معن بشور يكتب: العاشر من نيسان من فردان إلى الأوزاعي ومن الضاحية إلى الطريق الجديدة

profile
معن بشور مفكر وكاتب سياسي لبناني، الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي
  • clock 10 أبريل 2025, 2:34:53 م
  • eye 499
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

أحداث ثلاثة ارتبطت بالحدث الكبير في العاشر من نيسان عام 1973، حين نفذت مجموعة صهيونية بقيادة إيهودا باراك عملية في قلب العاصمة اللبنانية بيروت (شارع فردان)، أدّت إلى استشهاد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد يوسف النجار (أبو يوسف) وزوجته، والعضو الآخر في اللجنة التنفيذية والناطق الرسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية كمال ناصر، وعضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) كمال عدوان، وكانت العملية يومها رداً حسب إدعاء تل أبيب على عملية (ميونخ) في أيلول عام 1972، حيث نفذ مقاومون فلسطينيون عملية فدائية ضد الفريق الإسرائيلي المشارك في العاب الأولمبياد.


الحدث الأول الذي لم يجري التركيز عليه هو المواجهة التي شهدتها محلة الأوزاعي  اي ساحل الضاحية الجنوبية، حيث نفذت مجموعة صهيونية عملية تسلل بحرية استهدفت ما زعم الصهاينة أنها قاعدة بحرية  لحركة (فتح)، وأدّت تلك المواجهة إلى استشهاد بطلين من برج البراجنة هما موسى ناصر، وشقيفه الطالب الجامعي يوسف ناصر، اللذين خرجا بسلاحهما الفردي ليتصديا للمجموعة الصهيونية، وكانا من أوائل شهداء الضاحية الجنوبية على طريق فلسطين ودفاعاً عن لبنان وهو الطريق الذي شهد أعداداً كبيرة من أبناء الضاحية الشهداء، لاسيّما خلال العدوان الصهيوني إثر ملحمة "طوفان الأقصى".


الحدث الثاني الذي لم ينل نصيبه من الاهتمام أيضاً، هو المواجهة التي حصلت في منطقة الفاكهاني في الطريق الجديدة، حيث كان مقر قائد الثورة الفلسطينية الرئيس الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار)، والذي كان مستهدفاً بتلك العملية، وجرى يومها اشتباك أدّى إلى تدمير مبنى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بالإضافة إلى ارتقاء عدد من الشهداء حتى يمكن القول أنه في تلك الليلة قد امتزجت دماء فلسطينية بدماء لبنانية ودماء أبناء بيروت، بدماء أبناء الضاحية الجنوبية وهو أمر لا يريدون التركيز عليه.


أما الحدث الثالث الذي لا يقل أهمية عن عملية فردان ومواجهات الأوزاعي والطريق الجديدة، فهو ما جرى في تشييع القادة الفلسطينيين الثلاث وسط العاصمة، حيث صلي على النجار وزوجته وعدوان في الجامع العمري الكبير، وصلي على كمال ناصر في الكنيسة الإنجيلية الوطنية واحتشد المشيعون في ساحة رياض الصلح القريبة من المسجد والكنيسة وحيث تمّ نقل الجثامين إلى مدافن الشهداء.


كانت الجنازة بالطبع ضخمة، لكن اللافت فيها هو مشاركة قادة ما يسمى آنذاك با"ليمين" اللبناني وهم الراحلون الرئيس كميل سمعون، والعميد ريمون إدّة، والشيخ بيار الجميل والذين تمت دعوتهم من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وأذكر يومها أن الشهيد أبو عمار قال لي بعد الجنازة "الله يستر" لن يسمح أعداء لبنان وفلسطين لهذه المشاركة أن تمر دون رد للإيقاع بين لبنان والثورة الفلسطينية، ولم يخطىء القائد الفلسطيني في توقعاته، فبعد أيام استقال رئيس الحكومة الراحل صائب سلام احتجاجاً على عدم إقالة قائد الجيش آنذاك العماد اسكندر غانم، متهماً إياه بالتقصير في مواجهة العدوان، ثم جرى اشتباك في 2/5/1973، في محلة الكولا بين عناصر من الجيش اللبناني ومقاتلين فلسطينيون، وبدأ لبنان يشهد سلسلة من الأحداث  المتلاحقة التي أدّت إلى اشتعال الحرب اللبنانية في 13 نيسان عام 1975.


إن استعادة هذه الأحداث اليوم ضروري لكشف عدّة أمور أولها أن العدو لم يحترم يوماً سيادة لبنان وعاصمته، وأنه لا يحتاج إلى ذريعة لعمليات في العمق اللبناني، كما أنها تكشف وحدة اللبنانيين بكل مكونات مجتمعهم مع القضية الفلسطينية، كما تكشف أيضاً حقد أعداء لبنان على كل ما يوحد اللبنانيين، بل يوحدهم مع إخوتهم العرب والفلسطينيين.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)