- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
أيمن الرفاتي يكتب: الضربة العسكرية لإيران.. تعقيدات خيارات حكومة بينيت وعجزها
أيمن الرفاتي يكتب: الضربة العسكرية لإيران.. تعقيدات خيارات حكومة بينيت وعجزها
- 1 ديسمبر 2021, 9:17:36 ص
- 584
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بنفَس طويل وخطى ثابتة، تواصل الجمهورية الإسلامية فرض معادلة معقدة أمام "إسرائيل". في المقابل، يجد كيان العدو وحكومة بينيت أنهما عاجزان عن تحقيق اختراق أمام الجمهورية الإسلامية التي لم تعد قوتها وقدرتها الداخلية والخارجية في الإقليم كما كانت في السابق.
التطوّر الكبير الّذي حققته إيران في المنطقة خلال السنوات الأخيرة أمام "إسرائيل" عقّد الخيارات أمام الأخيرة؛ فخيارات الحرب باتت غير محسوبة العواقب، في ظل محور مقاومة يمتلك قوة وتأثيراً كبيراً في المنطقة، وتتفاعل كل مكوناته مع مختلف الأحداث المرتبطة به، فيما يتعقَّد المشهد أمام المستويات السياسية والأمنية والعسكرية في "إسرائيل" حيال ترك الإيرانيين والاشتباك معهم بحرب أمنية وسيبرانية غير كافية.
وبشكل أوسع، المعادلة التي فرضتها إيران على "إسرائيل" خلال الفترة الأخيرة تجعل من الصعب على الأخيرة الذهاب نحو خطوات حمقاء فجة ضد الجمهورية الإسلامية، إذ إنَّ الرد عليها سيكون تجسيداً لأسوأ سيناريو يمكن أن تتوقعه وتتخوف منه جميع المستويات في "إسرائيل"، فهذه الحماقة يمكنها أن تكون الشرارة التي تفجر حرباً متعددة الجبهات عليها، تستخدم فيها مختلف الأدوات العسكرية، وعلى رأسها منظومات الصواريخ التقليدية والدقيقة، إضافةً إلى الطائرات المسيرة من دون طيار وغيرها من الأدوات العسكرية.
تكمن خطورة سيناريو شن هجوم عسكري على البرنامج النووي الإيراني في أنه قد يضع "إسرائيل" أمام خطر وجودي، تبدأ أقل سيناريوهاته بردع قاسٍ للعدو وكسر هيبته وإضعافه بشكل كبير، وصولاً إلى مرحلة إزالته بشكل كامل من الوجود.
لقد نجحت الجمهورية الإسلامية على مدار عقود في التصدي لاستفزازات "إسرائيل" بشكل فعلي، فيما واصلت برنامجها النووي الذي شهد نقلات نوعية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بينما فشلت "إسرائيل" في كسر فواعل القوة التي صنعها الإيرانيون داخلياً وخارجياً، الأمر الذي زاد المعادلة تعقيداً أمام حكومة الاحتلال.
مؤخّراً، باتت "إسرائيل" تشعر بأنها عاجزة عن فعل شيء أمام الجمهورية الإسلامية، فالجهود الأمنية والاستخبارية والسيبرانية غير كافية، الأمر الذي دفع بيني غانتس إلى التصريح بأن "إسرائيل" تطوّر قدراتها على توجيه ضربة عسكرية إلى إيران تستهدف برنامج طهران النووي، وهو التصريح نفسه الذي يُفهم منه اعتراف غير مباشر بعجز سابق في القدرات الإسرائيلية عن ضربها، إما نتيجة ضعف في القدرة العسكرية، وهذا ربما مستبعد، وإما نتيجة ضعف في الخليط الجيوسياسي والعسكري المحيط بمثل هذه العملية، وهو المرجّح.
السؤال الصعب الذي يعجز عنه بيني غانتس: كيف يمكن لـ"إسرائيل" أن تطور قدراتها لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، من دون أن يكون لهذا الأمر ارتدادات خطرة على الكيان الإسرائيلي ومستقبله في المنطقة؟ وبناء عليه، ما دامت "إسرائيل" لا تمتلك قدرة دفاعية كافية لمواجهة حرب متعددة الجبهات، فالحديث عن الضربة يصبح أكثر تعقيداً في الحسابات لدى حكومة الاحتلال.
رغم تصريحات بيني غانتس، تتالت الاعترافات الإسرائيلية باستمرار العجز العسكري أمام إيران، أبرزها ما قاله دبلوماسي إسرائيلي مؤخراً لصحيفة "معاريف"، حين أقرّ بخطأ "اعتقاد إسرائيل السابق بأنها تستطيع منع إيران من التحول إلى دولة نووية"، موضحاً: "في التسعينيات، اعتقدنا أنه يمكن منع إيران من التحول إلى دولة على عتبة النووي، عبر دمج الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، وهو ما لم يحصل. يجب الفهم أن إيران دولة على عتبة النووي بكل الأشكال. حتى الهجوم لن يغير ذلك".
ومن أبرز التصريحات أيضاً ما جاء به رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت لإذاعة "103 أف أم" الإسرائيلية، حين قال: "إسرائيل لا تملك خياراً عسكرياً فعلياً ضد إيران. منذ 10 سنوات، كنت أعتقد أنَّ الأموال التي تخصّص للخيار العسكري والاستعدادات له كانت هدراً لمليارات كثيرة من الدولارات على أمر لا فرصة له للنجاح من البداية. إسرائيل لن تقود معركة عسكرية واسعة ضد إيران. كان الهدف من كل التحضيرات والتهديدات إخافة الأميركيين، فنحن متعلقون بالولايات المتحدة أكثر من أي جهة أُخرى".
في قراءة أخيرة للمشهد، يمكن الفهم جيداً أن إيران استطاعت خلال السنوات الماضية رسم خطوط حمر خطرة جداً أمام "إسرائيل". هذه الخطوط أفرغت كل التهديدات الإسرائيلية من مضمونها، حتى بات ثابتاً أنّ أيّ ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران ستكون أخطر فعل يمكن أن تقدم عليه "إسرائيل" في تاريخها ومستقبلها.