أستاذ فلسفة سياسية مساعد بجامعة عدن يكشف لـ"180 تحقيقات" حيثيات البداية بشأن القضية الفلسطينية و خيارات الحل

profile
  • clock 20 يناير 2025, 8:01:42 م
  • eye 61
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الدكتور صالح طاهر سعيد

تحدث الدكتور صالح طاهر سعيد أستاذ الفلسفة السياسية المساعد بكلية الاداب بجامعة عدن عن القضية الفلسطينية  والتي هي قضية العالم كله.

 

قال طاهر في حديث خاص لـ"180تحقيقات" إن  القضية الفلسطينية لها بداية وتطور ونهاية، لم يتسبب في ولادتها لا الفلسطينيون، ولا حتى اليهود الذي کانوا يتمتعون بالمواطنة في دول قائمة تنتشر في كل أصقاع الأرض، فولادتها كان لها طابع عالمي وتطور نموها عالمي ونهايتها ينبغي ان تكون أيضاً عالمية، كما أن الوظائف المناطة بها عالمية لا تخص طرفيها أكثر مما تخص الدول الكبرى بأجنحتها المتصادمة، ناهيك عن استمرار وجود هذه الأجسام المتصادمة سيظل معتمداً على التغذية الخارجية، فبأي حق يستمر نزيف الدم الفلسطيني - اليهودي خدمة لمصالح غيرهم.

 

وتابع: لقد أظهرت حرب غزة البعد العالمي الإنساني لهذه القضية، رغم أن حرب غزة ليست معزولة عن ما سبقها وعن ما سيأتي بعدها أن ظلت القضية كما هي دون حل، والحل يبدأ بتغيير الرؤية الحالية للقضية وتوصيفها والنظر إليها بوصفها قضية تخص العالم كله ومؤسساته الشرعية، وحيثيات بداية القضية ينبغي أن تكون هي حيثيات إنهائها، خاصة وأن تلك الحيثيات بمجموعها كانت عالمية يختص بها الكل ولا تخص طرف أو جزء بعينه.

 

◄ما هي حيثيات البداية؟

 

1-تقرير المؤتمر الدولي لعلماء الاجتماع السياسي في دول أوروبا المقدم لرئيس وزراء بريطانيا هنري كامبل بانرمان في 1907م، الذي أوصي بزرع الجسم الغريب لفصل مشرق العالم العربي عن مغربه.

2- وعد وزير خارجية بريطانيا بلفور في 1917م بإقامة وطن قومي لليهود، ومن بين خيارات عدة كانت مطروحة لتحديد مكان هذا الوطن القومي المزمع، وقع الاختيار على فلسطين.

3- نظراً للصراع اليهودي - المسيحي المتجذر واستفحال الكراهية لليهود في العالم المسيحي وجدها من كان بيدهم القرار العالمي فرصة للتخلص من اليهود المنتشرين في العالم المسيحي، وكان الوعد بالوطن القومي لليهود مجرد غطاء لتحقيق هذه الفرصة، فدعمت معظم دول العالم المسيحي، بما في ذلك القوى الكبرى فكرة الوطن القومي لليهود. لتبدأ الهجرة الغير شرعية الجماعية ليهود أوروبا والعالم الى فلسطين على مدى سنوات النصف الأول من القرن العشرين. وبهذا المعنى كانت فكرة الوطن القومي البذرة، فيما كانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين النبتة والإعلان عن قيام دولة اسرائيل الثمرة التي أفضى إليها هذا المسار.

4- أرادت القوى الاستعمارية حينها من اختلاق دولة إسرائيل (الوطن القومي) ضرب عصفورين بحجر واحدة، تخلیص أوروبا من التواجد اليهودي من ناحية والاستفادة من تواجدهم في العالم العربي لتحقیق استمرار الهيمنة الغربية على العالم ودعم أهدافهم الاستعمارية في المنطقة العربية ومحيطها الإقليمي.

5- حدد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل في أول خطاب له بعد أن أصبحت إسرائيل دولة، أن إسرائيل أنجزت مرحلة تأسيس وجودها كدولة، ومن اليوم ستواجه مرحلة أخطر من مرحلة التأسيس هي مرحلة الحفاظ على البقاء. أعتمدت على أوروبا في مرحلة التأسيس، اما في مرحلة الدفاع عن بقاء إسرائيل لیس بوسعها مواصلة الاعتماد على نفس الحليف،ومن ثم على اسرائيل نقل تحالفها الاستراتيجي من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وأكد في حديثه لـ"180 تحقيقات" بأنه للوصول إلى فهم أعمق وأشمل لهذه القضية ومسارات حلها ينبغي أن ينطلق من حقيقة موقع الشعوب في البناء الإنساني، فالشعوب قواعد البناء الإنساني، وتمثل الأساس الذي تقوم عليه أعمدة الأمم وعلى التوازن بين الأمم يقوم البناء الإنساني كله ومؤسساته الشرعية، الأمر الذي يعني ان اي خلل يحدث في جزء. أو قاعدة من قواعد البناء الإنساني يسري تأثيره على استقرار الهياكل البنيوية للعام كله، على علاقاته الأفقية والرأسية وتختل الروابط والعلاقات بين الشعوب والأمم والكل الإنساني، و يتأسس مناخ خصب للصراعات والحروب وتتكشف هذه الحقيقة بكل تفاصيلها في الحالة الفلسطينية - الإسرائيلية. فمنذ اختلاق هذه القضية في النصف الأول من القرن العشرين أحدثت هذا الخلل ولم تتوقف الصراعات والحروب والتوترات المستمرة بأبعادها التي شملت حلقات البناء العالمي كله.

وأكد أن اليوم وبعد مرور أكثر من مئة عام على ولادة هذه القضية يبدو أن العالم بکل مكوناته الشعوبية أدرك هذه الحقيقة، وأدرك ان استمرارها تمثل تهديداً للاستقرار العالمي، وما الموقف التضامني الموحد لشعوب العالم الذي ظهر في حرب غزة بما في ذلك الموقف الشعبي داخل إسرائيل نفسها أظهر عالمية القضية وبعدها الإنساني. وظهر أيضاً انه حتى في الدول صانعة المشكلة التي كانت تعتقد بإمكانية محاصرة القضية داخل رقعة جغرافية محدودة عبرت عن تخوفها من اتساع نطاق الصراع وخروجه عن حدوده لیشمل المنطقة كلها وقد يتجاوز المنطقة العربية ليصل إلى أجزاء العالم كله وتتحول القضية الفلسطينية - الإسرائيلية الى بذرة تتسبب في إشعال حرب عالمية شاملة كون جغرافية المشكلة جغرافية تتقاطع فيها مصالح العالم كله. ومن ثم فإن المدخل الإنساني العالمي لحل القضية أصبح مدخل منطقي و ذو مصداقية.

ما هي خيارات الحل؟

 

هناك تشابه قوي بين ما حدث في جنوب أفريقيا بهجرة المهاجرين البيض من الغرب الى جنوب افريقيا الذين تجاوز عددهم خمسة ملايين في زمن الاحتلال الأجنبي وبمساعدته أقاموا نظام الفصل العنصري، وهجرة اليهود الغربيين إلى فلسطين وظهور إسرائيل بنظام يتشابه الى حد كبير من حيث المضمون بنظام الفصل العنصري، كما ان هناك تشابه آخر مع الهجرة الكبيرة من اوروبا واسيا وافريقيا الى امريكا واختلاطهم بالسكان الأصليين (الهنود الحمر) وظهور الدولة الأمريكية بأفقها الديمقراطي ودستور يحترم التكوين التعددي العرقي والديني الذي يتشكل منه النسيج الاجتماعي لسكانها.

◄ ما هي  التعقيدات والتشابك بأبعادها الداخلية والخارجية المحيطة بالقضية الفلسطينية؟

 

 التعقيدات والتشابك بأبعادها الداخلية والخارجية المحيطة بالقضية الفلسطينية تحدد المبادئ العامة لخيارات الحل:

 

1- مبدأ التخلي من قبل كل الأطراف عن الرؤى التاريخية للتعامل مع الوضع القائم.

2- تغليب البعد الإنساني لطرفي القضية على غيره من الأبعاد.

3- التعايش بين السكان داخل الدولة الواحدة وبناء نموذج جديد (عالمية الدولة).

4- مبدأ الأخذ بالنظام الديمقراطي لإدارة الدولة.

5- تسمية الدولة ينبغي ان يعكس المضمون الجديد للدولة.

  المطروح أربعة خيارات ثلاثة منها فشلت والرابع لم يجرب بعد:

-الخيار الأول-خيار الدولتين بحسب قرار التقسيم الصادر عن مجلس الأمن عام 1947م فشل.

-الخيار الثاني - خيار الدولتين بحسب القرارات الدولية على حدود 4 حزيران 1967م فشل.

-الخيار الثالث - خيار أوسلو والحكم الذاتي فشل.

-الخيار الرابع - خيار تهجير كل الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وإقامة الدولة الإسرائيلية على كامل الأرض الفلسطينية خيار فاشل.

 

وقال أمام كل هذا الفشل يبرز الحل الآخر - الحل الدولي الإنساني، خيار الدولة الاتحادية الواحدة، خيار الأخذ بالنموذج الأمريكي والجنوب إفريقي، إقامة دولة جديدة على حدود فلسطين السابقة لقيام دولة إسرائيل.

 

 يتألف النسيج السكاني الاجتماعي للدولة الاتحادية الجديدة:

-سكان غزة.

-سكان الضفة الغربية والقدس.

-اليهود العرب الذين انتقلوا من دولهم العربية إلى فلسطين.

-المهاجرين اليهود الذين قدموا من أوروبا وغيرها من بلدان العالم (اليهود الغربيين).

-الفلسطينيون الذين بقوا في مدنهم الأصليه داخل أراضي تقسیم 1947م و تقسيم 1967م.

-الفلسطينيون المهجرين والمنتشرين في بلدان العالم.

 واختتم حديثه أن هذا الخيار سينقل الحالة الفلسطينية - الاسرائيلية  من عامل صراع وانقسامات في العالم العربي والعالم إلى عامل استقرار وانسجام.  واستقرار الدولة الجديدة سيؤهلها لتصبح عضواً فاعلاً في النظام الإقليمي العربي، وسيضع نهاية لجعل المنطقة العربية منطقة صراع دولي وجعلها عامل استقرار وتعاون يعزز النظام الدولي ويحفظ السلم والأمن الدوليين و خلاصة القول لقد تراجعت الخيارات كلها الفلسطينية والإسرائيلية لصالح الخيار الثالث العالمي والإنساني.

التعليقات (0)