- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
آمال وتحديات.. ماذا يمثل قرض صندوق النقد الدولي بالنسبة للبنان؟
آمال وتحديات.. ماذا يمثل قرض صندوق النقد الدولي بالنسبة للبنان؟
- 24 أبريل 2022, 3:07:54 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أشاد المسؤولون اللبنانيون بالاتفاق المبدئي بشأن قرض صندوق النقد الدولي، في 7 أبريل/نيسان، باعتباره طفرة كبيرة، حيث أعلن الصندوق بعد 7 أشهر من المفاوضات، أنه سيقرض لبنان 3 مليارات دولار لحل الأزمة المالية التي تقترب الآن من عامها الرابع.
وستكون مدة القرض - إن تحقق - 46 شهرا وسيعزز صورة رئيس الوزراء "نجيب ميقاتي" الذي جاء إلى السلطة في سبتمبر/أيلول الماضي ووعد بدفع محادثات صندوق النقد الدولي إلى الأمام. كما يأتي الاتفاق في مصلحة الرئيس الثمانيني "ميشال عون"، الذي تنتهي فترته في أكتوبر/تشرين الأول المقبل ويحتاج بشدة لإنجاز قبل مغادرته المنصب.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء "سعادة الشامي" قد أثار مفاجأة حين أعلن في 5 أبريل/نيسان إفلاس البلاد فيما يعد نهاية بائسة لفترة "عون". ويُحَمّل "عون" وصهره "جبران باسيل" مسؤولية معظم المشاكل الاقتصادية في لبنان، بما في ذلك انهيار الليرة اللبنانية والقطاع المصرفي الذي كان مزدهرًا من قبل في البلاد.
ولكن، قد يكون من المبكر للغاية أن الابتهاج باتفاق قرض صندوق النقد الدولي بسبب بعض الشروطالتي سيكون من الصعب تحقيقها.
شروط صندوق النقد الدولي
أولًا، يعد القرض الذي تبلغ قيمته 3 مليار دولار مجرد جزء بسيط مما طلبه لبنان في الأصل؛ والذي يتراوح بين 9-10 مليار دولار.
ثانيا، الاتفاق ليس نهائيا ولا يزال يحتاج إلى اعتماده من قبل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي. ولن يتم صرف القرض ما لم تنفذ الحكومة اللبنانية سلسلة من الإصلاحات المؤلمة.
وتشمل هذه التدابير تعويم العملة، ومراقبة الإنفاق الحكومي، وإعادة تجديد قطاع الكهرباء، ومكافحة الفساد في القطاع العام، والسماح بتقييم خارجي للبنوك الـ14 الرئيسية في البلاد، وإدخال قانونين: واحد لمراقبة رأس المال وآخر للسرية المصرفية.
وقال الكاتب الاقتصادي اللبناني "منير يونس": "سيكون من الصعب جدا تلبية هذه الشروط لأن ذلك يعني تفكيك شبكة المصالح السياسية والمالية، وقد يفتح الباب أمام المساءلة".
آثار الحرب الأوكرانية
رسميا، لا يزال سعر صرف الدولار في البنك المركزي يعادل 1507 ليرة لبنانية، ومع ذلك ففي السوق السوداء يتم تداوله بين 24 و 25 ألف ليرة لبنانية. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2019، كان سعر الصرف 1500 ليرة لبنانية للدولار، وهو السعر الذي ظل ثابتًا منذ أوائل التسعينيات.
ويخشى البنك المركزي أن يؤدي تحرير العملة إلى قفزة رهيبة في الأسعار في الوقت الذي تتزايد فيه بالفعل نفقات الغذاء والوقود بسبب حرب أوكرانيا.
ويستورد لبنان 96% من قمحه من أوكرانيا وروسيا، ولا يكفي المخزون لديه إلا حتى أوائل الصيف. ومثل الحرب مفاجأة بالنسبة للبنان الذي فشل في تأمين مصادر بديلة أو تعزيز احتياطياته من القمح.
وللتعامل مع المشكلة، لجأت حكومة "ميقاتي" لطرح حزم أصغر من الخبز، على أمل توفير الاحتياطات، مما قلل وزن الحزمة من 1.75 جراما إلى 1.125 جراما، مع زيادة في السعر بنسبة 550% أي من ألفيّ ليرة إلى 13 ألف ليرة.
وتتطلب شروط صندوق النقد الدولي أيضا التوصل إلى اتفاق مع الدائنين الدوليين حول كيفية تسوية الديون الخارجية للبلاد بعد أن أعلن لبنان تخلفه عن الدفع في مارس/آذار 2020. وقد اتخذ هذا القرار لإنقاذ ما بقي من احتياطيات البنك المركزي الضئيلة لشراء القمح والوقود والأدوية.
ويحتاج لبنان إلى سيولة لدفع مستحقات ورواتب القطاع العام وكذلك لإعادة بناء ما تم تدميره من بيروت بسبب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020. ووفقا للبنك الدولي، فإن إصلاح هذا الضرر وحده سيكلف ما بين 3.8-4.6 مليار دولار أمريكي.
الانهيار المالي
وافقت الجهات المانحة في مؤتمر "سيدر" (اجتماع دولي للمانحين في فرنسا في أبريل/نيسان 2018) على تزويد لبنان بـ 11 مليار دولار. ومع ذلك، جاء التعهد مقرونا بحزمة من الشروط لم يستطع رئيس الوزراء آنذاك "سعد الحريري" أن يلبيها، بما في ذلك إصلاح القطاع العام ومكافحة الفساد وقص أجنحة "حزب الله".
وبدأت المحادثات مع صندوق النقد الدولي بعد أن فقدت لبنان الأمل في الحصول على تعهدات مؤتمر "سيدر". وبالرغم أن المفاوضات مع الصندوق تعرضت لعراقيل في البداية مع استقالة رئيس الوزراء "حسان دياب" على خلفية انفجار بيروت في أغسطس/آب 2020، فقد استؤنفت في عهد "ميقاتي" في سبتمبر/أيلول 2021.
وبعد أيام من توليه المنصب، استطاع "ميقاتي" تأمين قرض صغير من صندوق النقد بقيمة 1.235 مليار دولار، لكن آثاره لم يشعر بها المجتمع، وإنما ساعدت فقط في تحسين سعر الصرف، وإن كان ذلك لفترة وجيزة.
ودفع انهيار القطاع المصرفي 75% من سكان لبنان البالغ عددهم 6 ملايين إلى الفقر (بما في ذلك مليون لاجئ سوري). وكان لدى العديدين مدخرات محدودة بالدولار، إلا إن البنوك حجرت عليها بسبب نقص العملة الأجنبية، بدون أي إشارة إلى موعد متوقع للإفراج عن أموالهم.
وسُمح للمودعين بسحب مبالغ محدودة من مدخراتهم لكن فقط بالعملة اللبنانية التي فقدت قيمتها مما أدى إلى تضخم كبير. وفي عام 2021، قدر معدل التضخم اللبناني بنحو 145%.وانهار الناتج المحلي الإجمالي في لبنان من 52 مليار دولار في عام 2019 إلى 22 مليار دولار في عام 2021. وارتفع سعر البضائع الأساسية بشكل جنوني، مما أثر على جودة وكمية مشتريات الأسر اللبنانية.
علاوة على ذلك، فرضت الحكومة إغلاقًا صارمًا بسبب "كوفيد-19"، والذي اقترن بمشكلة كهرباء مزمنة (بشكل لا يجعل الكهرباء تتخطى ساعة أو ساعتين في اليوم)، مما أجبر أولئك الذين لديهم موارد مالية على التبديل إلى مولدات الديزل، أما أولئك الذين لديهم موارد محدودة فعاشوا بدون كهرباء.
وأصبح سعر الديزل لا يطاق بالنسبة لمعظم الأسر، حيث يُباع الآن بـ331 ألف ليرة للجالون؛ أي حوالي نصف الراتب الشهري للمواطن اللبناني العادي.
مراقبة رأس المال
في 30 مارس/آذار، وافقت حكومة "ميقاتي" على مشروع قانون مراقبة رأس المال. وبالرغم أن القانون لا يزال يحتاج إلى موافقة البرلمان قبل أن تنتهي فترته في 21 مايو/أيار، فإن المسودة تحدد شروط وأحكام السحب من البنوك بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية.
وقال "يونس": "كان يجب أن يُمرّر قانون مراقبة رأس المال عندما بدأت الأزمة قبل عامين ونصف". وأشار إلى أن "هذا الإجراء كان سيحافظ على بقايا العملات الأجنبية في البلاد، لكن تأخيره حتى اليوم أعطى السياسيين والأشخاص النافذين الوقت اللازم لتهريب أموالهم خارج البلاد، على حساب المودعين العاديين الذين تم منعهم من سحب مدخراتهم وأجبروا على سحبها بمبالغ متواضعة".
واتهم مدير عام وزارة المالية السابق "آلان بيفاني" المصرفيين في يوليو/تموز 2020 بتهريب ما يصل إلى 6 مليار دولار خارج البلاد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.
ويسمح مشروع القانون الجديد بسحب ما يصل إلى ألف دولار فقط أو ما يعادله بالعملة اللبنانية، دون أي مؤشر حول كيف ومتى يمكن للمودع استعادة أمواله بالكامل. وسيبقى أن نرى ما إذا كان قانون مراقبة رأس المال سيرى النور يومًا ما، بالنظر إلى الشروط الصارمة التي يفرضها صندوق النقد الدولي.
وتمثل بعض شروط صندوق النقد الدولي تهديدا لمصالح النخبة السياسية في لبنان. وحتى الآن، أعرب جميع السياسيين عن رغبتهم في تلبية شروط الصندوق لكن هذا قد يظل مجرد كلام.
المصدر | سامي مبيض/ إنسايد أرابيا