- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
إسلام أبوبكر يكتب: “قبل الطوفان الآخر …!”
إسلام أبوبكر يكتب: “قبل الطوفان الآخر …!”
- 6 نوفمبر 2023, 1:57:38 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ظل رصد حالة من الرفض الإعلامي والسياسي والنيابي في الولايات المتحدة للأحداث الجارية في فلسطين المحتلة بعد طوفان 7 أكتوبر الماضي -الذي تحل شهريته بعد أيام- بتنديد إعلامية MSNbC للإنفاق الأمريكي على الدعم الإسرائيلي ومعارضة السيناتور الاشتراكي التقدُّمي بيرني ساندرز للأوضاع الراهنة في غزة.
علاوة على تهديد المسلمين الأمريكيين الرئيس الأمريكي چوزيف بايدن بعدم الدعم في الانتخابات القادمة 2024 حال استمرار الأوضاع في غزة على النحو الجاري.
يلوح في الأفق حالة من الغضب الجماهيري في الداخل الأمريكي. وفي استطلاع للصحيفة الشهيرة "ذا هيل الأمريكية"، قال الناخبون الذين تحدثت معهم الصحيفة إنهم يشعرون بالخيانة والغضب وخيبة الأمل إزاء الطريقة التي وقف بها بايدن بثبات مع إسرائيل على الرغم من قصفها لغزة.
ومع استمرار ماكينة الحرب الإسرائيلية الغاشمة الماجنة، يُستدعى النظر إلى النقاط التالية:
◾️ما لم تعي أمريكا ووكلائها أن إسرائيل قد أصبحت عبئًا وبطاقة سحب، وليس ائتمانية أو ميزة تفضيلية أو شريكًا إستراتيجيًا لإقحامها كفزًّاعة في الشرق الأوسط، وأن ارتفاع منسوب الأصوات الرافضة للدعم الأمريكي -غير المشروط- للاحتلال في التعامل مع غزة، ستصبح دليلًا دامغًا على إخفاق المؤسسات الأمريكية في تقدير الموقف الراهن على الأرض.
◾️دولة الكيان المشتتة الآن تسببت في جرّ الولايات المتحدة لساحة حرب غاطسة بأبعاد تاريخية أيدولوچية -غير مرحلية- تفوق حروب العراق وأفغانستان.
◾️إسرائيل حكومًة وشعبًا قد أصابتها متلازمة الهلع؛ نتيجة صدمة نفسية كبرى تقترب من شعور ذكرى النكبة والهولوكوست -قد لا تنجو من مداواتها سريعًا- بسبب فداحة تكبيل حماس بذراعها العسكري والإعلامي لخسائر تفوق خسائر 2014
◾️معطيات ونتائج التقارب العربي والآسيوي الإسرائيلي، وتعاظم دور تل أبيب في العمق الأفريقي، ومناطق النفوذ الصيني الروسي، قد أرتطمت بحائط حيوي يسمى خلق حالة الهياج الشعبي والتذمُّر -خاصة العربي- من تفاعل حكَّامها مع القضية.
عندئذ يقتضي على تمثال الحرية أن يضبط عقارب ساعته على لدغة قريبة قد لا يُحمد عُقباها ليست على الداخل الأمريكي، ولكن على المنطقة بأسرها.
استمرار الحرب في غزة
يعد استمر الحرب انتصارًا لإيران وللمقاومة الفلسطينية وللشعوب العربية، وتلقين لفداحة هزيمة دولة إسرائيل المزعومة، وجرس إنذار وفرصة ثانية لإدراك حكَّام وشعوب العرب لترتيب الحسابات، وإعادة خارطة التوازنات. وأن الخاسر الأكبر بعد إسرائيل هم بعض قادة العرب، الذين انكشفت عورات مصالحهم أمام شعوبهم. بالإضافة إلى كونه تحذير لأوروبا بأن معاداة السامية لا تنسحب على إسرائيل أو قاداتها ولكن الأعراف الدولية والقيم الإنسانية في بلادها.
يُصبح الوضع الراهن قُبلة حياة للجماعات الجهادية والعسكرية -غير المدعومة غربيًا أو عربيًا- لتحل محل عصابات داعش الإرهابية والتنظيمات الجهادية، التي لم تُشترك بمقطع أو شعار أجوف للأحداث الجارية في المنطقة حتى على سبيل "المناكفة العسكرية". هذا وقد برز دورها -رُغم غيابها- في توجيه فوهات أسلحتها لدمار الشعوب وليس مواجهة إسرائيل. ليؤول في النهاية إلى سياق مُهيَّجًا لموجات غير محسوبة لاحتجاجات عارمة في مختلف ربوعها.
◾️رسالة لقادة الدول العربية:
فرِّقوا بين عدو التاريخ الجغرافي الديني الأيدولوجي، وبين العدو المرحلي وبين مآلات التقارب المذهبي والتقارب البراجماتي!
◾️رسالة للغرب وأوروبا:
انزعوا فتيل الأزمة بانسحاب كامل من المنطقة عسكريًا وبتفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية، وتحسَّبوا لطوفان شعبي غاشم قد يأكل للخضرة واليابس؛ ما لم تُمارسوا الموضوعية في التعامل مع القضايا الدولية !
◾️رسالة للداخل الإسرائيلي:
يجب أن يعي الشعب الإسرائيلي أنه قد أصبح على المحك بأزمة وجودية تقترب من لعنة العقد الثامن تستدعي إعادة تقييم عدة مفاهيم أهمها "معاداة السامية" و "الحرب الدينية"، خاصة مع بروز عدة براهين منها حدة التعامل مع اليهود المُطالبين بوقف الحرب في غزة، ومن ثم، فإن الأمر مرهون بمدى استيعاب استمرار أو الإطاحة باليمين الديني المُتطرِّف، وبأن الأمر داخليًا قد فاق قضايا فساد نتنياهو، وأزمة التعديلات الدستورية علاوة على أنه قد خسر معركته عسكريًا ونفسيًا وسياسيًا أمام إرادة الشعب الفلسطيني، مثلما خسر دعم غالبية الجماهير الإسرائيلية، والتي باتت تدعو إلى رحيله وفقا لاستطلاع قناة ١٣ الإسرائيلية قُدر بحوالي ٧٦٪. أما تسويغ آلة الحرب المستعرة بلا شك ستلد جنينها من خاصرته!
مع الأخذ في عين الاعتبار إلى حجم الخسائر الإسرائيلية، والتي تقدر بحوالي 30 مليار شيكل -حتى كتابة هذه السطور- ووصول عجز الموازنة إلى 3.5% في عام 2023 ويُرجَّح وصولها 5% في العام المُقبل. وانخفاض الإيرادات بأكثر من 70%؛ نتيجة تضرر الشركات الصغيرة وتضرر ألف قطاع للإنشاءات.
وهذا يجعلنا ندرك السبب وراء تصريحات كبير الاقتصاديين بشركة الاستثمار الإسرائيلية "ميتاف" ،أليكس زبينسكي، في أن أضرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، سيكبدها أكثر من 70 مليار شيكل (18 مليار دولار)، وهو ما يشكل حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي.
◾️رسالة ثانية للقادة العرب:
الديمقراطية -التوازن والفصل بين السلطات- احترام حقوق الإنسان وفتح منافذ للحُريَّات، هي الحلول الوحيدة لأي أزمة راهنة أو مفتعلة. والأجدر من ذلك التخلي عن خلق مناخ المؤمرات -المُفتعلة-، لأنها هُراءات لمكاسب سياسية ستزول بزوال السبب!
لاسيما وأن السياق الإقليمي والدولي قد أصبح مواتيًا لنشوء حالة من الصدام -غير المألوف- مع القيم الغربية وأذرعها، ولن يتبق في المشهد سوى عودة موجات ارتدادية لن تتمكن الإدارات من مقاومتها للأسف. الأحداث الراهنة في الشرق الأوسط وغزة، في مجملها رسالة تحذير، وفرصة، تستدعي استيعاب وتقدير لخطورة المرحلة الراهنة.