أجواء الانتخابات تسيطر على المشهد السياسي في تركيا

profile
  • clock 20 يناير 2022, 8:43:04 ص
  • eye 431
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا يزال هناك عام ونصف على موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا المقرر إجراؤها في نفس الوقت في يونيو/حزيران 2023.

لكن يبدو أن البلاد دخلت بالفعل في أجواء الانتخابات، مع تصاعد التوترات السياسية بين التحالف الحاكم والمعارضة حول موعد إجراء الانتخابات.

ويؤثر المناخ السياسي، الذي يسيطر عليه الانتخابات تقريبًا، على كل جانب من جوانب عملية صنع القرار في تركيا بما في ذلك السياسة الخارجية تجاه ليبيا وسوريا وأذربيجان وأرمينيا ودول الخليج، والقضايا المحلية مثل استمرار النظام الرئاسي وجهود الحكومة لوضع حد لأزمة العملة التركية.

وتضغط المعارضة من أجل إجراء انتخابات مبكرة نتيجة استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن نتائج الانتخابات ستكون في صالحها إذا أجريت الآن.

ويأمل "تحالف الأمة" (يضم حزب الشعب الجمهوري وحزب "الجيد") في أن تمنحهم الانتخابات المبكرة فرصة لهزيمة "أردوغان" وحلفائه بعد ما يقرب من عقدين في السلطة.

ولكن "تحالف الشعب" (يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية) لديه الأغلبية في البرلمان الذي سيقرر مواعيد الانتخابات.

ومن غير المرجح أن يدخل الحزب الحاكم الانتخابات دون أن تهب رياح قوية لصالحه.

وقد جعل حزب العدالة والتنمية عام 2023 بمثابة قضية كبيرة حيث إنه يصادف الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا.

ووعد الحزب بأن تؤتي بعض مشاريعه الكبيرة ثمارها قبل عام الانتخابات، بما في ذلك مشروه إنتاج أول سيارة محلية؛ ومشروع قناة إسطنبول بالإضافة إلى التطورات الأخرى في تقنيات الدفاع.

كما يتوقع الحزب الحاكم أن تساعد مصادر الغاز الطبيعي المكتشفة حديثًا في البحر الأسود وشرق البحر الأبيض المتوسط على التعافي من آثار الأزمات الاقتصادية.

ما هي أجندة المعارضة؟

يتهم زعماء المعارضة "أردوغان" بالعديد من الإخفاقات، لكن هدفهم الرئيسي هو النظام الرئاسي الذي يقولون إنه خلق أزمة إدارية في البلاد.

وتحولت تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي بعد الاستفتاء المثير للجدل في عام 2017.

وبعد الاستفتاء، أقام كل من حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري المعارض تحالفاتهما الخاصة للفوز في الانتخابات.

وبالرغم من الرفض الغاضب من جانب أحزاب المعارضة للنظام الرئاسي، يبدو أنه جعل المجال السياسي أكثر تنافسية في تركيا.

ففي النظام البرلماني السابق، كان المجال السياسي تحت ضغط العديد من القوى، مثل البيروقراطية والجيش ومجموعات المصالح الأخرى.

وقد شهدت الحياة السياسية التركية تدخلات كثيرة من هذه الجماعات في الماضي.

لكن اليوم في ظل النظام الرئاسي، تُعزى النجاحات السياسية والإخفاقات على السواء إلى السياسيين مباشرة.

ويضع هذا المدنيين في قلب المناقشات السياسية ويظهر أن الحكومة ستتحمل المسؤولية المباشرة عن إخفاقاتها.

ويجبر النظام الجديد أيضًا الأحزاب السياسية التي بينها خلافات كثيرة - أيديولوجية وعرقية وثقافية - على العمل معًا في تحالفات مما يُظهر مدى تحول الفضاء السياسي في تركيا بشكل أساسي.

وكانت طبيعة تحالف المعارضة الرئيسي مثيرة للغاية، حيث يضم "تحالف الأمة" كلا من حزب الشعب الجمهوري (وهو حزب علماني - يسار الوسط مع تركيز قوي على الكمالية) مع حزب "الجيد" (قومي- يمين الوسط) وحزب "السعادة" (وهو حزب يدافع عن نوع من الإسلاموية).

كما أن هناك بعض الشركاء غير المتوقعين مثل حزب الشعوب الديمقراطي (وهو حزب ذو ميول يسارية يغلب عليه الأكراد).

وخلال الانتخابات البلدية الأخيرة، قدم حزب الشعوب الديمقراطي دعمًا قويًا لمرشحي "تحالف الأمة" في بلديات اسطنبول وأنقرة.

ويبدو أن أحزاب يمين الوسط المنشأة حديثًا، حزب "المستقبل" وحزب "الديمقراطية والتقدم"، اللذان انشقا عن صفوف حزب العدالة والتنمية، يدعمان "تحالف الأمة".

وللمرة الأولى في تاريخ الجمهورية، أصبح السعي إلى التوافق السياسي هو الجانب المهيمن على البلاد في ظل النظام الرئاسي، بالرغم من استمرار تصاعد التوترات بين المعسكرين الحاكم والمعارضة.

ونتيجة لذلك، فإن العامل الأكثر حسما في الانتخابات المقبلة سيكون طابع التحالفات السياسية وقدرتها على تحقيق المصالحة والتوافق الوطني.

وكما هو الحال مع أي دولة أخرى، ستكون الظروف الاقتصادية في تركيا عاملاً حاسمًا في الانتخابات.

وقد أصاب وباء "كورونا" الاقتصاد التركي بشدة كما حدث في جميع أنحاء العالم.

وبالرغم أن موجة التضخم ضربت معظم دول العالم إلا أن آثارها كانت أكثر سلبية في تركيا بسبب انخفاض أسعار الفائدة.

وبحسب الحكومة، فإن البرنامج الاقتصادي الجديد يهدف إلى تحويل تركيا إلى مركز إنتاج رائد من خلال زيادة الصادرات.

وقد تعهد "أردوغان" بحماية أموال المودعين من تقلبات أسعار الصرف عبر إنشاء محافظ بالليرة التركية ومقومة في الوقت ذاته بالدولار الأمريكي.

وبالرغم من الانتقادات الشديدة لسياسة "أردوغان" الاقتصادية غير التقليدية، يبدو أن أرقام الصادرات التركية الأخيرة تدعم النهج الجديد.

وقد سجلت تركيا العام الماضي أعلى مستوى في الصادرات في تاريخها.

ففي نوفمبر/تشرين الثانيالماضي زادت الصادرات بنسبة 33.44% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، لتصل إلى ما يقرب من 21.5 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، قال صندوق النقد الدولي إن معدل نمو الاقتصاد التركي بلغ 9% في عام 2021.

ووفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أصبحت تركيا ثاني أسرع دولة نموًا بين أعضاء المنظمة في الربع الثاني من عام 2021،.

السياسة الخارجية

في ظل حكم "أردوغان"، تغيرت السياسة الخارجية التركية أيضًا بشكل كبير.

وبينما اتبع حزبه في البداية سياسة "صفر مشاكل مع الجيران"، تدهورت علاقات تركيا مع جيرانها في السنوات العشر الماضية، مما أجبرها على التعامل مع حالات عدم الاستقرار المختلفة في العراق وسوريا.

وكان على أنقرة أيضًا أن تتعامل مع الخلاف النووي بين إيران والولايات المتحدة، كما تصاعدت التوترات بين أذربيجان (حليف تركيا) وأرمينيا إلى الحرب في أواخر عام 2020.

بالإضافة إلى هذه التطورات، اتجه "أردوغان" إلى التدخل في ليبيا مع اقتراب قوات الجنرال "خليفة حفتر" من السيطرة على العاصمة طرابلس.

ومن ضمن الملفات الساخنة الأخري التي تواجهها تركيا التوترات مع اليونان في شرق البحر المتوسط بشأن احتياطيات الغاز المكتشفة حديثًا ومسألة قبرص العالقة بين أثينا وأنقرة.

كما تسبب شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية "إس -400" في حدوث صدع بين أنقرة وواشنطن، وهما حليفان في الناتو، بينما كانت تركيا تاريخيا حليفًا مهمًا للدفاع عن الجناح الشرقي للناتو.

وأدت معظم قضايا السياسة الخارجية هذه أيضًا إلى زيادة الخلافات السياسية بين التحالف الحاكم والمعارضة، حيث تواصل تركيا استضافة ملايين اللاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان.

وتروج المعارضة، ولا سيما حزب الشعب الجمهوري، لفكرة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد اتفاق مع نظام "بشار الأسد"، الذي يعتبره حزب العدالة والتنمية كيانًا غير شرعي.

في حين أن أحزاب المعارضة الأخرى، مثل حزب "المستقبل" وحزب "الديمقراطية والتقدم"، لديها مناهج مختلفة تجاه قضية اللاجئين، فإن قضية اللاجئين سيكون لها تأثير كبير على نتيجة الانتخابات.


المصدر | سلجوق أيدين/ ميدل إيست آي

التعليقات (0)