أحمد طالب الأشقر يكتب: من الخوف إلى النجاح : كيف تكيف السوريون واندمجوا في بلدانهم الجديدة

profile
أحمد طالب الأشقر كاتب وصحفي سوري
  • clock 30 مارس 2023, 2:59:09 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

منذ بداية الثورة السورية، وبسبب تغير مجريات الأمور نحو الأسوء، فرّ ملايين السوريين من منازلهم بحثًا عن الأمان وحياة جديدة إلى البلدان المجاورة، بينما هاجر آخرون إلى أوروبا ودول أخرى؛ لقد شكل هذا النزوح الجماعي تحديًا غير مسبوق للمجتمع الدولي، لكن مرونة وتصميم السوريين أظهرت أنهم قادرون على التكيف والاندماج في بلدانهم الجديدة.

في هذه المقالة، سوف نتطرق لقصص بعض اللاجئين السوريين الذين اندمجوا بنجاح في مجتمعاتهم الجديدة، والدروس التي يمكن تعلمها من تجاربهم، والتحديات التي يواجهونها من الحواجز اللغوية والاختلافات الثقافية إلى التوظيف والتعليم، تسلط هذه المقالة الضوء على بعض الصعوبات و وعدد من النجاحات، وكيف استطاعوا المساهمة في بلدانهم الجديدة.


التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون

لقد مر اللاجئون السوريون ببعض أصعب التحديات التي يمكن أن يواجهها أي إنسان؛ لقد أُجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الحرب، تاركين كل شيء وراءهم؛ لقد اضطر هؤلاء اللاجئون إلى تحمل مغامرات خطيرة وظروف معيشية صعبة واضطراب في كامل مفاصل حياتهم؛ كما ويعد حاجز اللغة أحد أكبر التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون؛ قد يكون الانتقال إلى بلد جديد بلغة جديدة أمرًا صعبًا للغاية، خاصة عندما تكون لغة لم يسمعوها من قبل.

هذا يمكن أن يجعل من الصعب التواصل مع السكان المحليين والعثور على عمل؛ بالإضافة إلى ذلك، يواجه العديد من اللاجئين التمييز والتحيز في البلدان المضيفة الجديدة؛ غالبًا ما يُنظر إليهم على أنهم غرباء وغير مرحب بهم؛ يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالعزلة، مما يجعل من الصعب الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة.

يعاني العديد من اللاجئين السوريين من الصدمات ومشاكل الصحة النفسية بسبب تجاربهم في سوريا؛ يمكن أن يشمل ذلك اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق؛ لذلك من المهم التعرف على التحديات التي يواجهونها وتزويدهم بالدعم الذي يحتاجونه للتغلب عليها؛ مع المساعدة المناسبة يمكن لهؤلاء اللاجئين التكيف والاندماج في بلدانهم الجديدة وتحقيق النجاح.


قصص نجاح اللاجئين السوريين في التكيف مع البلدان الجديدة

على الرغم من التحديات العديدة التي تواجه اللاجئين السوريين أثناء انتقالهم إلى بلدان جديدة، هناك قصص نجاح لا حصر لها للسوريين الذين يتأقلمون ويندمجون في مجتمعاتهم الجديدة؛ لقد وجد العديد من اللاجئين حياة جديدة في أوروبا وأمريكا الشمالية و الجنوبية وأجزاء أخرى من العالم، واستمروا في بناء حياة ناجحة لأنفسهم وعائلاتهم.

إحدى قصص النجاح هذه هي قصة عائلة سورية استقرت في كندا؛ بعد وصولهم إلى حياة جديدة، وجدوا أنفسهم يواجهون عددًا من التحديات، بما في ذلك الحواجز اللغوية والاختلافات الثقافية والحاجة إلى على عمل؛ ومع ذلك، فقد عقدوا العزم على النجاح وعملوا بجد لبناء حياة جديدة لأنفسهم، بمساعدة عدد من  المنظمات المجتمعية، تمكنوا من العثور على عمل وتعلم اللغة الإنجليزية والاندماج في مجتمعهم الجديد؛ اليوم، هم  كنديون يشاركون بنشاط في مجتمعهم المحلي ويعملون بجد لرد الجميل للبلد الذي رحب بهم بأذرع مفتوحة؛ وهذه القصة معروفة في أوساط الإعلام بقصة معمل "سلام عبر الشوكلاتة" الذي أنشأه طارق هدهد وزوجته في زمن الكورونا عندما كان المستقبل مجهول.

قصة ملهمة أخرى هي قصة امرأة سورية تدعى "زكية عباس" هربت إلى تركيا مع عائلتها؛ بعد وصولها إلى تركيا، بدأت العمل كمترجمة وسرعان ما اكتسبت سمعة كمحترفة موهوبة وماهرة؛ وهي الآن مترجمة قد أسست لنفسها شركة للاستشارات والترجمة وقد بدأت أعمال الترجمة الخاصة بها؛ هذه مجرد أمثلة قليلة من القصص التي لا تعد ولا تحصى للاجئين السوريين الذين تغلبوا على الشدائد وبنوا حياة ناجحة لأنفسهم ولعائلاتهم في بلدان جديدة. على الرغم من التحديات العديدة التي يواجهونها، يواصل اللاجئون السوريون إظهار المرونة والتصميم والالتزام الثابت ببناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولمن حولهم.


استراتيجيات الاندماج الناجح

يمكن أن يكون الاندماج عملية صعبة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين نزحوا من أوطانهم بسبب الحرب والصراع؛ ومع ذلك، أظهر السوريون مرونة ملحوظة وقدرة على التكيف مع محيطهم الجديد. يمكن لاستراتيجيات الاندماج الناجحة أن تساعدهم على الشعور بأنهم في وطنهم في بلدانهم الجديدة والمساهمة في مجتمعاتهم الجديدة؛ تشمل بعض استراتيجيات الأكثر فعالية دروس اللغة وبرامج التدريب الوظيفي وبرامج التبادل الثقافي؛ حيث تعتبر  اللغة ضرورية لمساعدة السوريين على التواصل بفعالية مع جيرانهم الجدد وأصحاب العمل؛ تساعدهم أيضا برامج التدريب الوظيفي على اكتساب المهارات والخبرات اللازمة لتأمين العمل في بلدهم الجديد؛ يمكن لبرامج التبادل الثقافي أن تساعد السوريين على مشاركة ثقافتهم وتقاليدهم مع مجتمعهم الجديد، بالإضافة إلى التعرف على ثقافة وتقاليد بلدهم الجديد.

علاوة على ذلك، يمكن للدعم المجتمعي والمواقف الترحيبية أن تقطع شوطًا طويلاً في مساعدة السوريين على الاندماج بنجاح؛ عندما يشعر الناس بالترحيب والاندماج في مجتمعهم الجديد، فمن المرجح أن يزدهروا ويصبحوا جزءًا من نسيج مجتمعهم الجديد. الاندماج الناجح ليس مهمًا فقط للسوريين ولكن أيضًا للمجتمعات التي يستقرون فيها. عندما يندمج السوريون بنجاح، فإنهم يساهمون في تنوع وثراء مجتمعاتهم الجديدة، ويستفيد الجميع.


كيف يمكن للاجئين المساهمة في مجتمعاتهم الجديدة

يجلب اللاجئون ثروة من الخبرة والمعرفة والثقافة معهم عند وصولهم إلى بلدانهم الجديدة؛ يمكنهم المساهمة في مجتمعاتهم الجديدة بعدة طرق .. إحدى الطرق التي يمكن للاجئين المساهمة بها هي مشاركة ثقافتهم المميزة من خلال الطعام وأساليب العيش الفريدة ضمن بيئتهم الاجتماعية ماقبل الحرب. يمكن أن يساعد ذلك في جلب ثقافة جديدة إلى المجتمع وزيادة فهم وتقدير الثقافات المختلفة؛ يمكن للاجئين أيضًا المساهمة في مجتمعاتهم الجديدة من خلال بدء أعمال تجارية ومهنية مبدعة، حيث يأتي العديد من اللاجئين بمهارات وخبرات في مجالات مثل الطبخ أو الخياطة أو النجارة.

يمكن أن يساعد بدء مشروع صغير اللاجئين على كسب لقمة العيش والمساهمة في الاقتصاد المحلي؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكن للاجئين المساهمة في مجتمعاتهم الجديدة من خلال التطوع بوقتهم ومهاراتهم. يمكن أن يشمل ذلك الدروس الخصوصية أو المساعدة في الأحداث المجتمعية كالرعاية للمسنين وغيرها أو تعليم لغتهم الأم.

من خلال التطوع، يمكن للاجئين مساعدة أنفسهم على الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة مع مساعدة الآخرين أيضًا. بشكل عام، لدى اللاجئين الكثير ليقدموه لمجتمعاتهم الجديدة ويمكن أن يكونوا مصدر قوة لمنزلهم الجديد إذا أتيحت لهم الفرصة للقيام بذلك.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)