إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: حرب غزة بين مناورات نتنياهو و التلعثم العربي

profile
  • clock 1 مارس 2025, 4:29:18 م
  • eye 35
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
أرشيفية

وسط حالة من التلعثم العربيّ تمثّلت بالصمت المطبق الّذي لفّ قمّة الرياض المصغّرة الّتي ضمّت مصر والأردنّ ودول التعاون الخليجيّ، وتأجيل القمّة العربيّة في القاهرة، يواصل ترامب سعيه للاستيلاء على غزّة وتهجير أهلها، حيث نُشِر بهذا الخصوص فيلم أُنْتِج بواسطة الذكاء الاصطناعيّ على الشبكة المسمّاة "الحقيقة الاجتماعيّة".


الفيلم يظهر فيه ترامب ونتنياهو يتسكّعان في بركة أحد الفنادق الفخمة، وذلك في إطار إظهار كيفيّة تحوّل غزّة من ركام إلى منتجع سياحيّ تنتشر فيه المطاعم والراقصات وأشجار النخيل والشمس الذهبيّة على غرار دبيّ، ميامي أو سنغافورة الشرق الأوسط، بعد إخلائها من سكّانها الفلسطينيّين.


في غضون ذلك،  يسعى نتنياهو إلى إتمام استعادة الأسرى الإسرائيليّين وتجديد حرب الإبادة بنسختها الترامبيّة الّتي سيناط بها تنفيذ مخطّط التهجير المذكور، يستغلّ الاحتلال الإسرائيليّ التفويض الأميركيّ الممنوح من زعيم "العالم الحرّ" لتهجير سكّان المخيّمات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة، حيث نجح، حتّى الآن، باقتلاع 40 ألف فلسطينيّ من مخيّمات جنين ونور شمس وطولكرم، وهو يتّجه جنوبًا نحو مخيّمات نابلس وبيت لحم والخليل، وذلك في أوسع عمليّة تهجير منذ عام 1967، تهدف إلى تدمير "المخيّم" وإنهاء قضيّة اللاجئين والقضاء على حقّ العودة.


وفيما أنهى تسليم جثث الإسرائيليّين الأربعة وإطلاق سراح 640 أسيرًا فلسطينيّ و بذلك أنهى المرحلة الأولى من الاتّفاق، يحاول نتنياهو جاهدا في عمليّة استغباء للفلسطينيّين وفصائل المقاومة، كما يسمّيها الكاتب كوبي نيف في هآرتس، يحاول التهرّب من المرحلة الثانية أو التنصّل من استحقاقاتها المتمثّلة بالانسحاب وإنهاء الحرب، وفي هذا السياق جرى الإعلان رسميًّا أنّ إسرائيل لن تنسحب من محور فيلادلفيا الّذي من المفترض أن يبدأ في اليوم الـ 42 للصفقة المصادف السبت، وينتهي في اليوم الـ 50 كما نصّ عليه الاتّفاق.


ويسعى نتنياهو إلى تمديد المرحلة الأولى أو خلق مرحلة بينيّة ينجح خلالها بالحصول على أكبر عدد من الأسرى الأحياء، حتّى لو كان مقابل زيادة أعداد الأسرى الفلسطينيّين المفرج عنهم، ليتسنّى له بعد ذلك استئناف الحرب وتحقيق الأهداف الّتي فشل في تحقيقها حتّى الآن في القضاء على حماس وسلطتها العسكريّة والمدنيّة في القطاع، والحفّاظ بذلك على ائتلافه الحكوميّ بمنع انسحاب سموترتش واستعادة بن غفير.


نيف تساءل في مقال نشرته "هآرتس"، لم على حماس مواصلة تنفيذ مراحل الاتّفاق الموقّع معنا، طالما نعلن سلفًا أنّنا سنقوم بعد تنفيذ الاتّفاق بقتلهم واحدًا واحدًا، ولا نترك لهم أيّ ذكر؟ وأنّنا سنقوم أيضًا بتهجير مليوني فلسطينيّ وإلقائهم إلى الجحيم، وأضاف قائلًا، هل تعتقدون حقًّا، حتّى بعد ما فعلوه بكم في السابع من أكتوبر، أنّهم أغبياء إلى هذه الدرجة، أغبياء مثلكم، حتّى يبتلعوا هذا الطعم، الّذي يقوم نتنياهو وقاذوراته بإعداده عن قصد بهدف تفجير الاتّفاق والعودة إلى الحرب واستعادة بن غفير حتّى بثمن التفريط بحياة باقي الرهائن؟


ويبدو أنّ التنصّل من الاتّفاقيّات ونقض المعاهدات هي عادة إسرائيليّة لم يخترعها نتنياهو وإن قام بتعزيزها، وجعلها أكثر فظاظة، فقد نقض في الآونة الأخيرة اتّفاق وقف إطلاق النار مع لبنان الّذي عقد برعاية أميركيّة، ويقضي بالانسحاب الإسرائيليّ الكامل من الجنوب، كما نقض اتّفاقيّة فضّ الاشتباك من سنة 74 مع سورية، واحتلّ أراض إضافيّة واسعة من الجولان السوريّ وجبل الشيخ، كذلك نقض اتّفاقيّات كامب ديفيد الموقّعة مع مصر وملحقاتها من سنة 2005، واحتلّ محور فيلادلفيا الّذي يصرّ على عدم الانسحاب منه حتّى بثمن تفجير صفقة التبادل والتضحية بالأسرى الإسرائيليّين.


ويبدو أنّ النجاح في الإبقاء على احتلال أراض في جنوب لبنان واحتلال أراضي إضافيّة في سورية، هي بقدر ما شكّلت حافزًا لنتنياهو للبقاء في محور فيلادلفيا، تعتبر جزءًا من عودة إلى الاستراتيجيّة الإسرائيليّة السابقة الّتي كانت تقضي بإقامة أحزمة أمنيّة على جبهاتها الحدوديّة مع سورية ولبنان فيما يعتبر البقاء في محور فيلادلفيا ليس فقط إحكامًا للسيطرة في غزّة بل هو حزام أمنيّ مع مصر أيضًا.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)