- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
"أسلمة" خطابات كليتشدار أوغلو.. هل تخلى عن العلمانية لمنافسة أردوغان؟
"أسلمة" خطابات كليتشدار أوغلو.. هل تخلى عن العلمانية لمنافسة أردوغان؟
- 13 أبريل 2023, 10:35:31 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أظهر المرشح الرئاسي لـ"تحالف الأمة" كمال كليتشدار أوغلو، مقاربة كبيرة تجاه الفئة المحافظة في البلاد، وبدت خطاباته تشمل تغييرات لا تعكس منهج حزب الشعب الجمهوري المعروف بعلمانيته.
والاثنين، شارك كليتشدار أوغلو بمأدبة إفطار أقامها حزب السعادة، لسفراء الدول الإسلامية، وأدلى بتصريحات أكد فيها على الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية.
كليتشدار أوغلو يتساءل: لماذا يتخلف العالم الإسلامي في القربن الـ21؟
وقال كليتشدار أوغلو، إن التطورات التي ظهرت في العالم الإسلامي بعد الإسلام مباشرة، فتحت الطريق إلى النهضة في العصور الوسطى، متسائلا: "لماذا يتخلف العالم الإسلامي، الذي حقق مثل هذه التطورات في العلوم والتكنولوجيا، عن الركب في القرن الحادي والعشرين؟".. يجب أن نتحقق من ذلك، ألم يقل الله تعالى في القرآن الكريم "أفلا تتفكرون؟"".
وتابع قائلا: "طريق استخدام العقل في الواقع، تعني اكتشاف معجزات الخالق، واكتشاف النعم التي يقدمها لنا.. وهذا هو جوهر العلم والتكنولوجيا، وهذا ما يكمن في جوهر العلم والتكنولوجيا، ويمكن للبلدان التي تتقدم بها أن تنقل ثقافتها إلى بلدان أخرى، علينا أن نعطي أهمية كبيرة للعلوم والتكنولوجيا في الجامعات".
وعرّج كليتشدار أوغلو إلى أهمية العلم والعلماء لدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مضيفا: "علينا أن نحقق العدالة لبلدنا وللعالم الإسلامي بأسره".
كليتشدار أوغلو يؤكد موقفه تجاه القضية الفلسطينية
كليتشدار أوغلو أشار إلى المأساة التي تمر بها فلسطين منذ سنوات، والحقوق التي سلبت من الفلسطينيين قائلأ: "إذا أردنا الوقوف إلى جانب الحق، علينا أن نكون بجانب فلسطين والقضية الفلسطينية، وإلا فإننا نرفض الإيمان الذي تعلمناه".
وتابع: "إذا كان الساكت عن الحق شيطانا أخرس، فإننا لن نصمت أمام الظلم، إذا كان هناك ظلم في مكان ما علينا أن نقف ضده.. والإسلام علمنا أن نكون على حق وعادلين".
وأضاف: "علينا أن نعمل من أجل تحقيق السلام في هذا البلد (فلسطين)، وتحقيق السلام في العالم الإسلامي، ولدينا هدف في منطقة الشرق الأوسط".
كليتشدار أوغلو يريد إنشاء منظمة السلام والتعاون في الشرق الأوسط
وأوضح: "الشرق الأوسط يعاني دائما من الألم والدم، لماذا؟.. لأن هناك ثروة تحت الأرض، والثروات يمكن أن تتحول إلى كارثة للبلدان، علينا تحقيق السلام والتضامن الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط، ويمكننا حل المشاكل الناجمة".
وتابع: "قررنا إنشاء منظمة السلام والتعاون في الشرق الأوسط. تركيا وسوريا وإيران والعراق لماذا لا تجتمع مع بعضها؟ لماذا لدينا وجهات نظر مختلفة في مواجهة ما يحدق في الشرق الأوسط؟.. يمكننا حل المشاكل ونجتمع ونبذل جهودا على الأقل لتخفيف معاناة الناس".
هل خطابات كليتشدار أوغلو مناورة أم تغيير؟
حزب الشعب الجمهوري شهد في عهد كليتشدار أوغلو تحولا كبيرا، واتجه من الخط الكمالي القومي إلى خط أكثر اعتدالا، وبدأ ينفتح باتجاه التيار المحافظ من جهة، والأكراد من جهة أخرى من خلال حزب الشعوب الديمقراطي.
وبدأ كليتشدار أوغلو، التقرب إلى المحافظين اليمينيين، مؤخرا، عبر طلب المسامحة، لا سيما من المحجبات اللاتي تم إدخالهن إلى غرف الإقناع (ليخلعوا حجابهن).
كما اعتذر زعيم المعارضة التركية عن أخطاء الماضي من خلال محاربة حزبه للحجاب، وتعهد في الأشهر الماضية بتقديم مقترح قانون يضمن قانونية وضع الحجاب في البلاد. لكن ذلك لم يكن كافيا لتغيير صورة حزبه لدى أهالي منطقة الأناضول.
وكان كليتشدار أوغلو سبق أن ظهر في صورة وهو يقرأ ترجمة كتاب "معالم في الطريق" للشهيد سيد قطب، كما كان على طاولته في المقطع الذي أعلن فيه تأييده لحماية حقوق المحجبات بالقانون؛ مسبحة وكتاب "أسس القومية التركية" للكاتب التركي الشهير ضياء كوك ألب صاحب نظرة التقارب بين القومية التركية والإسلام.
وكان حزب الشعب الجمهوري، والذي تأسس على يد مصطفى كمال أتاتورك، اتهم بممارسة سياسة تبتعد عن ثقافة المجتمع التركي، لا سيما المحافظة، واستقطب فقط النخبوية العلمانية، كما أنه فشل بعد ذلك في معالجة الانتهاكات التي سببتها حقبة "الحزب الواحد".
ومن ضمن التغيرات التي شهدها حزب الشعب الجمهوري، ضم شخصيات محسوبة على التيار المحافظ محسوبة على أحزاب تحالفت معه، ضمن قوائمه البرلمانية.
هذه الخطوات ليست الأولى من كليتشدار أوغلو، ففي عام 2014 تحالف مع حزب الحركة القومية الشريك الحالي لحزب العدالة والتنمية، ورشحا أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، لمنافسة أردوغان.
وكان إحسان أوغلو، شخصية يمينية محافظة، واضطر والده للهجرة إلى مصر هرباً من ظلم حزب الشعب الجمهوري، وانتخب نائباً في 2015، عن حزب الحركة القومية.
والأمر لا يقتصر على كليتشدار أوغلو، فقد برزت شخصيات داخل حزب الشعب الجمهوري، عملت على استقطاب الناخب المحافظ خلال الانتخابات البلدية، وعلى سبيل المثال افتتح رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش منصبه عام 2018، بأداء صلاة الفجر في مسجد "حجي بيرم" التاريخي قبل التوجه إلى مكتبه، كما جرى تداول صورة لرئيس بلدية بولو تانجو اوزجان وهو يقبل المصحف إلى جانب العلم التركي أثناء أدائه القسم في بداية عمله، أما أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول فقد ظهر أمام الكاميرات وهو يتلو سورة يس، في مسجد أيوب سلطان التاريخي، وتفاخره بأنه جاء من بيئة محافظة في مواقف عدة.
ورأى بعض المراقبين، أن الحزب المعروف بعلمانيته الشديدة منذ عصر مصطفى كمال أتاتورك قد بدل هويته لمنافسة خصمه الأقوى حزب العدالة والتنمية بخلفيته المحافظة.
محاولة مخلصة
المحلل السياسي التركي محمد خيري كرباج أوغلو، رأى أن تصريحات وتحركات كليتشدار أوغلو مخلصة، مشيرا إلى أنها بحاجة إلى المزيد من الوقت لإحداث تغيير اجتماعي لا سيما لدى أوساط في حزب الشعب الجمهوري.
وأضاف كرباج أوغلو في حديثه لـ"عربي21"، أن هناك بعض التوازنات داخل حزب الشعب الجمهوري، لا ترغب في هذا التقارب، وتراه غير ضروري، لكن كليتشدار أوغلو يعتبرها بداية سياسية مهمة اجتماعيا ليس في الداخل التركي فقط، بل أيضا للبلدان الإسلامية الأخرى التي تعاني من التفرقة.
وتوقع المحلل السياسي التركي أن يقوم كليتشدار أوغلو، بفتح آفاق جديدة مع بلدان وقوى الشرق الأوسط.
ولفت كرباج أوغلو المقرب إلى كليتشدار أوغلو، بأنه شخصية تتغير يوما بعد يوم للأفضل، وما قام به داخل حزب الشعب الجمهوري من تغيرات يعد تطورا كبيرا.
استهلاك انتخابي
الكاتب التركي إسماعيل ياشا في حديث لـ"عربي21"، رأى أن خطابات وتصرفات كليتشدار أوغلو هي مناورة لأنه ليست هناك مؤشرات تشير إلى تغيير في نظرة قادة حزب الشعب الجمهوري وأنصاره إلى المحافظين والعالم الإسلامي.
وأوضح ياشا أن الأكثرية من الداعمين لحزب الشعب الجمهوري ما زالوا يكرهون العرب والمحجبات، والتصريحات هي فقط للاستهلاك الانتخابي، بدليل أننا لم نر كليتشدار أوغلو وهو يصلي في المساجد، ولا يؤدي الصلوات الخمس أو الجمعة أو التراويح لأن ذلك يغضب أنصاره.
وأشار إلى أن خطابه في إفطار سفراء دول العالم الإسلامي كتبه الآخرون، وقام فقط بإلقائه أمامهم.
ونوه إلى أن تصريحاته تهدف إلى طمأنة الأحزاب اليمينية المحافظة في الطاولة السداسية، خاصة تلك الأحزاب التي ستدعو أنصارها إلى التصويت لصالح حزب الشعب الجمهوري، لأنها ستخوض الانتخابات ضمن قوائم الحزب.
وأوضح أن الأحزاب اليمينية المحافظة المنضوية تحت عباءة الطاولة السداسية، بحاجة إلى القول للناخب بأن حزب الشعب الجمهوري تغير، وتصريحاته فرصة لها لذلك، والناخب المحافظ الذي لا يدعم هذه الأحزاب الأربعة الصغيرة لا تنطلي عليه تصريحات كليتشدار أوغلو.
ورأى أن الناخب المحافظ لن يقتنع بأن كليتشدار أوغلو وحزبه قد تغير، بل أن هناك أنصارا من الأحزاب الصغيرة في الطاولة السداسية لن تصوت لصالح حزب الشعب الجمهوري، وربما يقاطع بعضهم الانتخابات.
ونوه إلى أن هناك تغييرا في بطانة حزب الشعب الجمهوري، ولكن ليس باتجاه التقارب مع الجميع، بل تم تصفية الوطنيين من الأتاتوركيين لصالح المقربين من حزب العمال الكردستاني وجماعة "غولن" والمنظمات اليسارية الطائفية.
ما أهمية الناخب المحافظ؟
وحول أهمية الناخب المحافظ في الانتخابات الحالية، أوضح ياشا بأن كافة المرشحين بحاجة إلى الحصول على نسبة من أصوات التيارات الأخرى غير تيار حزبه، ولذلك يحتاجون إلى أصوات الناخبين القوميين والمحافظين والعلمانيين والأتراك والأكراد.
وأضاف أن كليتشدار أوغلو يرى أن الناخبين العلمانيين مضمونون لصالحه، يسعى إلى الحصول على أصوات الناخبين القوميين والمحافظين.
وأكد أن التيار المحافظ في تركيا هو الأكثر شعبية ويتركز في الأحزاب اليمينية واليمين الوسط، ومناطق انتشاره تكمن في وسط الأناضول، إلى جانب الأكراد المتدينين في المناطق ذات الأغلبية الكردية.
وتشعر الغالبية العظمى من الناخبين الذين صوتوا لصالح التحالف الحاكم سابقا، بالقلق من فقدان المكاسب التي حققوها إذا وصل تحالف المعارضة إلى السلطة، كما أن "الناخبين المترددين" لا يمكنهم التحول إلى حزب الشعب الجمهوري الذي ما زال يضم في كتلته شخصيات تبدي كراهية للمحافظين والإسلاميين.