- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: حرب غزة والحلم الصهيوني
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: حرب غزة والحلم الصهيوني
- 22 نوفمبر 2023, 11:09:57 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحرب التي يشنها ساسة إسرائيل وجنرالاتها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ليست فقط رداً على عملية "طوفان الأقصى"، وليست فقط حرباً ضد حركة "حماس"، أو من أجل "اجتثاثها"، بل تنحدر بشكل رهيب، ومبيّت له، إلى نمط من القتل الجماعي والإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة. إنها حرب إبادة محكومة بعقلية فاشية بربرية، فَقَد من يشنها ضميره الإنساني.
والمخزي هو أن ينحدر ساسة الولايات المتحدة، وعدد من ساسة دول أوروبا، إلى ذات المستوى اللا إنساني، عبر وقوفهم إلى جانب كل ما تفعله إسرائيل وجيشها، وتأييدهم حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، سواء من خلال المجازر، أو عدم فعلهم أي شيء حيال منع إسرائيل الماء والغذاء والدواء والوقود عن أكثر من مليونين ونصف إنسان في قطاع غزة، فضلاً عن سياسة التهجير القسري العلنية، وذلك على الرغم من أن أولئك الساسة يعون جيداً، أن كلاً من الإبادة الجماعية والتهجير القسري هي جرائم وفق القانون الدولي، وعار أخلاقي دائم في جسد الإنسانية، ولا يوجد على الإطلاق أي ما يبرر ارتكابها بحق الفلسطينيين.
إنها بربرية اليمين العنصري الحاكم في إسرائيل، التي لم يتوان يوما عن ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني و حرمانه من مقومات الحياة، ومن سلب أراضيه المحتلة لإقامة المستوطنات. والتي تظهر اليوم بوصفها استمراراً للعقلية البربرية المتوحشة لساسة إسرائيل الذين لم يتوقفوا عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين طوال عقود عديدة دون أن يسالهم أحد ، وتنهل هذه العقلية اللا إنسانية من وحل العقيدة الصهيونية القائمة على اتباع نهج التطهير العرقي، وتشريد الفلسطينيين من بلادهم، واحتلال ما تبقى من وطنهم.
وما الحرب التي تشنها إسرائيل في أيامنا هذه على قطاع غزة، تحت مسمى "السيوف الحديدية"، إلا استكمال لحروبها العدوانية التي لم تتوقف ضد قطاع غزة، منذ تنفيذ خطة فك الارتباط عام 2005، وتندرج تحت ذات العقيدة الأمنية لساسة إسرائيل وجنرالات حربها، التي تبيح لهم التصرف كما يحلو لهم، رافعين شعار "كل شيء في الحرب مباح"، الذي يبررون تحت يافطته استخدام جيشهم قنابل الفوسفور الأبيض في قصف المناطق السكنية في قطاع غزة، واستهداف الفلسطينيين بشكل عشوائي، وقطع الكهرباء والماء والوقود والطعام عنهم، ومنع وصول كافة السلع إليهم، وبالتالي، لن يكترثوا بمناشدات المؤسسات الأممية والحقوقية، الداعية إلى وقف سياسة العقاب الجماعي حيال سكان غزة.
غير أن ذلك كله، لا يعني عدم اتخاذ موقف من الحرب الإسرائيلية، أو بالأحرى إدانتها بوصفها عدواناً سافراً على الشعب الفلسطيني، أتى على أعمار آلاف الأطفال والنساء والرجال، وأصاب بشراً في أجسادهم، وأدمى نفوسهم، بهدف إبادتهم، وتحويل غزة إلى ركام من الدمار بلا حجر او بشر.
ولا يخفى أيضاً أن الشرارة الأولى كانت جراء عملية "طوفان الأقصى" التي قتلت وأسرت إسرائيليين، وأن الرد الإسرائيلي ليس موجهاً ضد الحركة، وداعميها في ما يسمى محور المقاومة، بل ضد المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ بل تعداه ليتحول إلى حرب إبادة تحيل الشعب الفلسطيني إلى كتل بشرية لاجئة في بلادها وخارجها، فيما تمادت الإدارة الأميركية في تزكية العدوان ودعمه، عبر دعم إسرائيل بالسلاح والمال، والسعي إلى تنفيذ خطتها الرامية إلى تفريغ قطاع غزة، تمهيداً لرمي الفلسطينيين إلى صحراء سيناء، فجاء وزير خارجية الولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، لتسويق فكرة تدشين "ممر آمن" بين قطاع غزة ومصر، وباتجاه وحيد نحو مصر، بحيث يفضي إلى تهجير المدنيين الفلسطينيين من القطاع إلى شمال سيناء، تمهيداً لإفراغه من أهله، وتحويلهم إلى لاجئين في مصر.
وقد بدأت إسرائيل، بالفعل، بإجبار سكان شمالي غزة بالنزوح إلى جنوبه، حيث لا مأوى فيه ولا ماء ولا غذاء، وبما يشكل خطوة في اتجاه التهجير نحو مصر، وبالتالي، فإن كل ذلك يكشف أن ساسة إسرائيل بمختلف انتماءاتهم اليمينية العنصرية والدينية، لا يفترقون في التطرف عن عناصر تنظيم "داعش"، فضلاً عن أنهم حوّلوا إسرائيل إلى دولة يهودية، تقوم على نهج الفصل العنصري، بل والداعية إلى محو قطاع غزة عن الأرض أو تخلص منه بالقنابل النووية واستكمال ذلك في الضفة الغربية و كل عموم فلسطين التاريخية و تحقيق الحلم الصهيوني بدولة يهودية خالصة من البحر الى النهر.