- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
إحراق مدن الضفة الغربية... "فتية التلال" ليسوا وحدهم
إحراق مدن الضفة الغربية... "فتية التلال" ليسوا وحدهم
- 24 يونيو 2023, 4:58:23 ص
- 388
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يتكرر مشهد اعتداء المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وإحراق منازلهم ومركباتهم، بين الفينة والأخرى. اعتداءات وتيرتها تتزايد بقيادة عصابات المستوطنين، بمن فيهم المجموعة الإرهابية التي تُسمى إسرائيلياً "فتية التلال"، على الرغم من أن أعضاءها يضمّون مستوطنين من أجيال مختلفة، ولا يتوانون عن قتل وإحراق الفلسطينيين وطردهم، وكل ذلك برعاية رسمية.
المشاهد المخيفة في ترمسعيا وحوارة وسنجل، ومناطق مختلفة في الضفة الغربية، في الأيام الأخيرة، ونشر الرعب بين سكانها، خصوصاً في شمالها ووسطها، ليس بفعل "فتية التلال" فقط، وإنما عصابات تحظى بدعم حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها الوزير في وزارة الأمن، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي هو نفسه كان من مجموعة "فتية التلال" الاستيطانية.
"معاريف": جهات في الأجهزة الأمنية اعترفت بفشل قوات الأمن بمنع هجمات المستوطنين
وشهدت السنوات الأخيرة ازدياداً كبيراً لعدد المنتمين إلى مجموعة "فتية التلال"، ومن يحملون فكرها، بحسب تقارير إسرائيلية سابقة. وتعيش هذه المجموعة كسائر المستوطنين حالة "نشوة" في ظل حكومة تعزز الاستيطان وتصعّد استهداف الفلسطينيين.
ويُطلق اسم "فتية التلال" على مجموعة من الشباب اليهود المتطرفين جداً، ويسكنون في مستوطنات وبؤر استيطانية أو مزارع ووحدات استيطانية معزولة. وعلى الرغم من إطلاق اسم "فتية" عليهم، فإن غالبيتهم في الواقع في عمر 20 عاماً فما فوق. وعادة ما ينخرط جزء كبير منهم باعتداءات على الفلسطينيين. وكان "فتية التلال" ضالعين بأكثر من 308 اعتداءات من هذا النوع عام 2021، صنّف "الشاباك" ثمانية منها بأنها عمليات إرهابية.
وُلد اسم هذه المجموعة الإرهابية، من دعوة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرئيل شارون، عندما كان وزيراً للخارجية في عهد حكومة بنيامين نتنياهو عام 1996، لإحباط عملية السلام واتفاقية "واي ريفير". وقال شارون في خطاب في مركز "الليكود" وقتها: "اركضوا واستولوا على التلال. تلة بعد الأخرى. يجب التحرك والجري، والاستيلاء على أكبر عدد من التلال" (في الضفة الغربية المحتلة). ووجدت دعوة شارون تجاوباً من قبل عدد كبير من المستوطنين الشباب لفرض أمر واقع. ويذكر أن جزءاً من "فتية التلال" هم من أبناء الجيل الثاني في المستوطنات، وجزءا آخر من الشباب المتدينين من المدن الكبيرة ومناطق أخرى.
وأشارت تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى أن مجموعة "فتية التلال" ستنفّذ عمليات انتقامية ضد الفلسطينيين، خصوصاً أن اثنين من أصل أربعة مستوطنين قُتلوا بعملية إطلاق النار التي وقعت قرب مستوطنة "عيلي" يوم الثلاثاء الماضي هما من صفوفها، بالإضافة إلى الدعوات العلنية لمهاجمة الفلسطينيين.
لا تدابير لمنع الهجمات
وعلى الرغم من ذلك، لم يتخذ جيش وشرطة الاحتلال التدابير اللازمة لمنع الهجمات. بل بحسب شهادات سكان فلسطينيين كانت قوات الاحتلال تؤازر المستوطنين وتحميهم، علاوة على تنفيذها اعتقالات بحق الفلسطينيين.
ومن شأن استمرار الاعتداءات صب المزيد من الزيت على النار المشتعلة أصلاً في الضفة الغربية، الأمر الذي قد يقود إلى تصعيد لا يرغب الاحتلال في بلوغه، على الرغم من تراخيه في التعامل مع المستوطنين في هذه المرحلة. وذكرت صحيفة "معاريف" أمس الجمعة، أن "جهات في الأجهزة الأمنية اعترفت بفشل قوات الأمن" بمنع هجمات المستوطنين، خصوصاً في ترمسعيا. وأشارت الصحيفة إلى "القلق الكبير" لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مما يحدث.
ونقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم إنه "عندما يشارك المئات في هذه الأعمال الخطيرة والجرائم القومية الخطيرة، والتي يشكّل جزء منها أعمالاً إرهابية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فإنه لا يمكن مواصلة القول إن الحديث يدور عن فتية تلال متمردين. واضح جداً أن شباباً آخرين لا ينتمون لفتية التلال، ضالعون في الأحداث أيضاً".
ونقلت الصحيفة أقوال جهات أمنية لم تسمّها بأن "الشاباك لديه الدعم المطلق للعمل ضد هؤلاء الشباب (المستوطنين)، وأن الأسابيع القريبة المقبلة ستشهد تركيزاً للجهود في هذه القضية". وعلى الرغم من هذه التصريحات، فإن المشاهد على أرض الواقع مختلفة، إذ تواصل هذه العصابات إرهابها من دون ردع حقيقي من قبل قوات الاحتلال، فيما يقف الفلسطينيون دفاعاً عن بيوتهم وعائلاتهم، من دون امتلاكهم الحد الأدنى من وسائل الدفاع عن النفس.
وانتشر مقطع فيديو، يوم أمس الأول الخميس، يظهر ملثمَين، قالت القناة 13 الإسرائيلية إنهما من "فتية التلال" من مستوطنة "يتسهار"، وهما يخرجان من مسجد في قرية عوريف الفلسطينية ويدنسانه ويمزقان المصحف. وحذّرت القناة 13 من أن مثل هذه المشاهد قد تشعل الوضع.
كما لفتت إلى مقاطع فيديو إضافية، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مجموعة من المستوطنين يتنقّلون في شوارع قرية ترمسعيا ويحرقون منازل السكان ومركباتهم، من دون أي تواجد لجيش وشرطة الاحتلال.
تخاذل الاحتلال في ردع المستوطنين
وتعزز هذه الرواية تخاذل الاحتلال ومؤسساته، العسكرية والأمنية والسياسية، في ردع المستوطنين. بل حتى الصحافي المتطرف في القناة 13 تسفي يحزكيلي، عقّب على اقتحام المسجد في عوريف وإحراق المصحف وتخريب مدرسة في البلدة، قائلاً: "هذه ليست أول مرة وهذا أمر خطير. عادة كانت تدخل جهات فلسطينية وإسرائيلية للتهدئة عندما يحدث أمر من هذا النوع، لكن اليوم هذه الجهات غير موجودة، والأمر قد يتدهور في ظل مستوى الاحتكاك الكبير الحاصل" (حتى قبل هذه الواقعة).
قوة من جيش الاحتلال تلغي عملية عسكرية
وذكرت القناة 13 الإسرائيلية عبر موقعها الإلكتروني، أمس الجمعة، أن جهود جيش الاحتلال ستكون موزّعة نهاية هذا الأسبوع، "بين الجهد للحفاظ على الأمن من الإرهاب في شمال الضفة من جهة، والتعامل مع العنف وأعمال الشغب التي يمارسها يهود ضد الفلسطينيين من جهة أخرى".
موران شيرير: قادة المشاغبين يجلسون بأنفسهم في المجلس الوزاري المصغر
ولفتت القناة إلى أن قوة من جيش الاحتلال ألغت، مساء أمس، عملية عسكرية كانت تنوي تنفيذها في الضفة الغربية ونُقلت للعمل على منع نشاطات المشاغبين اليهود، الذين ينفذون أعمالاً إرهابية في الضفة الغربية.
ونقل موقع "والاه" الإسرائيلي، يوم الأربعاء الماضي، عن النائب في الكنيست الإسرائيلي جلعاد كريف (حزب العمل)، قوله إن "أعمال الشغب التي يقوم بها مئات المستوطنين في قرية ترمسعيا، والتي تشكّل خطراً على الفلسطينيين واليهود، هي نتيجة مباشرة لقيام حكومة إسرائيل بغض البصر عن عنف فتية التلال. إذا لم يتم كبح ظاهرة الانتقام هذه عن طريق تطبيق القانون من قبل الجيش والشرطة، فسنرى المزيد من إراقة الدماء".
دولة متعطّشة للدماء تقودها عصابة
في سياق متصل، قال الكاتب والناقد موران شيرير، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الأربعاء الماضي، إن "الجيش يسمح للمستوطنين بالخروج على القانون، (عبر) قطع الكهرباء عن القرى الفلسطينية وارتكاب مذابح وإحراق بيوت. من يجرؤ على العبث معهم؟ إنهم جماعات بوغروم (بهذه الحالة جماعات إسرائيلية ترتكب مذابح وهجمات جماعية ضد الفلسطينيين) بغطاء عسكري".
وأضاف الكاتب أن "قادة المشاغبين يجلسون بأنفسهم في المجلس الوزاري المصغر. إسرائيل دولة فقدت شخصيتها البشرية". وتابع أن من "يقود دولة إسرائيل ليس حكومة تقوم بواجباتها، ولكن عصابة. عصابة مكوّنة من فاسدين ومجرمين وفتية تلال وبلطجية يحرقون حوارة وعوريف، وانتهازيين تفكيرهم ضحل، وانفصاليين متطرفين غير ملتزمين تجاه الدولة ويعاملونها على أنها صرّاف آلي". وتابع أن "هذه العصابة تجرنا الآن إلى حملة عسكرية واسعة لأن هناك تعطّشاً للدم".