناً، وكلهم متهمون بعلاقاتهم مع جمعية الإصلاح.

في 4 مارس 2013، بدأت محاكمة الصديق أمام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي. في الجلسة الأولى ، تم إبلاغه بالتهم الغامضة الموجهة إليه ، وهي "إنشاء وإدارة منظمة سرية تسعى لمعارضة المبادئ الأساسية لنظام الحكم الإماراتي والاستيلاء على السلطة ووجود روابط وانتماءات لمنظمات ذات أجندات خارجية. "

وفي 2 يوليو 2013 ، حكمت المحكمة الاتحادية العليا على الصديق بالسجن لمدة عشر سنوات ، بسبب أفعال تتعلق بممارسة حقه في حرية التعبير وتكوين الجمعيات. في عام 2013 ، أصدر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي الرأي رقم 60/2013 ، لحث السلطات على إطلاق سراحه على الفور. ومع ذلك ، لا يزال محتجزًا بشكل تعسفي في سجن الرزين.

وصدر الحكم على الصديق بالسجن عشر سنوات ، تليها ثلاث سنوات تحت المراقبة. وقد حُرم من حق الاستئناف أمام سلطة قضائية أعلى، ثم نُقل بعد ذلك إلى سجن الرزين حيث لا يزال محتجزًا بشكل تعسفي.

اعتقال تعسفي 

وفي 22 نوفمبر 2013 ، تبنى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي الرأي رقم 60/2013 وأعلن أن احتجاز الصديق تعسفي. واعتبر ، في جملة أمور ، أن الاعتقال نتج عن ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات. وعلى الرغم من مطالبة الفريق العامل بالإفراج عن الصديق وتعويضه ، إلا أنه لا يزال محتجزًا في سجن الرزين.

في 21 مايو 2014 ، تم تسليم رسالة كتبها أفراد عائلات محتجزي "الإمارات 94" إلى وزير الداخلية. وتحدثت بالتفصيل عن الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون في سجن الرزين ، مثل سوء المعاملة من قبل حراس السجن ، من بين أمور أخرى ، الحبس الانفرادي المنتظم وسوء التغذية. لم ترد الوزارة على الرسالة ، ولم يتم الرد على شكاوى أخرى موجهة إلى مسؤولي الشرطة أو أعضاء إدارة السجون أو قادة الإمارات.

منذ بداية جائحة كوفيد -19 ، في مارس 2020 ، مُنعت عائلة الصديق من زيارته في السجن ، على الرغم من الحواجز الزجاجية الواقية بين المعتقلين والزوار. يُحرم من الاتصال بعائلته في كل أسبوع مرة. بشكل عام ، الاتصال بينه وبين أسرته محدود للغاية ، وهو انتهاك مستمر لحقه في الاتصال بالعالم الخارجي ، بما يتعارض مع قواعد نيلسون مانديلا بشأن الاتصالات العائلية.


في 9 مارس 2021 ، قدمت منّا لحقوق الإنسان معلومات حول وضع الصديق لمتابعة قضيته أمام فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي. منذ صدور الرأي رقم 60/2013 ، تعرض السيد الصديق بشكل متكرر للحبس الانفرادي وحُرم من الاتصال بأسرته. يعاني من مرض السكري وفقد أكثر من 50 كيلوغراماً. بالإضافة إلى ذلك ، حُرمت زوجته وأطفاله من حقهم في تجديد جوازات سفرهم وجُرد ثلاثة من أبنائه من جنسيتهم.

آلاء تكشف الانتهاكات في الإمارات

ولم تكتفِ آلاء الصديق بالبكاء على مصير والدها، بل حملت قضيته على عاتقها وطافت العالم تنادي بالإفراج عنه. أمسكت آلاء بأبواق مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف المنافذ الإعلامية العربية والأجنبية لتتحدث عن تعرض والدها للاعتداء والتعذيب والإخفاء القسري رغم صدور حكم عليه.

آلاء كانت تقول أنها لم تسمع صوت والدها منذ عام 2013، وأشارت إلى أن الإمارات سحبت من والدها، ومن أولاده، الجنسية. وسّعت آلاء نطاق نقدها فطال الأوضاع الاجتماعية في الإمارات ككل، وقالت في أكثر من مقابلة إن الإمارات تشهد انهيارًا للحريات وتضييقًا غير مسبوق في مجال الحرّيات والتعبير عن الرأي. هذا التضييق أرّخت له آلاء بعام 2013، عام صدور قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يُجرّم، حسب وصفها، كل انتقاد سلمي للسلطة.

عيون الأمن الإماراتي 

ولم تكن آلاء غائبةً عن عيون أجهزة الأمن الإماراتية، بل ظلت تراقبها وتحاول الوصول إليها لدرجة خوض خلاف مع الجارة قطر بسببها. عبد الله بن حمد العذبة، رئيس تحرير جريدة العرب القطرية، قال إن السيدة التي تحدث عنها محمد بن عبد الرحمن، وزير الخارجية القطري، في يناير/ كانون الثاني عام 2018 هي آلاء.

وأشار العذبة في تغريدة له على حسابه الرسمي على "تويتر" أن هذه المرأة هي آلاء الصديق، زوجة المعارض الإماراتي عبدالرحمن باجبير.


وقال: "السيدة المقصودة التي طلب ولي عهد إمارة أبوظبي من أمير قطر تسليمها في 2015 هي آلاء الصديق التي تعرض والدها للاعتقال وإسقاط جنسيته، وحصلت على اللجوء السياسي في قطر، ولم ترتكب جريمة في الإمارات، وبقيت مع أقارب لها بالدوحة عندما قرر زوجها عبدالرحمن باجبير مغادرة قطر إلى بريطانيا". 

السيدة المقصودة التي طلب ولي عهد إمارة أبوظبي من أمير قطر تسليمها في 2015 هي آلاء الصديق التي تعرض والدها للاعتقال وإسقاط جنسيته، وحصلت على اللجوء السياسي في قطر، ولم ترتكب جريمة في  الإمارات، وبقيت مع أقارب لها بالدوحة عندما قرر زوجها عبدالرحمن باجبير مغادرة قطر إلى بريطانيا

وكان محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، قد كشف في حوار مع التليفزيون القطري الرسمي، عن أزمة حدثت بين قطر والإمارات عام 2015، 

وسبقت الأزمة الخليجية المستمرة حتى الآن، وكانت هذه الأزمة بسبب رفض قطر تسليم زوجة معارض إماراتي.

وقال وزير الخارجية القطري إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أرسل مبعوثا إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتسليمهم السيدة، لكن الأمير رفض طلبهم.

وأضاف الوزير أن أمير قطر أبلغ المبعوث الإماراتي أن "المادة 58 من الدستور القطري تمنع تسليم أي لاجئ لأسباب سياسية"، وأن المرأة ليست مطلوبة في جرم جنائي.

وقد ذكرها وزير الخارجية باعتبارها سيدةّ مثّلت سببًا عميقًا للخلاف مع الإمارات. فقال الوزير إن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، أرسل مبعوثًا إلى تميم بن حمد، أمير قطر، يطلب منه تسليم السيدة زوجة المعارض، لكن تميم رفض طلبهم بذريعة أن المرأة لم تكن مطلوبةً لجرم جنائي.

فآلاء هي بنت المعارض الداعية الإسلامي الدكتور محمد الصديق  وزوجة المعارض عبد الرحمن باجبير الذي اُضطر للفرار من قطر إلى بريطانيا هو الآخر.

الأنباء المتواترة تشتبه في احتمالية جنائية في حادثة القتل، لذا تم منع صاحبات آلاء اللواتي كنّ معها في الحادثة من التواصل مع أي جهة، وتم احتجازهن في المستشفى حيث يتلقين العلاج بسبب الإصابات التي لحقتهنّ جراء الحادث.

ووجهت آلاء انتقادات للتضييق على الحريات في الإمارات، وقالت إن الإمارات تشهد انهيارا في مجال الحريات والتعبير عن الرأي، بدأ بشكل رئيسي في عام 2012 مع إصدار قانون الجرائم الإلكترونية.

نعي وشكوك 

غردت الناشطة ليلى الرفاعي فقالت: من أيام تحدثنا عن المنفى، عن اللاجدوى من دون يأس، عن حاجتنا للعادي لنكون بخير كأن نجد من يسمعنا وهذا وحده يلملم بقايانا الجريحة. فجعت اليوم بآلاء ميتة في منفى بعيد وما زالت ذكرى ميلادها غضة وذاكرتها متقدة بالأب المظلوم والبلاد الظالمة التي ما حصدنا إلا لعناتها في حين حصدتنا كلنا. 

كمل أن بعض الناشطين حمّلوا النظام الإماراتي مسؤولية هذا الحادث "المدبّر"، الذي أدى إلى وفاة الناشطة الحقوقية.   

وقال حميد رزيق: محمد بن زايد يصفي ناشطة اماراتية ذنبها معارضة التطبيع والمطالبة بالافراج عن والدها ومعتقلين اخرين

ابنة المعتقل السياسي محمد الصديق الذي يتعرض للتعذيب في سجون الامارات  آلاء الصديق والمتواجده في بريطانيا تعرضت لحادث سير مدبر يوم امس ادى الى مقتلها واصابة عدد من زميلاتها بجروح .


مناهضتها للتطبيع

وألمح نشطاء حملة "مقاطعة"، المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى موقفها ضد تطبيع بلادها مع "إسرائيل".

وأعادت الحملة نشر مقطع فيديو للصدّيق بشأن التطبيع الإماراتي مع الاحتلال، حيث كانت تقيم، هرباً من بطش حكومة بلادها.

وكانت الصديق تتحدث في الفيديو عن التطبيع القديم للإمارات مع الاحتلال، موضحة أن ما حدث في الاتفاق الأخير إنما هو "تطبيع للتطبيع"، بمعنى الإفصاح عنه، وقمع أي صوت يمكن أن يعترض عليه.

ونعى مغردون عرب أيضًا رحيل آلاء، وكتب عبد الله العودة نجل الداعية السعودي المعتقل، سلمان العودة: "اليوم رحلت عن هذه الدنيا الباحثة الإماراتية القديرة والأخت الصادقة المدافعة عن العدالة الأستاذة آلاء الصديق بينما يقبع والدها محمد الصديق في سجون الإمارات سيئة السمعة، أسأل الله أن يتقبلها في الصالحين وأن يرزق أهلها وذويها ومحبيها الصبر والسلوان، وأن يفرّج عن والدها.

من جانبه، ألمح المفكر الموريتاني مختار الشنقيطي إلى أن تكون وفاة آلاء مُدبرة، وقال في حسابه على تويتر: "توفيت مديرة مؤسسة القسط الحقوقية آلاء الصديق بعد صدمها بسيارة في بريطانيا فيما يشبه العمل الإجرامي، وقد قضت العقد الأخير من عمرها مدافعة عن تحرير والدها السجين في #أبوظبي مع خيرة أبناء الإمارات. وعرفتُها في الدوحة ملتزمة كريمة السجايا، تقبلها الله".

التعليقات (0)