- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
أشرف الصباغ يكتب : محمود نسيم
لو كانت محمد كشيك لسه عايش، كان هايزعل جدا على وفاة محمود نسيم...
محمود كان عنده "بيبي فيس". وكان هادي ودمه خفيف وابن نكتة، وبيعمل إيفيهات بتعيش لعشرات السنين.
طبعا كونه شاعر وناقد مسرحي، ومثقف متنوع وموسوعي، أمر مفروغ منه، ودا كان أقل حاجة عنده.
ما تقدرش ماتحبش محمود نسيم اللي كان بيبقى قاعد هادي خالص، ومركز وماتقدرش تفهم أي حاجة من صمته
ولا من عينيه الطفوليتين، ولا من ملامحه الوديعة... بس كان دؤرم وبيسمع كويس وبيفكر بسرعة.
ولما كان يرد، كان بيرد بالمللي وبالمازورة. وممكن يعمل إيفيه يرد بيه، والإيفيه ينتشر ويقعد كام سنة ملتصق باللي اتقال عليه أو عليهم أو يفضل مرتبط بالموقف...
محمود كان نشيط جدا في إصدار مجلة "الثقافة الجديدة" في فترة الرجل العظيم الدكتور عبد المعطي شعراوي لما كان ماسك الثقافة الجماهيرية،
لما كان مقرها في شارع الجلاء، ولما كان اسمها مش "هيئة قصور الزفت الثقافة". كان عم محمد الجمال قاعد ليل ونهار بيستلم المواد، وكشيك زي النحلة بيلم مواد
وبيكتب أخرى، ومحمود بيكتب، وأنا وعشرات غيرنا، سواء بييجوا المجلة أو بيبعتوا شغلهم،
بنكتب وبنعمل ملفات والدنيا لطيفة ومساعدة. وكانت المكافأة بتتراوح بين ٢٠ و٣٨ جنيها على المادة...
كانت أيام حلوة اشتغلنا فيها مع بعض، وسافرنا مع بعض في رحلات الشتاء والصيف بتاعة الثقافة الجماهيرية لمتابعة مسارح ومهرجانات الأقاليم...
محمود نسيم كان بيسكن في أماكن كتير ومختلفة زي كل أبناء الجيل ده. مكانيتش صعلكة بقدر ضيق ذات اليد، وإن اللمة حلوة
وأهو ٤٠ أو ٥٠ نفر يعيشوا مع بعض في شقة، فبرضه تبقى ونسة ودفا. المهم بس مايتلموش مرة واحدة مع بعض،
لأن صاحب البيت أو صاحبة البيت هايبلغوا مجلس الأمن الدولي والإنتربول والأمن المركزي...
محمود عاش شوية في النعام. جنبنا في حلمية الزتون. وجنب شعبان يوسف. وكان متواجد وحاضر في وسط البلد
شفته آخر مرة سنة ٨٧، أو ٨٩. وعرفت إنه حصل على الدكتوراه، وبقيت اتابعه من بعيد...
وفي أغسطس ٢٠٢٠ كنت جاي من السفر، وعرفت إنهم عاملين ندوة في حزب الزفت التجمع للشاعرة الموهوبة والواعدة رضا أحمد،
وكانت حصلت على جايزة حلمي سالم. غيرت اتجاهي من البيت واتجهت للندوة، اختصارا للوقت والمجهود والفلوس
ولقيت حبايب بالهبل، وناس ماشفتهومش من ٢٠ و٣٠ سنة... الدكتور شاكر عبد الحميد (ودي كانت آخر مرة اشوفه فيها)،
والدكتور حسن طلب ومحمود قرني وأمل جمال ورضا أحمد ومصطفى طاهر وزيزي شوشة وسامح فايز وعلي عطا (متأسف إذا كنت نسيت حد)...
المهم، بعد السلامات والتحيات، وعدم المصافحة والامتناع عن البوس والأحضان، لقيت عينين اتنين بيضحكوا بشكل عجيب من فوق الكمامة.
وأدركت في لحظة إنهم عينين حد مش غريب، وإنما حد ملعون وجن مصور وبيختبرني.
وطلع طبعا محمود نسيم اللي كان بعد حوالي ٣٥ سنة محافظ على البيبي فيس والعينين البريئة الضاحكة دائما والقلقة دائما والهادئة دائما...
هزرنا كالعادة، وافتكرنا شوية إيفيهات من بتوع زمان، وسخسخنا من الضحك. وكالعادة، قولنا لازم نبقى على تواصل... ومشينا..