إسلام الغمري يكتب: ترامب في عين العاصفة.. هل يشكل نهجه تحديًا للعالم الإسلامي والقضية الفلسطينية؟

profile
إسلام الغمري الغمري نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية
  • clock 10 مارس 2025, 3:32:01 م
  • eye 429
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ترامب

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، يثير كتاب مايكل وولف الجديد “كل شيء أو لا شيء: كيف استعاد ترامب السيطرة على أميركا” تساؤلات ملحة حول تأثير سياساته على العالم الإسلامي والعربي، ولاسيما القضية الفلسطينية. الحوار الذي أجرته صحيفة “هآرتس” مع وولف في 7 مارس 2025 يكشف عن شخصية ترامب كرئيس يفتقر إلى الاهتمام بالسياسة الخارجية، ويركز على تعزيز مكانته الشخصية. فهل يمثل هذا النهج تحديًا حقيقيًا للأمة الإسلامية والعربية؟ وكيف يمكن مواجهته؟


وفقًا لوولف، يرى ترامب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كـ”ديناميكية مملة”، ولا يهتم بإسرائيل أو غيرها إلا بقدر ما يخدم ذلك أجندته الشخصية. في ولايته الأولى، قدم دعمًا لافتًا لإسرائيل عبر نقل السفارة إلى القدس وتسهيل “اتفاقيات أبراهام”، لكنه، كما يؤكد وولف، لم يكن مدفوعًا برؤية للسلام، بل برغبة في تعزيز صورته. هذا النهج يضع القضية الفلسطينية أمام تحدٍ كبير: رئيس أمريكي يتجاهلها أو يستغلها كورقة دعائية دون سعي لحل عادل.


حجم هذا التحدي يتفاقم بسبب موقف ترامب من السياسة الخارجية عمومًا. يشير وولف إلى أن ترامب يعتمد على “هيبته” كأداة ردع، مدعيًا أن هجوم 7 أكتوبر 2023 لم يكن ليحدث في عهده بسبب “خوف” الأطراف منه. لكن هذا المنطق يعكس سياسة قائمة على التهديد لا الدبلوماسية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة بدلًا من تهدئتها. بالنسبة للعالم الإسلامي والعربي، يمثل هذا تهديدًا مزدوجًا: تجاهل قضاياهم المركزية، ودعم غير مشروط لإسرائيل قد يعزز سياساتها التوسعية.


علاقة ترامب بنتنياهو تضيف تعقيدًا آخر. رغم دعمه السابق لنتنياهو، يحمل ترامب ضغينة شخصية ضده بسبب تهنئته لبايدن في 2020، مما قد يجعل تعاونهما في الولاية الحالية مشروطًا بالولاء الشخصي. هذا الوضع قد يضعف موقف الفلسطينيين أكثر، إذ لن يجدون في ترامب وسيطًا نزيهًا، بل حليفًا محتملاً لسياسات إسرائيلية متشددة.


فكيف يمكن للعالم الإسلامي والعربي والفلسطيني مواجهة هذه التحديات؟ أولًا، يتطلب الأمر تعزيز الوحدة الإسلامية والعربية لمواجهة سياسة ترامب العشوائية. وولف يصف ترامب بأنه لا يملك أيديولوجية ثابتة، مما يفتح المجال للضغط الدبلوماسي المنظم من دول المنطقة لفرض قضاياها على أجندته. ثانيًا، يجب على الفلسطينيين تعزيز صمودهم الداخلي ودعم الرواية الفلسطينية عالميًا،

 

 مستغلين تجاهل ترامب للتفاصيل لكسب تعاطف الرأي العام الدولي. ثالثًا، ينبغي للدول الإسلامية والعربية البحث عن حلفاء خارجيين، كأوروبا أو الصين، لموازنة النفوذ الأمريكي في ظل قيادة ترامب.
في الختام، يمثل نهج ترامب، كما يكشفه كتاب وولف، تحديًا كبيرًا للعالم الإسلامي والعربي والقضية الفلسطينية، لكنه ليس تحديًا لا يمكن التغلب عليه. إن غياب رؤية استراتيجية لدى ترامب قد يكون نقطة ضعف يمكن استغلالها عبر التنسيق والصبر الاستراتيجي. الكتاب ليس مجرد تحليل سياسي، بل دعوة لفهم الشخصية التي تقود أقوى دولة في العالم، وللتحرك بحكمة لمواجهة تداعياتها.

التعليقات (0)